تناولت خطب الجمعة يوم أمس عدة ملفات على الساحة المحلية، ففيما حذّر خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز من الفتنتين الطائفية والسياسية في البحرين والخليج، انتقد خطيب جامع سار الكبير ما طرحه أحد كتاب الأعمدة من أسئلة تعارض الأحكام الإسلامية المتصلة بالمرأة. وشن خطيب جامع الإمام الصادق (ع) بالقفول من جانبه هجوما على الحكومة والنواب بسبب تمرير بعض القرارات أخيراً، اعتبرها معاكسة لتوجهات المشروع الإصلاحي، أما خطيب جامع طارق بن زياد بالمحرق فأشاد بدوره بافتتاح صندوق الزكاة في البحرين حديثاً.
ذكر خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق (ع) بالدراز الشيخ عيسى قاسم أن ما يحل الدم الحرام هو دائما مطمع المستكبرين ويحله الجهل بالإسلام، والبعد عن الإسلام، مشيرا إلى أنه «أُحلّ الدم الحرام سنياً سنياً: فهو حلال على هذا المستوى في أفغانستان، وفي فلسطين، وفي تركيا، والجزائر، والصومال، والسودان، وأحل سنياً شيعياً: كما هو الوضع في العراق وفي باكستان، ويمكن أن يحل شيعياً شيعياً في معارك أخرى وهو قد حصل في إيران، وفي لبنان(...)». موجها نداءه إلى نبذ مثيري الطائفية «فيا شيعة وسنة في الخليج وفي البحرين احذروا فإنكم غير متروكين، فمصالح من الخارج، وربما تبعتها مصالح من الداخل أو كانت معها في عرض واحد أو تتجّه إلى خلقِ الفتنة الحارقة داخلكم، فابغضوا قلماً يثير الفتنة، حاربوا هذا القلم، وابغضوا وحاربوا أي لسان يثير مسألة الطائفية البغيضة»، مردفا «لا تحتاج إلى نظر ممعن حتى تعرف أن فتنة سيئة قاتلة مقصودة لهذا المحيط الخليج، وقود هذه الفتنة مستضعفو الشيعة والسنة، فيا إخوتي السنة والشيعة احذروا أن تكونوا وقوداً لاطماع المستكبرين(...)».
وخاطب قاسم الحكومة مشيرا إلى أنه «لو استطاعت الحكومة أن تسكت المساجد عن مطالبتها بالإصلاح، وأن تسكت قولها كلمة المعروف التي تمس سياستها، وتنكر المنكر الذي تقع فيه، أو استطاعت أن تجعل المساجد منحازةً إليها، فهل تظنُّ الحكومةُ أن عزل المسجد عن دوره أو تحريف هذا الدور سيعود بالناس إلى النوم بعد الصحوة؟! ويسكت الجائع والمحروم والمظلوم وينهي المطالبة بالحق؟! هذا وهم، هذا خطأ فاحش، وإنما الذي سيحصل أن سيلتف الناس بالدين بعيداً عن أئمة المساجد ووعاظها ممن يخضعون لسياسة الحكومة وإرادتها إذا كانت منافية لدين أو مصلحة من مصالح الناس»، موضحا «والا يعني إن لم يلتفوا بالدين خارج المسجد فسيكون الالتفاف حول غير الدين من نهضات، ومطالبات بالحقوق ليست مقصورة على الشعوب الإسلامية، وعلى الشعب المتديّن، كل المظلومين في الأرض ينتفضون ما وجدوا فرصة، الضيق والخناق يحرق، وإلا فسيكون الالتفاف حول غيره وستستمر المطالبة تحت شعارات أخرى لا تعرف تلك الشعارات القيودَ والضوابط الخلقية التي تعرفها المطالبة الدينية التي تنبذ الإرهاب وترعى الحرمات».
وأضاف أن «المطالبات تكون مع الوضع الديني ومع الوضع غير الديني، الانتفاضات من أجل الحق تكون في مناخ الدين وفي المناخات الأخرى بفارق جوهري كبير ما هو هذا الفارق؟ ان انتفاضات الدين، حركات الدين، مطالبات الدينيين في إطار من قيم، ورعاية للحرمات، والانتفاضات الأخرى منفلتة، مجنونة، مستبيحة، تدمر كل شيء، وتنسف كل شيء حتى تصل إلى هدفها».
وتساءل قاسم «كم سيدخل الدين من هوى السياسة الدنيوية من مسجد يخضع لها؟! وكم سيناله لتحريف لهواها المتقلّب الذي لا يثبت على شيء؟! وسيكون الناس كل يوم أمام دين يصوغ لهم هوى السياسة فيما يرتبط بمصالحها وما لا يرتبط، ومآل الدين حينئذ إلى ضياع، وقد فعل التاريخ من هذا الكثير الذي حرف الدين، وأبعده عن جوهره في مسائل مهمّة لا تخفى، ليتدبر متدبر، وليتق متق فإن تدبره وتقواه سيردّانه جدّاً عن المشاركة في رسم هذا المصير الأسود الذي ينقض مصلحة الدين، ويستوحش له ضمير كل إنسان مؤمن».
انتقد خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق ما ذكره أحد كتاب الأعمدة حين وصف أحكام المرأة في الإسلام وجاء في معرض كلامه: «كيف تعيش المرأة ربع امرأة؟». ويقصد حكم التعدد فهي واحدة من أربع، «وكيف تعيش نصف امرأة» ويقصد للمرأة نصف ميراث الرجل، «وتعيش بنصف عقل»، ويقصد شهادتها نصف شهادة الرجل. وتساءل توفيق: «أليس هذا اعتراضاً على أمر الله وحكمه؟ وهل هناك أشد من أن ينازع الله تعالى في شرعه وعلمه وحكمته؟».
وقال خطيب جامع سار: «بعض الكتاب مازالوا يتجرأون على الشرع ومازالت الجهات المسئولة في الدولة تغض الطرف وكأنها لا تقرأ ما يكتب، أين وزارة الشئون الإسلامية والمجلس الأعلى الإسلامي من بعض الكتاب؟ أم أن الدين ليس له من يحميه في هذه البلاد؟ فإن كانت الوزارة تهتم بالشئون الإسلامية فحماية الدين والذب عنه هو أساس العمل الإسلامي وعموده، وليس مراقبة الخطباء والأئمة فقط».
ولفت توفيق إلى «أن من علامات توفيق الله لعبده المؤمن أن يرزقه اليقظة في حياته الدنيا، فلا تراه إلا حذراً محاسباً لنفسه خائفاً من أن يزيغ قلبه، أو تزل قدمه بعد ثبوتها، وهذا دأبه في ليله ونـهـاره يفر بدينه من الفتن»، مشيرا إلى أن «خوف المـؤمـن ليشتد في أزمنة الفتن التي تموج موج البحر والتي يرقق بعضها بعضاً، تشتد في زمن تكثر فيها مقالات الانحراف الفكري، وفتاوى من اتسم بالعلم والعلم منه بريء، وتشتد حين يتصدر من جهل أساسيات الشرع وأصوله لينبري للعالم بكلمات منمقة، وعبارات هزيلة خائرة القوى، ليفسد ما أصلحه الشرع، وليخالف بجهله آيات وأحاديث تليت ونقحت حتى وصلت إلينا بيضاء نقية فسودها بقلمه، أو حرفها وأزاغ القلوب عنها بفتوته».
وقال توفيق إن: «زماننا الـيـوم مـن الأزمنة العصيبة التي تراكمت فيها الفتن، وتزينت للناس بلبوسها المزخرف الفاتن، ولم ينج منها إلا من ثبته الله وعصمه». مردفاً «ان من أهم علوم وأصول هذا الدين هي قضية جوهرية وقضية مسلمة عند أهل الإيمان، وهي قضية التسليم لأمر الله تعالى، فمن صفات الله تعالى العليم الذي لا تخفى عليه خافية، والحكيم الذي يضع الشيء في مكانه، والقدير والعزيز والقيوم القائم على شئون خلقه، كل هذه الأسماء تدل على أن الله تعالى له صفات الكمال في العلم والحكمة والقدرة وكل شيء، فمن المسلّم بعد هذا أن يكون شرعه أكمل شرع، وأحكم شرع، وأنصف شرع نصفت به البشرية، وكل ما حكم به الله سبحانه عدل لا ظلم فيه، والشر المستطير أن يخالف البشر هذه المسلمات المحكمة»، مشيرا إلى أنه «من الواجب بعد هذا أن يكون موقف المسلم من أوامر الشرع وتشريعاته هو التسليم المطلق لتحقق ما ذكرناه من مبدأ العلم و الحكمة في التشريع»، موضحا أن «بعض الناس يسأل عن حكمة بعض العبادات و التشريعات الإلهية الربانية، ولو تأمل كلمة ربانية وإلهية لما سأل لأن مصدرها هو الله سبحانه ولكن ابن آدم يحب أن يعرف السر من أوامر الله تعالى».
