لن نبالغ إن وصفنا المرحلة التي نعايشها في وطننا البحرين في الآونة الأخيرة بأنها مرحلة «التناقضات»... فما يتناسب مع طبيعة عهد الإصلاح وما هو من المفترض أن يطبق بأي شكل من الأشكال أصبح حالياً يأخذ نغمة أخرى، إن لم تكن نغمات على غرار الصحافة والإعلام.
وقد يكون موضوع ومبدأ حق الإنسان في التعبير والنقد هو من «التابو»، أي الممنوع الذي لا يجب أن يسري حتى لا يتعارض مع حزمة القوانين عدا ذلك قانون الأحوال الشخصية للمرأة المعروف بأحكام الأسرة، فهو قانون يأتي في المرتبة الأخيرة وسهل التشكيل، إذ إنه في الغالب يعد أمراً مهمشا إن لم يكن ثانوياً لكثير من البلدان العربية.
ولعل مطالبة مجلس النواب البحريني بالتصديق على العهدين الدوليين (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية) تعتبر خطوة إيجابية، لكن في الوقت نفسه تعبر عن حال التناقض التي يعيشها بعض نواب هذا المجلس، إذ إن القائمين على مسودة قانون التجمعات العامة والمطالبين بالعهدين لا يعلمون حتى بأبسط مبادئ حقوق الإنسان ولا خلفية تشريعية في قوانين تحمي حقوق الإنسان.
فإحالة ملف قانون التجمعات العامة المعروف بــ (تعديلات القانون رقم للعام م) والذي صدق عليه مجلس النواب ورفعه إلى مجلس الشورى ليقوم بالتصديق عليه ومن ثم إقراره هو محل استغراب وتساؤل كون النواب الذين من المفترض أن يعبّروا عن صوت من انتخبوهم نجد بعضهم يتراقص مع أدوات الديمقراطية بالتصديق على مسودة قانون تعتبر معظم بنوده مخالفة لحقوق الإنسان.
ليس هذا فحسب، فالمادة () من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية قد وضعت بعض القيود التي تحمي جميع الأطراف بمن فيهم الممارسون للحق، ولكن قانون التجمعات العامة قام بتقييد حق التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير بقيود تجاوزت ما جاء في الاتفاق.
لن يكون قانون التجمعات الوحيد من جعبة هذه التناقضات، بل انه لمجرد الاطلاع على سجل مجلس النواب في فترة الأربع سنوات سنجد أن سلة إنجازاته قد اكتظت بما لذ وطاب من القوانين المنتهكة لحقوق الإنسان
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1378 - الأربعاء 14 يونيو 2006م الموافق 17 جمادى الأولى 1427هـ