لاتزال الكثير من النساء يطالبن بحقوقهن التي لم يطلن منها شيئاً، فيبحثن عنها من دون أن يعرفن ماهية تلك الحقوق. والمصيبة الأعظم إذا ظهرت إحدى النساء تطالب بحريتها وهي في الواقع لا تعرف المعنى الحقيقي للحرية التي تنادي بها، فهي لا تعرف أن الحرية تعني الكرامة والعزة قبل أن تحتكرها في الذهاب والإياب من دون حسيب أو رقيب، الفكرة التي أصبحت قديمة جداً وتجاوزها الزمن!
وإذا دققنا في حياتنا والواقع قليلاً سنجد ان اللائي يطالبن بالحرية قد يكن حرات ولكن لا يعلمن ذلك، لأنهن قد يجارين ما تقوله الأخريات. والأهم من كل ذلك إذا ما اجتمعت إحدى النساء مع أختها أو مع إحدى صديقاتها على الأغلب وتحدثتا عن حقوق المرأة، فلابد من أن يتوسطهما الشيطان في ذلك الموقف، فتبدأ الأولى بالمطالبة بحقوقها التي لا تعرف كيف تجسدها في مثال واحد لتصدقها الثانية وتوافقها الرأي، فتبدأ الأخيرة بتكرار ما قالته الأولى والمطالبة به إلى أن تنسى الهدف من وراء هذا الصراخ... هذا إن لم يدفع الشيطان إحداهن إلى كتابة مقال تتهجم فيه على العالم بأسره وتطالب فيه بحقوقها!
جلست ذات مرة مع إحدى النساء وكان سؤالي الأخير لها: هل المرأة البحرينية نالت حقوقها في المجال الاقتصادي؟ فأجابتني بالنفي، وعندما سألتها: كيف ذلك؟ قالت: هاتفيني لأرسل اليك كتاباً يتحدث عن المرأة البحرينية وستجدين فيه كل شيء! فما كان مني إلا أن لملمت أوراقي ورحلت عنها، في الوقت الذي وقف أحد زملاء المهنة يسأل إحدى الناشطات: هل المرأة البحرينية نالت حقوقها؟ فأجابته أيضاً بالنفي، فعاد يسألها وما هي هذه الحقوق التي تطالبن بها؟ فردت عليه: نطالب بحقوقنا!
فهل تعلم تلك النساء أن الحقوق التي يطالبن بها هي التي إن غابت فإنها ستهدد أمن المرأة وآدميتها وكرامتها بل واستقرار المجتمع الذي تعيش فيه بكامله؟ وهل يعلمن أن من أشكال تلك الحقوق حق الحياة والمساواة مع الرجل والأمن الشخصي والتعليم؟ وهل قارنت تلك الفئة نفسها بنساء الدول الأخرى وخصوصاً نساء الدول الفقيرة اللاتي للأسف الشديد لايزلن يتعرضن للحرمان من التعليم والاختطاف والاعتداءات الجنسية والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف والتمييز؟
هذا من جانب المرأة، أما إذا ما انتقلنا إلى الرجال، فقد بدأ بعضهم ومن دون أية مبالغة بالمطالبة بحقوقهم، وآخر ما سمعته في إحدى المحاضرات التي تحدثت عن «الكوتا النسائية» من أحد الرجال الذي قال وكأن الكوتا أقرت بل وطبقت لدينا في البحرين: نحن أيضاً سنطالب بوجود «كوتا رجالية» إذا ما منحت للمرأة لضمها إلى المجلس النيابية أو البلدي! الأمر الذي يؤكد ضرورة أن نعي ما نتحدث عنه في أي مكان وزمان لئلا نكون أضحوكة للآخرين
إقرأ أيضا لـ "فرح العوض"العدد 1372 - الخميس 08 يونيو 2006م الموافق 11 جمادى الأولى 1427هـ