العدد 1375 - الأحد 11 يونيو 2006م الموافق 14 جمادى الأولى 1427هـ

أدب الإرهاب!

ضياء ضياء الدين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

برنامج «أدب السجون» الذي تعرضه قناة «الجزيرة» الفضائية، يتحدث عن قهر الأنظمة العربية للمواطن العربي، اليوم في العراق وفي بعض البلاد المتفرقة من بلادنا الإسلامية والعربية، هناك أدب جديد يتشكل هو «أدب الإرهاب»، الذي يتفنن مبتدعوه في صوغه بأشكال مختلفة.

قد يُطرح ألف تفسير وتفسير عن مقاومة المحتل والغازي، وقد نسمع مئة تبرير وتبريراً للعمليات التي تستهدف المتعاونين مع الاحتلال، ولكن كيف يمكن تفسير فعل (مجاهد) يذهب بحزامه الناسف ليفجر نفسه في مدرسة أطفال؟!

كيف يمكن أن نفسر عمل (مجاهد) يقتل نفسه أمام مخبز وفي وسط طابور من المستضعفين والفقراء يقفون لشراء الخبز؟!

كيف يمكن فهم عمل ذلك «الاستشهادي» الذي فجر نفسه في «ميني باص» لركاب بسطاء لا يملكون سيارات خصوصية ليتنقلوا بها، ولا يملكون مالاً كافياً ليتنقلوا بـ «التاكسيات» الخاصة؟!

كيف يمكن فهم فعل ذلك «المجاهد» الذي فجر نفسه وسط مجموعة من المعزين والزائرين؟!

البعض يرى أن عملية إقناع هؤلاء «المجانين» تتم عبر عمليات غسيل الدماغ، والبعض يرى أنهم مجموعة من المرضى النفسيين، والبعض يرى أن الفقر والحاجة والخيبة من الوضع الحالي لأمتنا الإسلامية هو السبب وراء هذه الموجة من الانتحاريين الذين أبخس شيء عندهم هي الأنفس.

كل هذه التفسيرات قد تكشف جزءاً من الحقيقة، ولكن العملية تبقى غائمة وغامضة، فهناك دماء بريئة تسفك، وهناك أشلاء تقطع هنا وهناك كل يوم، وهناك جيش مستمر من «المجاهدين» يتوافد على العراق (للاستشهاد)!

وهناك من يفتخر بتمويل أولئك وعلى مرأى العالم عبر الفضائيات كما فعل أبوعبدالرحمن الكويتي في لقائه مع قناة «العربية» قبل أشهر!

وهناك أيضاً من مازال يكابر ويعتبر المشكلة ليست في أولئك الإرهابيين بل في السلطات الحاكمة في العراق لأنهم شيعة، ولا يرعوي حينما يهدد الشيعة في الكويت بحرب أهلية! والبعض جهاراً نهاراً يعمل دعوة عامة على شرف الخارجين من غوانتنامو!

والبعض كالأمين العام السابق للحركة السلفية في الكويت يعتبر مقتل الإرهابي الزرقاوي شهادة «بشرنا الله بها بالروح والنصر والتمكين، فكما جعل حياتهم نوراً، وجعل موتهم أكمل الحياة، وجعل في استشهادهم حياة الأمة وظهورها». وقارن العلي في بيانه المشئوم بين مقتل الزرقاوي وشهادة رسولنا الأكرم (ص)!

وهذا الشخص هو نفسه من كتب قبل أشهر مقالا مخزيا ينفث من خلاله سمومه الطائفية ويلعق جروح الضحايا، فيه من البغضاء ما يوازي فعل الخوارج في التاريخ الإسلامي!

المشكلة أن الإرهاب لم يعد اليوم فعلاً إجرامياً عبثياً، بل هو «فقه» و«أدب» و«رسالة»، لا يعمل بها المنتحرون فقط، بل أيضاً أقلام صحافية، وكتاب، وأساتذة جامعات وطابور طويل في بلادنا.

أدب الإرهاب يمكن أن يشكل معلقة تبتدئ من سفاكي الدماء البريئة في العراق ولا تنتهي إلا باولئك الممولين باللسان أو بالمال أو بالأنفس المغرر بها... إنها روح خارجية جديدة بدأت تسري في نفوس الذين فقدوا مبرر وجودهم كما في مرحلة تاريخية ماضية

العدد 1375 - الأحد 11 يونيو 2006م الموافق 14 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً