تستكمل المرشحات البحرينيات مشوار التمكين السياسي في مركز الدعم الانتخابي للمرشحات استعداداً لخوض الانتخابات البلدية والبرلمانية المقبلة، في الوقت الذي تتعالى فيه الأسئلة عن المؤهلات والممتلكات والذخائر الطبيعية من حيث النشاط السياسي أو المجتمعي العام بالنسبة إلى غالبية من تقدمن إلى الترشح. وربما نلتمس العذر لمن يسأل، فالكثير من المرشحات ونسبة كبيرة أيضاً من الرجال يظهرون للمجتمع لأول مرة من خلال الصور في الصحف اليومية، لقلة أو لعدم انخراطهم السابق في ملفات سياسية أو اجتماعية أو تطوعية لخدمة المجتمع والوطن، الأمر الذي يزيد صعوبة تسويقهم كنواب مهتمين بالوطن، ولاسيما لو كان المرشح امرأة.
إن مبدأ «انتخب المرأة المؤهلة واكسر التمييز السلبي» يتلاشى لدى الناخبين إذا افتقرت المرشحة للمؤهلات الجادة أو خلا سجلها من أية مساهمات محلية أو وطنية ذات قيمة. كذلك من الصعوبة بمكان في ظل غياب قانون انتخابي مؤقت يميز المرأة إيجابياً، أن يقتنع الناخب والناخبة الواعيان بإعطاء صوتهما تعاطفاً، لواحدة أو أكثر من خريجات برنامج التمكين السياسي المدار من قبل مؤسسات رسمية. برنامج التمكين السياسي وحالياً مركز الدعم الانتخابي سيزودان المرشحات
المشاركات ربما ببعض المعارف والمهارات المهمة، لكنهما لن يقويا على خلق تاريخ سابق أو اهتمامات مقدرة من قبل الناخبين لصالحهن. هذا دور في المشاركة المجتمعية أو السياسية ترسمه وتتحمله المرشحة منفردة كما يتحملها المرشح بقرار ذاتي، علماً بأن لهذه المشاركة السياسية مراحل متعاقبة يكون من سلكها طبيعيا ضمن مؤسسات جماعية أو فردياً في موضع أكثر تقدما من حيث قبول الناس.
وتبدأ مراحل هذه المشاركة السياسية كما تشرح أستاذة كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، حفيظة شقير، بالاهتمام بالشأن العام أو السياسي ثم تتطور إلى الانخراط السياسي وتتحول إلى القيام بنشاط سياسي، ثم تنتهي بالوعي بضرورة تحمل المسئوليات السياسية وتعاطي النشاطات السياسية وكل أشكال العمل والنضال السياسي، وجميع المراحل كما توضح تعبيرات مختلفة للمواطنة. وسؤالنا أين موقع المرشحات وكذلك المرشحين من هذا المقياس، وفي أية مرحلة يعيشون واقعياً؟
أما مفهوم المشاركة السياسية فتعرفه حفيظة شقير، كأساس محوري للديمقراطية وواحد من التعبيرات عن مبدأ سيادة الشعب، وإذ توجد آليات تمكن المواطنين والمواطنات من تداول السلطة أو ممارسة السلطة السياسية في تسيير الشأن السياسي العام وقضايا المدينة والحي والمؤسسة، ضمن مناخ من الحقوق العامة والحريات الأساسية يقال ان هناك مشاركة سياسية للمواطن، ووفق هذا التعريف يمكن القول إن لدينا هيكلا للمشاركة السياسية تنقصه آليات التمكين الحقيقية للمواطنين من تداول السلطة، وخصوصاً بعد تمرير المساءلة المغلقة للوزراء في مجلس النواب، وبعد طلب الحكومة من البرلمان الحالي إقرار موازنة البرلمان المقبل بحجة ما يمتلكه البرلمان الحالي من علم وتجربة، هذا للمقاربة في عجالة. كذلك تحدد شقير، في دليل المشاركة السياسية للنساء العربيات، ممارسة حق الانتخاب والترشح كأرقى أشكال المشاركـة السياسيـة وتذكر أيضاً تقلد الوظائف العامة على مستوى السلطتين التنفيذية والتشريعية، وممارسة العمل الجمعياتي والنقابي، والتوقيع على العرائض، والاعتراض على السياسات المحلية والخارجية، وتقديم التقارير في هذا الشأن لدى الهيئات المختصة، والتظاهر في الأماكن العمومية، والقيام بالإضراب وتنظيم الإضرابات للمطالبة بتحسين ظروف العيش، والتعبير السياسي عن طريق وسائل الإعلام، موضحة أن المشاركة السياسية تكون فردية ومستقلة كما في الإضراب عن الطعام من قبل مناضل أو مناضلة، للتأثير على السلطات الحاكمة لإطلاق سراح شخص قريب منه أو لتحسين ظروف عيشه أو تمتعه ببعض الحقوق الأساسية.
وفي تفحصنا لواقع اختيار المرشحات البحرينيات أشكال مشاركتهن السياسية، نجد أن غالبيتهن اخترن أخيراً أرقى أشكال المشاركة وهو ممارسة حق الترشح، كما يذكر الدليل، وهذا طبعاً من حقوقهن الدستورية، لكنهن اخترن هذا الخيار الجريء ربما من دون إدراك بمراحل المشاركة السياسية. الأمر الذي يحفز طرح أسئلة مشروعة مثل: لماذا سينتخب المجتمع المرأة هذه المرة؟ هل سيثق المواطن بأن برنامج التمكين السياسي كان كافياً لإعداد برلمانيات ناجحات ومؤهلات بالقدرات المطلوبة. وهل يمكن للمعارف النظرية وللمهارات المكتسبة، أن تخلق كادراً نسائياً برلمانياً، بمعزل عن النشاط السياسي والميداني داخل أو خارج الجمعيات السياسية. أسئلة ربما أجابت عليها المرشحات في أذهانهن بإيجابية وثقة وقررن الاستمرار في التدريب والاستعداد للحملات الانتخابية، ولربما كان من الجيد تسليط الضوء على تلك الإجابات الايجابية للناخبين بغرض التوعية. إنها ليست أسئلة للاستنكار بل أسئلة متعلقة بموضوع المعايير، تلك المعايير التي لابد من توافرها على الدوام وبشكل مبدئي، سواء أكانت المرشحة أو المرشح مدعوماً من جماعته أو كانا مستقلين. وعلينا أن نعترف أنه عندما تأتي مسألة المرأة يبدأ الجميع بتغليظ النظرة والمعايير، وفي أي مجال كان، وحتى لو تفاوتت تلك المعايير من فرد إلى فرد إيجاباً، فإنها لن تركن أبدا إلى مبدأ انتخبوا المرأة لأنها امرأة
إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"العدد 1373 - الجمعة 09 يونيو 2006م الموافق 12 جمادى الأولى 1427هـ