ثقافة ردم بحار البحرين هي ثقافة مكلفة جداً ومربحة للغاية... فمنذ ان وجدت آلة الردم منتشرة في كل شطر من مياه البلاد واوجاع البيئة في تفاقم... نعم هي في تزايد والكل لا يريد أن يسمع أو يرى ما وصلت إليه حال بيئتنا اليوم من وضع مترد يرثى له فمن بعد مسلسل طمس الحزام الأخضر من تعطيش وقتل النخلة بمواد كيماوية على أرض اليابس وصولاً إلى المشروعات التي تقام على البحر المردوم من دون الالتفات إلى أن ذلك يهلك ثروتنا البحرية بل وعلى معدل استهلاكنا اليومي للاسماك والروبيان تحديداً.

إن الخطط التنموية والمشروعات لن تنتهي إن كانت تقام من دون دراسة للآثار البيئية المترتبة على هذا المشروع أو ذاك وخصوصاً أن الأسواق بدأت تغزى بالروبيان المستورد والمحلي المرتفع الثمن... وعندما تسأل عن السبب يقال إن الكميات بدأت تتضاءل وأصبحت محدودة في مياه البحرين... ولا ندري إن كان في الأمر علاقة بخفض مستوى الحفاظ على الثروة البحرية.

لقد أثبتت الدراسات العلمية الأخيرة أن عمليات الردم والتجريف وشفط الرمال جميعها من الانشطة البشرية التي تساهم في فرص انهيار الفشوت، إذ إنها تقوم بدور الداعم للبيئات الساحلية فمثلا فشوت البحرين من الجانب الشرقي تمثل واحدة من أهم مصادر الغذاء من السمك، إذ موجود بها نوعاً إضافة إلى نوعاً من الشعاب المرجانية فالاسماك تعتمد في غذائها على الفشوت وتعتبرها مأوى لتتكاثر فيه.

ندرك تماماً أن هناك أولويات ومصالح دول في مشروعات قد تجني منها ثماراً إيجابية على البحرين، لكننا في الوقت نفسه نأمل أن لا تخرب بحارنا بما فيها الفشوت من دون دراسة بيئية حتى لا تنعكس سلباً على كميات الموارد الغذائية فهذا يكون جرس انذار لمستقبل ثروتنا البحرية فمن بعد أن أصبحت جزيرتنا تمتلئ بنخيل تصارع البقاء وخليج اسمه توبلي تفوح منه رائحة القرف والموت قد يأتي اليوم الذي تتحول فيه بحارنا وفشوتنا إلى مواقع أخرى للموت البطيء... فهل نعي ذلك قبل فوات الأوان؟ ويصبح أكل السمك والروبيان في الحلم