العدد 1376 - الإثنين 12 يونيو 2006م الموافق 15 جمادى الأولى 1427هـ

النكسة العربية... في البطولات العالمية

سلمان بن صقر آل خليفة comments [at] alwasatnews.com

في هذه الأيام... الشارع البحريني خصوصاً، والشارع العربي عموماً، هم مشغولون بمتابعة نهائيات كأس العالم لكرة القدم... الصغير والكبير، العامل والعاطل، الوزير والسجين، كلهم مشغوفون بمشاهدة المباريات التي تجرى حماها على أرض ألمانيا الموحدة (ولأول مرة)... الذي يشاهدها في البيت مع العائلة، والذي يشاهدها في المقهى مع الأصحاب، والذي يشاهدها في السجون مع الزملاء والحراس، وفي وقت يمتد من الساعة الرابعة عصراً حتى الثانية عشرة بعد منتصف الليل..

الهوس بكرة القدم خصوصاً وبالرياضة عموماً، دفع أحد الأشخاص الذين أحبهم... وهو صديق عزيز ويكتب في صفحة رياضية لصحيفة محلية... دفعه إلى أن يطرح سؤالاً على القراء ويريد منهم الإجابة عليه، السؤال يقول: لماذا لا تحقق الفرق العربية نتائج قوية تخولها المنافسة في كأس العالم؟... وأنا أعتقد أن المقصود هو لماذا لا تحقق نتائج تجعلها قادرة على منافسة الفرق الأخرى في الحصول على كأس العالم؟... طبعاً إذا طرح سؤال مثل هذا، فإن البعض سيعتقد أن الجواب عليه سيكون فيه الكثير من الكلام عن السياسات الرياضية المتردية في البلاد العربية، أو عن تمكين وتركيز أناس لا يفهمون في الشئون الرياضية، أو عن عدم التفات المسئولين أصلاً.

من الممكن أن يحصل زميلنا الصحافي... الذي طرح السؤال للنقاش... على إجابات متنوعة وكثيرة من الجماهير البحرينية المهتمة بالشئون الرياضية، وبعض هذه الإجابات ستكون صحيحة وبعضها الآخر ستكون انفعالية تجاه أناس لا يحبونهم، أو هم يعتقدون أنهم المصيبة الرئيسية لنتائج الرياضات العربية في المحافل الدولية... ولكن يبقى الأهم، وهو هل نحن (جميع الدول العربية) باستطاعتنا أن نجاري الدول المتقدمة رياضياً، وننافسها للحصول على كأس العالم؟

الجواب السريع والصحيح والمعقول والمنطقي والذي يصدر حتى من دون ذرة غبار عليه هو: كلا... وكلا من الحجم الكبير جداً... وبدلاً من أن نقول (حسب أغنية قديمة لحسين جاسم) لا تحسب إني أنساك في عام أو في ألف عام، نقول رياضياً: إننا لا يمكن أن ننافس لا بعد عام، ولا حتى بعد ألف عام... والسبب ليس في سيطرة بعض الناس على الرياضة، أو سيطرة بعض الدول على الرياضيين، أو تسييس الرياضة في دول أخرى، أو عدم اهتمام شريحة كبيرة من المواطنين بالرياضة، أوعدم اهتمام بعض الدول بالشئون الرياضة عامة... ولكن هناك أسباب كبيرة تجمع كل هذا.

السبب الرئيسي لتطور الرياضة في الدول المتقدمة هو عملية ضخ الأموال الضخمة في المجالات الرياضية، وحصول اللاعب على مبالغ خيالية تجعله يعيش هو وأسرته ومن حوله في بحبوحة من العيش الكريم، وحصوله أيضاً على النجومية التي يحقق ذاته فيها وتجعله من الأبطال المشهورين والمشار إليهم بالبنان، وتجعل جميع الأطفال يتمنون الوصول إلى ما وصل إليه، وتجعل العائلات تتمنى لأبنائها أن يحصلوا على مثل ما حصل عليه هذا اللاعب المشهور وأكثر... وكل هذا يأتي بسبب الأموال (يعني ماني توك)... ولكن كيف تأتي هذه الأموال الكبيرة ومن أين؟

في الدول المتقدمة لا يوجد شيء اسمه احتكار الأموال في يد الحكومة، وغالبية الأموال هي في يد الشركات الكبيرة (المصنعة أو المسوقة) والتي تعمل في هذا البلد أو ذاك... وهذه الشركات تفرض عليها ضرائب كبيرة تدفعها لخزينة الدولة، ومن ضمن مبالغ الضرائب يمكن لأي شركة منها أن تتصرف في قسم منه وتصرفه في شئون الدعايات لمنتجاتها أو لاسمها، وأحسن سبل الدعاية وأنجعها هو الاستثمار في الرياضة والرياضيين... فتصرف المبالغ الضخمة من قبل الشركات الكبيرة للأندية وللاعبين، وهي مبالغ كانت أساساً خارجة من يد الشركات إلى خزينة الدولة، يعني لابد من دفعها... تستفيد الشركات في الدعاية، وتستفيد الدولة من تحريك الأموال في الصالح العام.

هذا هو ما يحصل في الدول المتقدمة، والذي جعل الرياضة عندهم من أفضل سبل العيش الكريم للمواطنين، وجعل الرياضيين نجوماً ومشاهير في مجتمعاتهم، وجعل العائلات تتسابق في إرسال أبنائها إلى المدارس الرياضية... وعكسه هو بكل تأكيد الذي يحصل في دولنا العربية، وجعل الرياضة عندنا مكروهة ومنبوذة من قبل العائلات، وجعل الرياضيين فقراء وطراروة المجتمع

إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"

العدد 1376 - الإثنين 12 يونيو 2006م الموافق 15 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً