نجلس نحن الكبار أحياناً و«نتطمّش» على الصغار، نرى أطفالاً تعوّدوا أن يكونوا الفائزين لوحدهم، ولكنهم يكونون في موقف لا يحسدون عليه إذا بدأوا اللعب مع أقرانهم، إذ تلعب «فطنة» أو «لعانة» بعض الأطفال دورها في هزيمة أولئك المتفوقين دائماً، وهنا «تقوم القيامة»، إذ لا يقتنع صاحبنا بأنه خسر، فيلجأ إلى افتعال المشكلات، والاعتراض على الحكم والقوانين، خارقاً كل شيء ليثبت أنه الفائز حقاً، لولا الحيلة.
هذه الصورة تحضرني بقوة وأنا أسمع أخبار فلسطين، إذ بعد فوز حماس في الانتخابات وإعلانها دخول العمل السياسي وُجدت الفرصة لاختبار شعارات حماس ومشروعها، إلا أن الطاولة انقلبت، بدءاً بالضغط الإسرائيلي الأميركي على حماس، إلى الصراع الداخلي، إذ يبدو أن «فتح» شعرت بالمهانة، فقررت أن تلعب دور الولد «الحمسان» (الزعلان)، وتفسد على حماس خططها، فهي لم تكن يوماً مؤتمرة، بل هي الآمرة دائماً. ويوماً بعد يوم نجد الصراع يتجدد حتى وصل إلى إراقة الدماء الفلسطينية - الفلسطينية... لن يختلف أحد على أن «فتح» ساهمت في التضييق على حماس لإفشال مشروعها، إلا أن سجل حماس لا يخلو من أخطاء، ولعل بيانها في نعي الزرقاوي كان ضربة قاصمة لمن يدافعون باستماتة عن حماس، ويؤكدون أنها على صواب دائماً. نأمل أن يوحد المصير المشترك المواقف، كما وحّدها بين الأسرى الفلسطينيين، وأن يعترف طرفا الصراع بأخطائهما، فالشعب «المنهك» لن يرحم، وهو يعيش بين قتل وجوع
العدد 1378 - الأربعاء 14 يونيو 2006م الموافق 17 جمادى الأولى 1427هـ