فيلعذرنا إخواننا التشكيليون عندما نضع علامة استفهام كبيرة عند أسمائهم مفادها هذا السؤال: أين انتم والأطفال؟
إنه مجرد سؤال ولكنه واضح وذو أبعاد كبيرة، سؤال يخفي الكثير من الشكوى والألم. وخصوصا أنك عندما تتصفح تاريخ التشكيليين في البحرين ستجده مليئا بأسماء كبيرة وفاعلة وذات حضور ملفت في المشهد التشكيلي العربي وليس في المشهد البحريني فقط ولا تجد من بينها الا نفرا نادرا اضطلع بهذه المهمة.
السؤال لم أتطرق اليه وانما أولياء أمور طالما ضجوا من أن حصيلة الطفل عندنا في البحرين ليست بشيء أمام ما يقدمه الآخرون فما يكتب للطفل قليل جدا وما يرسم للطفل يقوم على أسماء نادرة. وانه لسؤال يفتح شهية الملاحظ على مصراعيها ويستفز الكثير من الاجابات. ونحن نعلمها قبل أن يدلي بها التشكيليون: لا أحب أن أدخل في شيء لا أتقنه فالرسم للأطفال يحتاج الى دراية كبيرة وأنا غير مستعد لذلك. أو: هل أعود من جديد بعد هذا الحفر في الصخر لأرسم الى الأطفال. أو: وهل لدينا أطفال قادرون على استيعاب ما نرسم لهم.
أعذار كثيرة لكن المحصلة أن هذا النوع من الفن لدينا مهمش للغاية وليس له حضور. والطفل الذي نربيه ونعلمه في المدارس الرسم حتى اذا زرعنا فيه ذلك وأصبح شغله الشاغل كبر واستوى فنانا كبيرا فاتخذ ما اتخذه غيره من فن تشكيلي وادعى أن الرسم للأطفال لا يناسبه.
أمر لا يسر الخاطر أبدا أن تقول للتشكيليين البحرينيين: ألا يمكن القيام بمعرض فني يتوجه الى الأطفال يساهم فيه التشكيليون بأعمال موجهة للطفل؟ قد تبدو الصورة غير واضحة ولكن لو حفزنا هذا السؤال في عقول التشكيليين لأمكن أن تخرج الصورة بشكل أفضل. فكما أن هناك فناناً تشكيلياً يجمع مجموعة من أعماله التشكيلية ويعرضها في معرض شخصي وهو لا يتوقع أن يزوره الأطفال في معرضه. فيجب أن يكون لدينا فنان تشكيلي يحترف الرسم للأطفال فيجمع أعماله في معرض شخصي يحضره الأطفال. معرض قادر على اثارة مكامن الوعي لدى الطفل برسومات تنسج من عالمه هو ومن رؤاه.
ثم ألا يمكن القول إن غياب هذا الرسام المتخصص ساهم بدرجة أو أخرى في تأخر وعي وخيال الأطفال لدينا؟ لم أعنِ جميع الأطفال طبعا وانما عنيت أن هذه الرسوم المتخصصة والتي درج عليها الرسامون الغربيون منذ القرن السادس عشر حين عمدوا الى الرسوم فكيفوها وفق ما يتعاطاه ذهن الطفل كان لها فعل السحر في ذهن الطفل حين عمد بعض الرسامين الغربيين إلى توسيع ذلك من خلال النشر في الصحف ومطبوعات الأطفال من مجلات ودوريات وفي الأعمال التلفزيونية والسينمائية والمسرحية الموجهة. وكان يمكن أن يكون لها رديف عندنا يحسن الاستفادة منها في تنمية عقل الطفل البحريني وتوسيع مداركه
العدد 1378 - الأربعاء 14 يونيو 2006م الموافق 17 جمادى الأولى 1427هـ