سرعان ما تتحول الرحلة ذات الدقائق العشر الى مسيرة الساعة الواحدة... ولو كان الأمر في بلد كبير لكان مفهوماً، اما والحال في بلد صغير مثل البحرين، ومعظم المناطق متكدسة في الجهات الشمالية، فإن الأمر يستدعي مراجعة الأسباب.
أعمال الطرق تعتبر ظاهرة صحية بحد ذاتها لأنه تعني أن هناك من يعتني بالشوارع العامة، لكن أن تتواصل أعمال الطرق لفترات طويلة وتعكر المواصلات في مناطق محورية، مثل الجفير والعدلية وسار والدبلوماسية والسيف وغيرها، فإن الأمر يدعو إلى التفكير في حلول أفضل على المستوى البعيد. فالبحرين كانت أفضل بلد خليجي في التخطيط قبل عقود مضت، لكننا اليوم نرى أن مناطق حيوية (مثل المذكورة أعلاه) تعتبر نماذج سيئة للتخطيط.
كيف يعقل أن توجد لدينا مناطق سيئة التخطيط مثل الجفير وشارع المعارض والدبلوماسية، وحتى السيف، وهي المنطقة الجديدة إذ أصبحت عرضة للتعطيل لأن هناك حاجة إلى مد أنابيب أو توصيلات أساسية، في حين أن المفترض من هذه المناطق الجديدة أن تحتوي على كل متطلبات البنية التحتية الحديثة.
وفي الوقت الذي يرتفع فيه مرفأ البحرين المالي الى الأعلى كل يوم، فإن الجميع ينتظر كيف ستكون المداخل والمخارج الى المرفأ... وكيف ستقوم الحكومة بمعالجة الأمر بحيث لا تتعطل الحياة اليومية للمواطنين. وهناك حالياً مشروع استراتيجي آخر بالقرب من المرفأ، وهو «خليج البحرين»، وبحسب المعلومات المتوافرة حالياً، فإن هناك استعدادات استفادت من كل الأخطاء الماضية، ونأمل في أن نشهد تأسيس «المنامة الجديدة» بأسلوب جديد ومختلف عن الأسلوب المتخلف الذي استخدم في شارع المعارض والدبلوماسية والجفير.
إن هناك حاجة إلى استراتيجية واضحة تعتمد على توافر البنية التحتية المخططة بصورة حديثة، ونحن موعودون بأن تعمل شركة «سكيديمور» على اعداد المخطط الهيكلي الاستراتيجي لما تبقى من مناطق البحرين. لكننا نحتاج أيضاً إلى مخطط لما هو موجود حالياً، لأن ما تبقى ليس بالكثير، وما هو موجود مازال يكرر الأخطاء المترتبة من انعدام التخطيط السليم.
الكثير من المشروعات العقارية الكبرى تم إعلانها أخيراً، لكن لا توجد أجوبة شافية عن استعدادات البنية التحتية لاستيعاب هذه المشروعات الكبرى. فهل ستكون كل منطقة قائمة بذاتها، ولها بلديتها الخاصة بها مع كل امداداتها الكهربائية والمياه ومياه التبريد والمجاري والهواتف والخطوط الإلكترونية السريعة وغيرها من الخدمات، أم أن الدولة ستتحمل ذلك؟ وفي كلتا الحالين: هل سيتكرر إغلاق الشوارع في المناطق المكتظة والحيوية كما نشهده حاليا في مناطق عدة؟
مع التطور العمراني وتطور ما هو متوافر من خدمات، مثل المياه المبردة، فإن الشركات الخاصة أيضاً تدخل على الخط، وهي أيضاً تحتاج إلى أن تعطل الطرق من أجل اكمال إمداداتها... وهذا كله سيضغط على المواطنين أكثر أثناء العمل في هذه المشروعات. ان كل ذلك يتطلب من الحكومة أن تسرع في دراسة كيفية التعامل مع متطلبات التنمية العمرانية، وهو أمر ليس بالمستحيل عندما تتوجه إليه الجهود بأسلوب يعتمد التخطيط السليم
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1381 - السبت 17 يونيو 2006م الموافق 20 جمادى الأولى 1427هـ