العدد 1372 - الخميس 08 يونيو 2006م الموافق 11 جمادى الأولى 1427هـ

تقبل التعازي في «قناة» المجاهدين!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل خمسة وأربعين يوماً ظهر على شاشات التلفزيون، يمشي متبختراً كالطاووس، يحمل بيده رشاشه ويفرغ طلقاته في الهواء، وقد حفّ به مجموعة من أنصاره يسيرون كأنهم ذاهبون إلى قتال في عرض الصحراء. وتحوّلت الكاميرا إلى ما يشبه «خيمة» عمليات، تحفّ به المجموعة نفسها، وبيده عصا «المارشالية» كما كان يفعل السادات، ليحدد مناطق الهجمات الجديدة على الخريطة، في أرض الرافدين. طرقت ذهني كلمة في نهج البلاغة: «أما إنه أزبد وأرعد... ومع هذين الأمرين الفشل»، وما نهاية المتغطرسين إلا مسألة وقت.

كنت أشاهد «الفيلم» وأتخيّل: كم من الدم العراقي سفكه هذا الهارب المحكوم في بلاده بالإعدام؟ وكم من الضحايا العراقيين يخطط لقتلهم في ضرباته الإجرامية العمياء؟ شخصية نسجت حولها الحكايات حتى قاربت الأسطورة، فأراد أن يخرج للعالم بصورة استعراضية على طريقة أفلام رعاة البقر، ليقول: إنني موجود. كنت حينها أقول: متى يخلص الله الشعب العراقي من داعية الفتنة هذا؟ ومتى ينتهي هذا التغطرس والجنون؟ وهل حكم على الأمة الإسلامية أن تنقاد لسفهائها في تأجيج طاحونة القتل وسفك الدماء؟وهل سينجح شاب طائش في التسلل إلى العراق ودفعه إلى فتنة طائفية مجنونة يقتل فيها العراقي أخاه ويحز رأسه؟

قبل أكثر من عامين، استبعد السيدمحمد حسين فضل الله قيام حرب أهلية في العراق، بحكم معرفته القريبة بذلك القطر العربي الشقيق، حينها تم الكشف عن مخطط للزرقاوي لإثارة نار الفتنة القذرة بين طوائف المسلمين، التي توالت فصولها حتى تم تفجير سامراء، إذ انتهكت حرمة مرقد الإمامين العسكريين الآمنين في حماية أهلها السنة منذ قرون. هذا الحدث الإجرامي توالت تداعياته المحزنة، في ردات فعل انتقامية خاطئة ضد مساجد السنة، ليقف العراق على فوهة بركان من الجنون. مسلسل دام نشهد حلقاته كل يوم ونحزن على العراق العظيم، الذي انتهى إلى ثقافة بربرية متوحشة تتلهى بقطع الرؤوس.

هذه الشخصية المتوحشة، تعيد قناة «الجزيرة» تقديمها في صورة «المجاهد الأكبر»، وتعيد بث اللقطات الاستعراضية على طريقة أفلام هوليوود، وهو يحمل عصا المارشالية. تتصل بعراقي هارب في بيروت ليعبّر عن أسفه لـ «استشهاده»، وتتصل بآخر من داخل العراق ليبشر الأمة الإسلامية باستشهاده. ولم تتصل بواحد من آلاف العراقيين الذين فجعهم الزرقاوي بمفخخاته. ثم يلتقي مراسلها في عمّان بزوج أخته لينعى «إمام هذا العصر، وإمام الأئمة في عصر عزّ فيه الأئمة»! ويذهب في طريق الهلوسة إلى وصف القاتل بأنه «رجل رباني موفق»! ويختم اللعبة بالقول: «لقد أقسم لي أنه يعمل من أجل فلسطين»! ومادام أقسم بذلك فلابدّ من تصديقه وتصديق كل الطغاة والبغاة والكذبة والأفاكين، الذين عاشوا ينهشون من لحم فلسطين! وطريق تحرير فلسطين عند «بطل الجزيرة» كان يمر عبر قتل مزيد من العراقيين.

الخسارة فادحة لمن أرادوا بالعراق الفتنة والقتل، وعلى العراقيين سماع الكثير من النعي في فضائيات الفتنة... ولكم أن تتخيلوا كم من العواصم العربية ستنصب فيها سرادق العزاء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1372 - الخميس 08 يونيو 2006م الموافق 11 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً