رحيلهم هو الحل
وعلق سامي رمضاني (عراقي منفي منذ عهد صدام) في «الغارديان» على تسليط الضوء على مذبحة الحديثة ليقول إن تلك الفظاعة مألوفة لدى قوات الاحتلال وما هي إلا غيض من فيض. وأكد أنه لولا وجود الصحافي العراقي الذي تمكن من تصوير المشاهد المروعة، كان من الممكن أن تدفن تلك الحادثة ولا تترك أي صدى في أميركا وبريطانيا تماماً كما هي حال قصص كثيرة أخرى تجسد وحشية الاحتلال ولكنها لم تر النور. وشدد على ان أحداً لا يعرف فعلاً ما تقوم به قوات الاحتلال منذ الغزو. واعتبر ان الترحيب بتحقيق تقوده وزارة الدفاع الأميركية، مازال غامضاً لاسيما أنه سبق لهذه الوزارة أن أصرت على تجنب التحقيق مع الضباط الكبار المتورطين في تعذيب وقتل المعتقلين في أبوغريب. وتعليقا على عزم «البنتاغون» إخضاع جنوده لمحاضرات في الأخلاق، سخر مشدداً على ان ما من محاضرات قد تغير شيئاً من الواقع. وركز على ان ما تقوم به قوات الاحتلال على الأرض هو نتاج ما يقرره سادتها في واشنطن ولندن. وإذ أكد ان الاحتلال مكروه من غالبية العراقيين، ختم متسائلاً متى سيأتي الوقت الذي يعلن فيه البرلمان العراقي ان احتلال العراق وحشية لا يقبلها العقل ولابد من وضع حد له؟
ولاحظ مارك ليفين في موقع «كومن دريمز» ان الأوضاع التي وصل إليها العراق والتي هي نتيجة للغزو، تضع الأميركيين أمام سؤال ملح وهو إلى متى سيواصلون جهودهم هناك؟ وبدا متشائما حيال مستقبل العراق بوجود الاحتلال الأميركي، فالأميركيون هم المشكلة لذلك فإن رحيلهم هو الحل للكارثة العراقية. ورأى ان الأزمة يجب أن تلقن الإدارة الأميركية إذا اختارت الإصغاء درسين: الأول انه لا وجود لاحتلال «حميد» (هيَمق) بسبب العنف والفساد والمصالح التي ترافق كل فعل حرب واحتلال. أما الثاني فهو انه طالما تعتمد السياسة الأميركية على المصالح الاستراتيجية التي تتعارض مع مصالح الشعوب الأخرى، فإن سقوط المزيد من العراقيين واستمرار الحرب الدموية على الإرهاب هما أمران محتمان. وأورد في هذا السياق انه يكتب مقاله من منزل أحد النشطاء المغاربة الفارين من قبضة المخابرات الحكومية، مشيراً بسخرية إلى ان المفارقة تكمن في ان الولايات المتحدة تعتبر النظام المغربي نموذجاً للاعتدال والديمقراطية. وفي الختام دعا الشعب الأميركي إلى صحوة شاملة لتقويم الخلل في السياسة الخارجية لبلاده قبل أن يتحول أسامة بن لادن إلى خطر بسيط مقارنة مع الأخطار التي تستولدها السياسة الأميركية.
ووصف ديفيد إغناطيوس في «واشنطن بوست» الوضع في العراق بأنه الجحيم على الأرض وكابوس لا يبدو ان الأميركيين قادرون على مواجهته. وأكد ان المشروع الأميركي يشوبه الآن الكثير من الالتباس، ففي حين يواصل البيت الأبيض مزاعمه بتحقيق الانتصار في الحرب ويصر الرئيس بوش على مواصلة جهود بلاده في العراق، تؤكد الحوادث والتطورات ان المسار الذي يسلكه الأميركيون خاطئ. فالانتخابات التي جرت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي لاختيار أول برلمان دائم بعد سقوط صدام حسين شكلت الفرصة الأخيرة لتوحيد البلاد. أما ميدانياً، فهناك ارتفاع في وتيرة العنف إذ إن معدل العمليات المسلحة التي ينفذها «المتمردون» ارتفع عما كان عليه في العام ، إذ وصل المعدل الأسبوعي إلى هجوم منذ تأليف الحكومة في فبراير/ شباط الماضي.
ولاحظ إغناطيوس انه في حين تدعي القيادة الأميركية بأنها تحقق نجاحاً في محاربة «التمرد» إلا ان الواقع يؤكد العكس. وأقر بأن الغايات الأميركية في العراق لا تتناسب مع الوسائل المتبعة، إذ يغيب الانسجام بين الاستراتيجية السياسية لتحقيق الوحدة وبين الواقع الذي يشهد تشرذماً تغذيه الميليشات. كما ان هناك انفصاماً بين الاستراتيجيات العسكرية التي تقوم على «التطهير والسيطرة والبناء» وبين الحقائق التي تؤكد تكبد الجيش الأميركي خسائر بشرية بوتيرة شبه يومية. كما ان الهدف الأميركي المعلن الذي يقضي بإحلال الاستقرار في العراق يتناقض مع الوقائع الميدانية المرعبة. ولكن إزاء هذا الواقع، ما الذي يجدر بأميركا فعله لمواجهة الكارثة؟ يتساءل إغناطيوس؛ ليشير إلى اقتراح نقل مكاتب الحكومة العراقية والوزارات إلى خارج المنطقة الخضراء، والطلب إلى الجيش العراقي حماية مقرات الحكومة بمساعدة فرق أميركية. وبذلك يشعر العراقيون بأن لديهم حكومة تتمتع بالشجاعة لاسترداد بغداد شارعاً بعد شارع
العدد 1373 - الجمعة 09 يونيو 2006م الموافق 12 جمادى الأولى 1427هـ