في حواره مع رؤساء تحرير الصحف المحلية في مطلع فبراير/ شباط الماضي سئل جلالة الملك عن الجسر الذي سينشأ بين البحرين وقطر وإمكان تزود البحرين بالغاز القطري، فكان الجواب ان «الأمور الفنية استكملت، والعزم قوي لبناء الجسر بحيث يكون مفيداً للصناعة والتجارة، وسيكون شارعاً سريعاً يربط بين البلدين، والفكرة هي أن المواطن الذي يعمل هناك لا يحتاج إلى الانتقال للعيش، وإنما يستطيع الذهاب والإياب، وستكون هناك ترتيبات مخففة، وخصوصاً عندما تصل الجمارك بين البلدين إلى الصفر».
وأضاف جلالته «أما بشأن الغاز، فإن صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أبدى اهتمامه الكبير باحتياجات البحرين إلى الطاقة، وهو يدفع المؤسسات هناك إلى أن تدعم البحرين، وهذا ليس غريباً عليه، لأن البحرين وقطر بلد واحد، وأي تعاون انما يزيد الفرح بين الإخوان. إننا ننظر إلى جسر يربطنا ولا ننظر إلى الخسائر المادية، لأنه كان يربطنا أكبر من الكسب المادي».
وبعد أربعة أشهر تحقق موضوع الجسر، ونأمل أن يتحقق أيضاً موضوع إمداد البحرين بالغاز القطري جنباً إلى جنب مع هذا المشروع التنموي الذي سيغير الوجهة الاقتصادية لكلا البلدين. فمؤسسة الجسر التي أنشئت بحسب الاتفاق بين البلدين ستبدأ قريباً في استقبال عطاءات من الشركات العالمية، سواء كان لاستكمال الاستشارة أو للبدء في بناء معبر بحري طوله كيلومتراً، ومن المتوقع أن تبلغ كلفته ملياري دولار. ومن المتوقع جدًّا أن يشهد العام عبور السيارات بين الساحل الغربي الشمالي لقطر والساحل الشرقي للبحرين.
المشروع الاستراتيجي الآخر الذي نأمل إعلان موعد انطلاقه هو تزويد البحرين بالغاز القطري بهدف تلبية احتياجات البحرين المستقبلية من الغاز والطاقة، وهو ما سيسهل برامج التوسع في المشروعات الصناعية والتنموية إذ وضع مجلس التنمية الاقتصادية عدداً من الخطط لزيادة فرص العمل للمواطنين، مع رفع مستوى المعيشة من خلال إصلاح الخلل الهيكلي في سوق العمل.
العلاقات بين قطر والبحرين في طريقها إلى التجذر بشكل أكبر مما سبق، وهو توجه استراتيجي من شأنه أن يعزز الموقع التنافسي للبلدين، تماماً كما تعززت المواقع التنافسية للدول الأوروبية بعد دخولها في برامج اقتصادية موحدة، أدت إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ولم تقلل في الوقت ذاته من سيادة الدول الأوروبية على نفسها. فالاتحاد الأوروبي يمثل انموذجاً للتكامل الاقتصادي - الاجتماعي، الذي يمكن فصله عن البعد السياسي - العسكري، وبذلك تستفيد جميع المجتمعات الأوروبية من نمو الاقتصاد وتطور الحياة المعيشية.
الأمر ذاته بالإمكان أن يحدث في البحرين، فالاتحاد الاقتصادي سيؤدي في النهاية إلى تقريب السياسات الاجتماعية (الضمان الاجتماعي، حقوق العاملين الخ)، ولكن ليس بالضرورة أن يؤثر على الجانب السيادي، تماماً كما هو الحال في أوروبا. إن البحرينيين والقطريين لديهم من العلاقات المتداخلة أسريًّا، ومن الترابط الثقافي (العربي - الاسلامي) ما يمكنهم من تحقيق أنموذج عملي يسهم بشكل مباشر في ازدهار البلدين ويكرس المفاهيم والقيم التي طالما تحدث عنها جميع المخلصين في ظل أجواء من الأخوة والتفاهم
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1377 - الثلثاء 13 يونيو 2006م الموافق 16 جمادى الأولى 1427هـ