أصدر «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين» أمس بياناً أعلن فيه اختيار «ابو حمزة المهاجر» خلفا للزرقاوي، واذا صح هذا البيان فانه يؤكد أن قادة «القاعدة» في جبال تورابورا بأفغانستان هم من اختار او شارك في اختيار «المهاجر» الذي يدل اسمه على أنه ليس عراقيا، ولا من أولئك الاسماء التي تداولها الأميركان في خلافة الزرقاوي ممن امتلأت بهم لوائح الإرهابيين الصادرة في واشنطن والعواصم الغربية.
إن اختيار «المهاجر» خلفاً للزرقاوي يشير بوضوح إلى أن الفصائل العراقية التي تشكل مع «القاعدة» ما يسمى بـ«مجلس شورى المجاهدين» لا تمثل القرار الفعلي لهذا المجلس بقدر ما يمثله من سيكون قادراً على تمويل العمليات المسلحة.
مجلس شورى المجاهدين الذي تأسس من ثمانية فصائل سبعة منها عراقية قبل اشهر من الان يختلف في تركيبته واهدافه المعلنة مع الزرقاوي وطريقة تنفيذ عملياته الدموية، فهو وفقاً لبيانات معظم فصائله العراقية يقف ضد أساليب «القاعدة» في قتل المدنيين وقطع الرؤوس.
الخلاف داخل «مجلس شورى المجاهدين» على منهج القتل واستخدام طريقة الانتحار في تنفيذ العمليات ضد المدنيين كان كافيا لترشيح عراقي خلفا للزرقاوي، وخصوصاً أن عمليات القاعدة تجرى في العراق وهي بحاجة إلى شخص يفهم التركيبة الجغرافية والسكانية لأهله، إلا أن الواضح من اختيار «المهاجر» هو وجود تدخل مباشر من قادة القاعدة في أفغانستان أدى إلى قلب التخمينات التي كانت تشير إلى احتمال ان يتولى أبوعبدالرحمن العراقي أو «أبوالمصري» قيادة هذا التنظيم.
الواضح من أختيار «المهاجر» خلفاً للزرقاوي أن تنظيم القاعدة في أفغانستان غير مستعد لتسليم مصير (فرعه) في بلاد الرافدين إلى عراقي لم يقاتل في أفغانستان، وخصوصاً أن عدد العراقيين الذين شاركوا في معارك مع بن لادن والظواهري لا يتجاوز اصابع اليد معظمهم قتل أو أسر، وهي مجازفة قد تعتبر غير محسوبة لقادة التنظيم الذي لا يثق كثيرا بمن لم يقاتل معه في افغانستان.
إن مقتل الزرقاوي يعد ضمن الحسابات التنظيمية والعسكرية أقسى ضربة يتعرض لها تنظيم «القاعدة» منذ العام أي منذ سقوط نظام طالبان في أفغانستان حتى الآن، ومن المؤكد أن هذه الضربة دفعت قادة القاعدة إلى التدخل بشكل مباشر للحفاظ على «جبهتهم» في العراق المهددة بالانهيار، ولا يستبعد في هذا الإطار أن يستعد هذا التنظيم لتمويل عملية كبيرة في العراق أو خارجه لدعم العناصر المتبقية منهم بجرعة من المعنويات قد تغلف بالانتقام لمقتل الزرقاوي.
إن المعطيات التي تركها مقتل الزرقاوي واختيار «أبوحمزة المهاجر» خلفا له تؤكد بشكل واضح أن «القاعدة» في افغانستان اعاد سيطرته على «فرع الزرقاوي حتى اشعار آخر أو ربما إلى أن يجد التنظيم جبهة جديدة غير العراق الذي باتت السيطرة عليه مهددة بعد أن أبدت حكومة المالكي موقفاً جديّاً واضحاً لتضييق الخناق على «القاعدة» وعزله عن جميع الفصائل العراقية الأخرى
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1376 - الإثنين 12 يونيو 2006م الموافق 15 جمادى الأولى 1427هـ