العدد 1375 - الأحد 11 يونيو 2006م الموافق 14 جمادى الأولى 1427هـ

«الاتحاد الشبابي»... ضرورة بحاجة للتروي

خليل بوهزاع comments [at] alwasatnews.com

تبنى الإخوة في جمعية ملتقى الشباب فكرة البدء بتشكيل لجنة تحضيرية تكون مهمتها وضع تصور مبدئي لاتحاد الشباب البحريني، إذ تمت الدعوة لأول اجتماع يتم فيه التباحث بشأن التصورات العامة لهذا المشروع، وعلى رغم مباركة جميع الجمعيات الشبابية لهذه الفكرة، ولاسيما أن غالبيتهم متبنون هذه الفكرة وداعمون لأي تشكيل تكون مهمته الرئيسية الرقي بعمل الجمعيات الشبابية وخلق أكبر درجة من الانسجام فيما بينها، فإن التروي ووضع المشروع في سياقه المرحلي ركيزة أساسية لنجاح هذا المشروع، فضلاً عن ضرورة البدء بحوارات معمقة وجادة ليس في آلية التشكيل والتمثيل، بل في الأهداف والبرامج وكذلك الهوية العامة للاتحاد، تلك الهوية التي لا نقصد بها كما يحلو للبعض أن يصفوا أية مؤسسة لا تتماشي وأجندتهم الفئوية بالـ «مسيّس»، بل الهوية المعبرة عن شباب هذه الأرض والذين ليسوا بالضرورة منتمين للجمعيات الشبابية.

وعلى هذا الأساس، فعملية «السلق» التي يراد من خلالها تشكيل الاتحاد، لا تخدم الفكرة بالدرجة الأولى، بل يمكن أن تساهم في إجهاض أي مشروع مستقبلاً يراد منه تقوية الأواصر بين الجمعيات الشبابية، ما يجعل السير في اللجنة التنسيقية التي شكلت بناءً على التوصية التي خرجت بها قمة الجمعيات الشبابية الأولى أفضل من عدة نواحي، لعل أولها - وكما ذكرنا سابقاً - السير بتأنٍ في هذه اللجنة ولتأخذ مداها في التنسيق بين الجمعيات وتعمل على خلق برامج وفعاليات مشتركة ستهيئ بالتأكيد الأرضية المناسبة لتأسيس الاتحاد، لحين موعد انعقاد القمة القادمة المقرر لها أن تلتئم في فبراير/ شباط من العام المقبل، وذلك لخلق حال من الانسجام والتوافق على جملة من الملفات الشبابية المطروحة على الساحة، فضلاً عن حسم كل جمعية خياراتها عن ماهية علاقاتها مع التنظيمات الأخرى، وتلافياً للإشكالات التي مرت بها اللجنة التحضيرية لتأسيس الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، تلك اللجنة التي قفزت على المراحل وحرقتها، بمعنى أنها شكلت لجنة تحضيرية لاتحاد طلابي من دون أن تكون هناك قاعدة أو لجان طلابية مؤسسة في الجامعات والمعاهد سواء في الداخل أو الخارج تعمل على وصل المساحة بين اللجان واللجنة التحضيرية وصولاً للمؤتمر العام لإعادة تشكيل الاتحاد الطلابي.

إن الحديث عن تشكيل اتحاد شبابي يستلزم أيضاً متابعة عمل الجمعيات الشبابية بدءاً من تشكيلها، وقياس مدى ما وصلت إليه من نضج في آليات العمل وكذلك الأهداف، فضلاً عن الكم النوعي من البرامج التي وجهتها للشباب، ومدى تأثيرها وفعلها في سلوك الشباب على اختلاف مستوياتهم الفكرية، فالملاحظ على أداء الجمعيات أنه لا يتعدى الورش والندوات التي لا تستقطب سوى أعضائها وعدداً قليلاً من المهتمين بهذا الموضوع أو ذاك في أفضل الحالات.

فالمتابع لحركة سير الاتحادين العمالي والنسوي في البحرين والنضالات التي قدمها العمال والنسوة في سبيل تعزيز مكاسبهم المرحلية منتهجين بذلك مبدأ التراكمات الكمية تبعاً لكل مرحلة وظروفها، لا يجد انقطاعاً طويلاً بين التحركات الداعية إلى تأسيس اتحاداتهم بدءاً من المطالب العمالية التي رفعتها هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينيات من القرن الماضي والتي توجت بتأسيس الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في مرحلة ما بعد الانفراج الأمني، ولا تقل الحركة النسائية شأناً حينما انتزعت حق إشهار اتحادها في الآونة الأخيرة في ظل تلكؤ وزارة التنمية التي تجلس على قمتها - في مفارقة - امرأة. لذلك فإن كلا القطاعين استطاعا تحقيق ما يصبوان إليه ليس تواكباً مع مرحلة ما بعد قانون أمن الدولة، بل إن الأسس التي رسخها النضال المستمر في كلا القطاعين، أخرج لنا اتحادات - أعتقد لا جازماً - بأنها ستهم في رقي وتطور القطاع التي تمثله.

في خضم ذلك عانت فيه الحركة الشبابية خلال الثلاثين عاماً الماضية انقطاعاً شبه تام في العمل الشبابي على مختلف مستوياته، ما عدا الأنشطة الرياضية التي غلبت ومازالت الغالبة على برامج وخطط المؤسسة التي يفترض منها رعاية الشباب في مختلف الجوانب، فكما يقول عبدالله جناحي في أحد مقالاته «إن تلك المرحلة الممتدة من وصولاً إلى مرحلة الانفراج الأمني في مطلع الألفية الثالثة، شوهت السياسيات الممارسة في ذلك الوقت الحركة الشبابية في البلاد من خلال ضرب معاقل تلك الحركات - الحركات الوطنية - في الأندية التي كانت بمثابة مراكز الإشعاع الثقافي، الفكري، المسرحي والفنون المختلفة، ما أدى ذلك إلى تراجع دور الأندية التنويري وانتشار جملة من الأمراض الاجتماعية كضعف الاهتمام بالفنون والثقافة والفكر، وتراجع مثل تلك المعارف لتحل محلها الثقافة الاستهلاكية السطحية»، وبالتالي فحال الانقطاع هذه لم تخلق تجربة تراكمية في العمل الشبابي يمكن على إثرها بناء اتحاد قوي متماسك ذي أهداف تنموية شاملة تسهم وبشكل كبير في تقدم الحركة الشبابية البحرينية، بل وتضعها في سياقها المرحلي، فضلاً عن كون المخزون التجاربي للقائمين على الحركة الشبابية بحاجة إلى المزيد من النضج يبلور بعد ذلك أهدفاً أكثر رصانة والتماساً بهموم ومتطلبات الشباب البحريني.

وإذا كنا أشرنا أكثر من مرة خلال ما سبق إلى الأهداف المتوخاة من تأسيس اتحاد شبابي، فإن الأسس التي سيتشكل على إثرها الاتحاد، والجمعيات الشبابية - بعد تبني أسس واضحة لاعتبار جمعية ما شبابية - التي ستنضوي تحت لوائه، هي التي ستبين بشكل جلي ماهية الأهداف التي لابد أن تلامس أبرز وأكبر الهموم والمطالب الشبابية في هذه البلاد، وهذه قضية بحاجة إلى تلاقى مختلف الإرادات في الجمعيات الشبابية على اختلاف توجهاتها وانتماءاتها الفكرية، فالبطالة، الفقر، المساواة الجندرية والتعليم... الخ من القضايا المطروحة حالياً على الساحة المحلية في مختلف مستوياتها السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، جميعها لابد أن يتبناها الاتحاد إذا ما أراد أن يكون المعبر الحقيقي عن هموم وتطلعات شباب المملكة.

وعليه، فمسألة التروي في تشكيل الاتحاد، وترك المجال للجنة التنسيقية المشكلة بناءً على توصية قمة الجمعيات الشبابية لأن تأخذ مداها في التنسيق والتوفيق بين الجمعيات الشبابية، هو أمر من الضروري التوافق عليه، على ان تستغرق عملية الإعداد لإشهار الاتحاد بين إلى شهراً تتخلل تلك الفترة برامج مشتركة بين الجمعيات الشبابية يتم فيها امتحان قدرة الجمعيات على التعاون والعمل المشترك وتتضح فيه رؤيتهم لماهية نشاطات وأهداف الاتحاد المطلوب، والمجال مفتوح لهذا النوع من التنسيق في البرامج المطروحة من الجمعيات الشبابية لهذا الصيف، لكي نخرج بعد ذلك باتحاد قوي ومتماسك، ويحقق بتضافر جهود الجمعيات التي ستنضوي فيه جزءاً من هموم وتطلعات الشباب البحريني.

نقطة أخيرة أعتقد أنه من الضروري مراعاتها، وهي أننا حين نطرح مسألة أخذ مشروع الاتحاد مداه الزمني، لا نقصد بذلك تأخيراً لعملية تشكيل الاتحاد، بل نحن في «الشباب الديمقراطي» وكما أكدنا في بداية هذا المقال داعمين لفكرة تأسيس الاتحاد، وما رؤيتنا هذه التي طرحنها إلا تعبيراً عن مدى اهتمامنا بهذا المشروع ليخرج حقيقة على الأرض ويرى النور ضمن أكبر قدر من الانسجام

إقرأ أيضا لـ "خليل بوهزاع"

العدد 1375 - الأحد 11 يونيو 2006م الموافق 14 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً