دون سواها من عواصم الدول العربية الأخرى تدخل العاصمة القطرية الدوحة في سباق مع الزمن من أجل استضافة دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة. لم يعد يفصلها عن نهاية هذا العام، وهو موعد انطلاق الألعاب الآسيوية سوى بضعة أشهر كي تعرف (الدوحة)، ومن ورائها العرب مدى النجاح أو - لا قدر الله الفشل - الذي تحقق. ومنذ استضافتها إيران في العام والألعاب الآسيوية تقام في الأجزاء الغربية من المنطقة الآسيوية. ومن هنا فإن اختيار الدوحة يحمل بعض الدلالات السياسية أيضا.
وقد بدأت الألعاب الآسيوية مع أول دورة ألعاب آسيوية في الهند. ويعود معنى اللفظ الأجنبي لألعاب القوى (Athletics) إلى الكلمة اليونانية Athlos ومعناها «التسابق» وتضم مجموعة من المسابقات منها مسابقات الجري - مسابقات القفز والوثب - مسابقات الرمي - مسابقات المشي - المسابقات المركبة - سباقات الطريق. وقد أدخلت رياضة العاب القوى في منافسات الألعاب الآسيوية منذ تاريخ تأسيسها العام في نيودلهي - الهند.
أولى العناصر الجديدة في هذه الدورة هي التغطية الإعلامية التي رصدت لها قطر عشرات الملايين من الدولارات، هذا من جانب ومن جانب آخر ستتولى التغطيات الإعلامية مجموعة من اشهر شبكات ومحطات التلفزيون في العالم.
ثاني الأمور الجديدة هو حرص الدوحة على أن تترافق الألعاب مع تمسك جديد بقوانين الملكية الفكرية، الذي أفرد له قانون خاص بالدورة.
ثالث هذه الأمور هو طول المسافة التي ستقطعها الشعلة الأولومبية، إذ ستنظم أطول مسيرة على الاطلاق للشعلة الأولمبية التي ستطوف مسيرتها جميع الدول التي استضافت الألعاب من قبل.
رابع الأمور هو الدور المميز الذي ستمارسه التكنولوجيا، سواء في إدارة أمور الدورة أو طريقة إعلان النتائج أو حتى تلك الأمور ذات العلاقة بمراقبة المشاركين وإدارييهم.
لكن ما الذي جعل قطر تجرؤ على طلب استضافة الدورة؟ وما الأمر الذي يجعلها واثقة من تحقيق النجاح فيها؟
يجيب عن هذا التساؤل، مدير عام اللجنة المنظمة عبدالله خالد القحطاني بالقول «اعتقد ان التزامنا الراسخ والشديد وتطلعنا الدائم للتميز يؤكد للعالم أننا قادرون دائما على الوفاء بوعودنا... لقد مكن النمو السريع الذي يحققه الاقتصاد القطري من أن تصبح الدولة من أغنى الدول التي يتمتع فيها المواطن بأعلى نصيب من إجمالي الناتج القومي والذي تجاوز بحسب تقديرات نحو ألف دولار أميركي كما بلغ إجمالي الناتج المحلي مليار ريال قطري (نحو مليار دولار) وبزيادة نسبتها , في المئة عما حققه العام . كما تدفقت الاستثمارات الأجنبية على كل القطاعات في الدولة في الوقت الذي تستثمر فيه الحكومة ما يزيد على مليار دولار لتأهيل وتنشيط التعاون بين القطاعين الخاص والحكومي.
ويشير القحطاني إلى نجاحات أخرى حققتها قطر على صعيد استضافة دورات ألعاب رياضية أخرى فنراه يقول «كما باتت الدوحة أيضا تستضيف أكبر البطولات العالمية في الغولف والتنس وهي بطولات أصبحت تنظم بصفة سنوية وفي نهاية هذا العام ستنهي قطر عاماً حافلاً بالحوادث الرياضية بالدوحة التي ستكون بحق لقاء العمر للجميع«.
ولعل مطار الدوحة الجديد الذي ستبلغ كلفة إنشائه مليارات دولار وسيكون جاهزا تماما في نهاية العام أحد معالم الوفرة المالية التي تنعم بها الدوحة في هذه الفترة.
وبات للتكنولوجيا تأثيرها الكبير على نجاح مثل هذه الأنشطة، هذا ما يؤكده الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة لسيدني ساندي هولوي في لقائه مع مقدم البرامج الرياضية في محطة الجزيرة الفضائية أيمن جادة، إذ نجده يقول: «نجاح أولمبياد سيدني صنعته تكنولوجيا علوم الاتصال بمختلف أنواعه، بينها الوسيلة الاثقل في الإعلام المرئي التلفزيون وحقوق البث الذي وصل الصراع من أجل نيله بين اعتد المحطات العالمية ذروته، فكان الموعد مع أحدث طرق النقل التلفزيوني المباشر وأشياء أخرى احتفظت بها ذاكرة العالم.
نجاح دورة سيدني أو حتى في دورتي أتلانتا وبرشلونة اقترن بالتطور التكنولوجي والعلمي الصاخب الذي وصل إليه الإنسان من تطور وتألق انتقلت حمى عداوة إلى دول القارة الصفراء، آسيا أكبر القارات الخمس والتي أكدت مجاراتها للتطور المذهل الذي أصبح جزءاً من حياتنا اليومية من خلال كأس العالم في كوريا الجنوبية واليابان والألعاب الآسيوية الرابعة عشرة التي احتضنتها بوسان قبل شهور معدودة، ألعاب أخرج فيها الكوريون كل أوراق اللعبة، واعتمدوا في تنظيمهم وإدارتهم لثاني أهم تظاهرة رياضية في العالم بعد الألعاب الأولومبية من حيث عدد المشاركين ومساحة حجم سكان القارة«.
وعن الفوائد التي ستعود على الدوحة من وراء تنظيم هذه الدورة يضيف ساندي هولوي قائلا: «ساندي هولوي: أولاً: فيما يتعلق بالمزايا والفوائد التي ستجنيها قطر، لقد ذكرت سابقاً بأني اعتقد بأن الإرث، هناك إرث مادي وإرث معنوي، وسيكون ذلك صحيحاً أيضاً بالنسبة إلى قطر - كما كان بالنسبة لسيدني وبالنسبة لأي دولة أخرى - اعتقد بأن قطر محظوظة بالكثير من المنشآت الرياضية الجيدة، ولكنا سنرى تحسينات في هذه المنشآت، وسنشهد أيضاً البنية التحتية التي ستتحسن وسيكون ذلك جيداً بالنسبة للمجتمع القطري في السنوات المقبلة، وأعتقد أيضاً بأن قطر التي استضافت بنجاح لعدد كبير من الحوادث الرياضية ستصبح عاصمة للرياضة في هذه المنطقة من العالم، لذلك اعتقد بأن هناك الكثير من الإرث المادي الجيد، ولكني اعتقد ايضاً بأن قطر ستثبت بأن دولة صغيرة نسبياً يمكنها أن تقوم بأعمال كبيرة وبأن -كما قال أحد المسئولين في قطر هنا - بأن سيكون هناك نوع من الانتماء من خلال هذه الألعاب والقدرة على الترحيب بالعالم في قطر، وأعتقد بأن ذلك سيكون شيئاً جيداً، وهي أيضاً فرصة إذا استطعت قول ذلك شخصياً بأن يكون هناك حدث كبير جداً دولي ويجلب السعادة للمنطقة وبالمشاركة مع الانطباع الذي سائد في العالم حول هذه المنطقة، لذلك فإن ما تقوم به قطر هو شيء جيد لقطر ولآسيا«.
البعض يشبه الدور الذي ستمارسه الألعاب الآسيوية بالدور الذي لعبته محطة الجزيرة الفضائية فيما يتعلق بوضع الدوحة على خريطة الثقل العالمي الذي تحاول الدول الصغيرة أن تمارسه في وجوه الدول العظمى. فمن المعروف أن الجزيرة أعطت الدوحة ثقلا إعلاميا دوليا تحاول الدوحة اليوم أن تكرره على الصعيد الرياضي.
وعلى رغم انشغال الكثير بما سنشاهده في كأس العالم من مفاجآت، لكن ذلك لن يحول أنظار الدوحة عن ديسمبر/ كانون الأول من هذا العام، فكل انتباهه وبالتالي جهودها منصبة هناك
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1372 - الخميس 08 يونيو 2006م الموافق 11 جمادى الأولى 1427هـ