عبر القراءات المتواضعة لواقع تقسيم «الكيكة»، وهو المصطلح السياسي الشائع إطلاقه على عمليات توزيع المناصب في أية مؤسسة يتم تنصيب أعضاء الإدارة فيها بالانتخابات الديمقراطية، ونحن هنا من دون شك نتحدث عن التجربة الديمقراطية الأكثر أهمية في الواقع الطلابي وهي انتخابات مجلس طلبة جامعة البحرين، التي كان فيها من الأمور المتميزة أثناء تقسيم «الكيكة» ما يستحق الوقوف والاهتمام به بشكل أكبر، سواء بمدحه أم بنقده.
فلم يكن تفاوض التيارات السنية بمختلف تقسيماتها مع ممثلي التيار الشيعي في الجامعة، وتقاسمهم «بشكل حضاري» المناصب الإدارية في المجلس من دون الحاجة إلى تنصيب العداءات ووضع الحواجز في طريق الفئة الأخرى إلا أمراً رائعاً، تواجه تشكيل ما أطلق عليه لاحقا الائتلاف الطلابي، حتى وإن كان هذا الائتلاف ذا أهداف مؤقتة، إلا أنه يفتح في المستقبل المجال لمساحات تعاون وتآخي بين التيارين الإسلاميين الكبيرين، وهو جهد رائع يثنى عليه الرموز الطلابية لكلا الطائفتين في الجامعة، والذين قدموا فعلاً الخطوة الحقيقية لمسح الخطوط والحواجز الخفية التي تشكلت بين الطائفتين في الجامعة.
لقد كان المنهج المتبع - من وجهة نظري - هو الأكثر واقعية ووضوحاً لتحقيق هدف التآخي بين الطائفتين، إذ إن من الصعب - إن لم يكن مستحيلاً - أن نلغي الانقسامات المذهبية من النفوس، إلا أنهم، وبخطوتهم الجريئة، توجهوا إلى تناسي الحساسيات الخارجية، أو أي من الأمور المكتنزة في القلوب من أجل تحقيق الأهداف والمقاصد الأهم، التي شاركوا من أجلها في مجلس الطلبة وهي خدمة الطالب وإعادة ثقته بالمجلس الطلابي الذي أسهم في تشكيل عناصره من خلال تصويته.
إن المشكك في نزاهة ما حدث عليه أن يعيد النظر من خلال النصف الممتلئ من الكأس، وإن كان الداعون لمجابهة الطائفية صادقين في شعاراتهم، فليتخذوا من هذه التجربة - وإن لم يحظوا بسببها بأي مقعد - الفكرة والقاعدة التي يرتكزون عليها، فليست العبرة بمن حصل على أعلى عدد من المقاعد، ومن سيطر على اللجنة الفلانية أو المنصب الفلاني، وإنما العبرة في الوقوف من أجل الهدف نفسه في أي مكان وعدم الهرب أو الانسحاب، والسعي نحو تحقيقه بكل ما يتاح من سبل، عوضا عن الانشغال بتبرير المواقف والظهور بمظهر المظلوم المخدوع عبر وسائل الإعلام
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 1375 - الأحد 11 يونيو 2006م الموافق 14 جمادى الأولى 1427هـ