الظاهر للعيان ولجميع المواطنين البحرينيين... ولجميع المراقبين المستقلين وغير المستقلين... أن وزارة التربية والتعليم ليست لديها أية سيطرة على المدارس الخاصة، لا من قريب ولا من بعيد، ولا يمكنها (أي الوزارة) أن تلزم هذه المدارس الخاصة والقوية (بمجالس إداراتها) بأية أمور إدارية، أو حتى تعليمية... ولا يمكن للوزارة حتى أن تطلب (فقط تطلب) من هذه المدارس أن تصحح مسار أي أمر من الأمور، أو حتى أن تعيد النظر في بعض القرارات التي ترهق الطلبة وعائلاتهم.
المدارس الخاصة في مملكة البحرين أصبحت... وبقدرة قادر... كانتونات إدارية مستقلة، تعمل ما يرضيها وما يشبعها، وتترك مالا يرضيها ولا يشبعها ويسمنها، بلا حسيب ولا رقيب... مرة ترفع الرسوم قليلاً، لتستشف الوضع ومدى المقدرة المالية لأهالي الطلبة، ومرة أخرى تتفق مع بعضها وتتعاضد جميعها لكي ترفع الرسوم السنوية بنسبة أكثر من في المئة، فجأة وبلا مقدمات ولا مشاورات، وإللي عاجبه حياه الله، وإللي موعاجبه خله يروح البحر ويشرب من مائه المالح.
هذه المدارس... والتي كانت في يوم من الأيام مفخرة للبحرين وللطلاب البحرينيين... أصبحت الآن مثل الشفاطة الموجهة إلى جيوب أولياء الأمور، وفي كل مرة توجد لدى إداراتها الأعذار والأسباب لبدء عملية شفط النقود من الجيوب حتى آخر فلس، والمشكلة أنهم لايتركون في جيب عائل الأسرة شيئاً، حتى المسباح أو الكلينكس لا يسلمون من الشفاط، يعنى شفط على الآخر... وكل مدرسة من هذه المدارس توجد لديها الكثير من الأساليب (الآخر موديل) لإتمام العمليات المنظمة للشفوطات الجيبية، مدرسة تطالب برسوم إضافية للتدريس الصيفي لمادة رسب فيها الطالب، والأهالي يعلمون بأن أبناءهم شطار في هذه المادة ولم يرسبوا إلا بقدرة قادر... ومدرسة تطالب برسوم باهظة لدروس تقوية إجبارية، ومدرسة تطالب أهالي الطلبة المتفوقين فيها بدفع كلف إرسالهم في رحلة خارجية وإجبارية، وكل المدارس الخاصة تطالب أولياء أمور الطلبة بدفع رسوم (أتاواتية وتعجيزية) من أجل مبان جديدة وإضافية تضعها على ظهور أولياء الأمور، وكأن الأهالي لهم أسهم ونسب فيها، ومدارس تعمل حفلات عشاء إجبارية لوالدي الطلبة المتخرجين وتستحصل منهم في المقابل مبالغ خيالية، هذا عدا عن ملابس التخرج المكلفة.
العجيب في المدارس الخاصة الموجودة في البحرين (والتي ليس عليها حسيب ولا رقيب) أن الطفل الذي يخطأ في المدرسة يكون عقابه هو الطرد من المدرسة وجلوسه في البيت ولمدة يومين أو ثلاثة... يعني تصور أن الأب يعمل والأم تعمل وهم أرسلوا ابنهم إلى مدرسة خاصة وبرسوم مالية معينة حتى تعتني بابنهم في الوقت الذي لا يتواجدون فيه بالمنزل، منها ليقضي نهاره تحت إشراف تربوي، ومنها لفائدته في التحصيل العلمي، وتأتي إدارة هذه المدرسة وتعاقب الابن بإرساله إلى المنزل... عيل آنه آدفع لكم فلوس ليش؟ ومن إللي راح يعتني فيه لو جلس في البيت؟
وزارة التربية والتعليم لديها إدارة تسمى... إدارة التعليم الخاص... وأنا أتحدى أي إنسان في البحرين يعرف واجبات هذه الإدارة، وأتحدى أي مسئول في الوزارة المعنية أن يكون على علم إن كانت هذه الإدارة تعمل أو لا تعمل، وفي ماذا تعمل أصلاً إذا كانت المدارس الخاصة (التي يقولون إنها تحت مظلتهم) تخيط وتبيط، وتفرض الرسوم والأتاوات، بلا نظرة مسئولية أو إحساس من قبلهم... هذا عدا عن أنهم يعلمون بأن الأهالي يشتكون من جبروت المدارس الخاصة، وياما وصلتهم الأخبار، ولكنهم أذن من طين وأذن من عجين، وهم يعلمون بأن بعض العائلات البحرينية تضطر لوضع أبنائها في المدارس الخاصة وذلك لأن مدارس الوزارة (الحكومية) والموجودة حالياً، لا تستوعب هذا العدد الكبير من أبناء البحرين الدارسين... ومع ذلك هم لا يبدون التعاون.
نعود لمباريات كأس العالم في كرة القدم والتي تنتهي آخر مباراة فيها في الساعة الثانية عشرة من منتصف كل ليلة في هذه الأيام، وفي الوقت نفسه هناك الامتحانات النهائية للفصول الثانوية في المدارس الخاصة، وقد خاطبنا وزير التربية والتعليم في مقال سابق، وعرضنا عليه مقترحاً توافقياً يرضي جميع الأطراف، ولكنه لم يرد علينا... عسى ماشر؟
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1375 - الأحد 11 يونيو 2006م الموافق 14 جمادى الأولى 1427هـ