اليوم هو الخميس... ومباريات كأس العالم في كرة القدم والمقامة في ألمانيا ابتدأت منذ يوم الجمعة الماضي... يعني صار لها سبعة أيام، والباقي هو أربعة أسابيع... مباريات كأس العالم ونتائجها أصبحت حديث الساعة للغالبية من الرجال في المجتمع البحريني خصوصاً والمجتمع العالمي عموماً، المباريات تبدأ من الساعة الرابعة عصراً حتى منتصف الليل والرجال يشاهدونها كلها، ثم الصحف تنقل الأخبار بكل التفاصيل في اليوم التالي والرجال يقرؤنها سطراً سطراً، الله يعين الغالبية من الزوجات المسكينات اللاتي يجلسن على وجبة الإفطار ليستمعن إلى أزواجهن وهم يصفون مباريات الأمس ونتائجها، ولماذا خسر الفريق الفلاني وكيف ربح الفريق الفلتاني والتمريرات الخاطئة واللاعب الفلتة... والله يعين الأقلية من الأزواج المساكين الذين إذا أراد الواحد منهم فتح فمه بكلمة واحدة عن مباريات الأمس جاءته الصرخة من زوجته... بس عن الهذرة عاد، افطر وانته ساكت... يأكل فطوره بسرعة، ويذهب إلى عمله وهو عيونه تترقرق بالدموع... الزوجات طبعاً أنواع... فيه زوجة مستانسة على الآخر لأن الزوج الحبيب، واللي دائماً لاصق فيها وجالس على قلبها في البيت طوال اليوم، ولا يخرج إلا في ساعات العمل المفروضة عليه، أصبح الآن يخرج يومياً من العصر وحتى منتصف الليل لمشاهدة المباريات مع أصحابه، وهي أصبح عندها الوقت الذي تتنفس فيه شوي، وتستضيف صديقاتها في المنزل أو تمر عليهم في منازلهن وهي تصرخ... لوزين كأس العالم مرة كل ثلاثة شهور... وفيه زوجة ما عندها مانع أن الزوج يشوف المباريات، لكن الحبيب قاعد على قلبها في البيت، وماسك الرموت كونترول في يده، وحاط التلفزيون على قناة المباريات طوال الوقت، وهي يتقطع قلبها لأنها محرومة من مشاهدة البرنامج المفضل لديها... أوبرا برايت، ودكتور فال، وديل أور نو ديل، وكلام نواعم والمسلسلات...

في الوقت نفسه هناك زوجات قاسيات على الأزواج.. وحدة من الزوجات (تعمداً) أصرت على الزوج الحبيب لأخذها إلى السينما في عصرية يوم الجمعة الماضي، يعني راحت عليه أحلى لحظات افتتاح العرس الكروي الكبير، وهو مسكين رضخ للأمر الواقع مستسلماً ومقهوراً، لكنه أمام أصدقائه يلف الشوارب ويعمل نفسه غير مفتكر في حفل الافتتاح، وهو الذي أجبرها على الذهاب معه إلى السينما... عاد هذي كلام يصدقونه الرجال؟... وهناك نوع من الزوجات المسكينات في المنزل، لكنهن يفاشرن أمام الزوجات الأخريات بأن أزواجهن جالسين في البيت ولا يهمهم كثيرا مشاهدة مباريات كأس العالم، وهن (أي الزوجات) يتحكمن في تبديل قنوات التلفزيون... الزوجات الأخريات يسمعن هذا الكلام وهن يتبادلن النظرات، يعني عيارة...

هذه الحال ليست فقط في البحرين أو الدول المحيطة بها لكنها في غالبية دول العالم... غالبية الأزواج يريدون التفرغ لمشاهدة المباريات النهائية، وغالبية الزوجات يشتكين من الحرمان والصد والهجران من قبل الأزواج في هذا الوقت... لذلك يعرض الآن خبيران في مجال الطب النفسي في ألمانيا تقديم استشارات زوجية عاجلة للمتزوجين المتخاصمين، والذين تعتبر حياتهم الزوجية على حافة الانهيار بسبب بطولة كأس العالم لكرة القدم... وهذان الخبيران يؤكدان أن التجارب السابقة أثبتت أن الحوادث الكروية الكبرى غالباً ما تكون السبب الذي يؤدي إلى عودة ظهور الخلافات القديمة (سمعتوا، القديمة وليست الجديدة) بين الأزواج على السطح، لأن الزوجة دائماً ما تشعر بالغيرة من الأصدقاء الذين يأخذون وقت زوجها بالكامل ولا يبقى لها إلا القليل من الاهتمام...

المدة هي شهر بالتمام والكمال، ولو كان الزوج مسافراً إلى خارج البلد في عمل أو دورة دراسية طوال هذه المدة لما كان عند الزوجة أية شكوى، ولكن أن يكون في بلاده وأمام عينيها، ويأتي إلى منزله فقط للنوم فهذا غير مقبول أبداً، لكن ماذا تفعل الزوجة المسكينة غير أن تجلس لوحدها في المنزل وتضع طفيها على خديها وتقول: قدام عينيه وبعيد عليه، مكتوب لغيري وهو ليه...

الرجال القادرون على مشاهدة جميع المباريات في المنزل أو في القهوة مع الأصحاب يعتبرون من المحظوظين... أما الرجال الذين يجرجرون إلى السينمات أثناء إقامة حفل الافتتاح فنقول لهم، لا عزاء للرجال..