وأكد توفيق «أن التحايل على الشرع مكر خبيث، ألم تروا إلى اليهود كيف يتحايلون ويتلونون تلون الحرباء ليحلوا ما حرم الله و ليحرموا ما أحل الله تعالى؟ نهوا عن أكل الشحوم فأذابوها، ونهوا عن صيد السبت فتحايلوا لصيد الأسماك، اذبحوا بقرة فماطلوا، هذه صفات اليهود المغضوب عليهم، فهل يحل للمسلم أن يعترض على أوامر الله تعالى؟ الجواب: لا ولكن عند البعض نعم».
انتقد خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالقفول الشيخ علي سلمان الحكومة ومجلس النواب على جملة القرارات والتوجهات الأخيرة التي ذكر أنها «تصب في اتجاه معاكس لما يتوقعه المواطنون في المشروع الإصلاحي»، مشيرا إلى أن هذه القرارات التي «تمثلت في إقرار استجواب الوزراء في اجتماعات اللجان وإقرار التجنيس السياسي والعمل على تمرير الموازنة العامة للدولة للسنتين المقبلتين قبل تشكيل المجلس المقبل الذي تشارك فيه المعارضة»، موضحا أن «بقاء استجواب الوزراء في غرف اللجان بمجلس النواب بعيداً عن حضور النقاش العام للنواب وما تتابعه الصحافة والإعلام، يعتبر أمراً فريداً من نوعه على مستوى العالم وأنه ينتقص من الدور المطلوب من النواب أنفسهم في حال عرض سحب الثقة بالوزير إذ إن غالبية النواب لن يكونوا على علم كامل بما جرى من استجواب».
وأكد سلمان رفض «القوى الوطنية لما تقوم به الحكومة من عمل لتمرير موازنة الدولة للعامين و بشكل سريع جداً وملفت للريبة وقبل تشكيل المجلس النيابي المقبل الذي تشارك فيه المعارضة لأول مرة، مشيرا إلى أن «لذلك مدلولات تتعلق بما يثار عن حصول فساد في عدد من الوزارات وتسريبات للمال العام وهدر فيه»، لافتاً إلى أن مناقشة هذه الموازنة من صلب اختصاصات المجلس المقبل «الذي سيكون رقيباً على الأداء الحكومي لها».
وعلى صعيد الانتخابات قال سلمان: «إن التصويت الالكتروني الذي تنوي الحكومة العمل به في الانتخابات النيابية المقبلة مع سعيها الحثيث لإبعاد وإقصاء أية مراقبة دولية فضلاً عن أدائها في تحجيم الرقابة المحلية وإقصاء من لا تريد يشير بشكل واضح إلى عدم قناعة الناخب البحريني بهذه الإجراءات التي يفترض أن تكون على أقصى درجات الشفافية والوضوح»، مبيناً أن «التصويت الإلكتروني الذي حصل في الانتخابات الرئاسية الماضية بالولايات المتحدة الأميركية صاحبه تصويت على أوراق تم الرجوع لها بعد حصول الاعترضات من قبل المرشح الآخر، في حين أن التصويت بجله وتحديد نتائجه هو المطروح حالياً ما يطرح لدى المواطنين عدم الثقة بهذه العملية، وخصوصاً مع عدم وضوح التصويت لدى العسكريين الذين يتم أمرهم بالتصويت تارة، وأمرهم بعدم التصويت تارة أخرى ويشمل ذلك كل أفراد عوائلهم ممن يحق لهم التصويت».
ذكر خط
العدد 1373 - الجمعة 09 يونيو 2006م الموافق 12 جمادى الأولى 1427هـ