انتظرنا سبع ليال وثمانية أيام، علّنا نسمع صوت الوفاق، فلم «تتنزل» الوفاق أن تكتب رداً أو توضّح موقفاً، فموضوع المشاركة محسومةٌ والحمد لله، وموضوع التحالف أصبح من عناوين مرحلة المقاطعة، بينما نحن على أبواب مرحلة المشاركة المباركة، ولا نحتاج إلى حليفٍ ولا شريك! أما موضوع حُسْن اختيار المرشحين فقد تم اعتماد معايير إمامة الصلاة والمساجد، فلم نفرّق بين انتخاب مجلس إدارة جمعية التوعية الاسلامية وبين اختيار نواب الشعب.
نائب رئيس شورى الوفاق محمد جميل الجمري، نوّر الجمهور بوضع معايير اختيار المرشّحين: «الالتزام الديني والشرعي بمرجعية المجلس العلمائي... بعد ذلك يأتي معيار الكفاءة ومدى قدرات المرشح ومقبوليته في دائرته»! ونحن ليس لدينا عقدة من «العمامة» أو «النكتاي»، ولكن هذه التصريحات «كارثة»، خصوصاً إن لم يصدر أي توضيح من الوفاق يعتبرها وجهة نظر شخصية للجمري. لكن الكارثة الأكبر أن الوفاق مرّرت التصريحات، وتجاهلت الانتقادات، وسياسة «عمك أصمخ»، التي كنا ننتقدها في الحكومة، ها هي الوفاق تتدرب عليها، ولن يمر طويل وقتٍ إلا وأتقنت لعبة «التصامم»، حين تحمي ظهرها بـ أو مقعداً.
البعض يرجع السكوت إلى شخصية رئيس الوفاق الشيخ علي سلمان، الذي لا يحبّذ سياسة الردود، ويفضّل ترك الأمور والشائعات والانتقادات وراء ظهره، إلاّ أن هناك من يؤكد داخل الوفاق اعتماد هذه المعايير الكارثية فعلاً، فلابد من رفع الأسماء إلى المجلس العلمائي للحصول على موافقته أولاً قبل اعتمادها. وهو أمرٌ قد يوفّر على الشيخ علي سلمان في هذه المرحلة بعض «وجع الرأس»، ولكنه سيسبّب له الكثير من الصداع والآلام في المراحل اللاحقة، خصوصاً عند تقديم الحساب بعد أربعة أعوام. الوفاق إذا فكّرت بلغة المكاسب الحزبية، فلتواصل سياسة التصامم، ولكنها ستقع في دائرة المحاسبة والمساءلة قريباً، وقريباً جداً، عندما تدخل البرلمان بأشخاص يكشفهم ضعف الأداء حتى لو حصلوا على تزكية ومباركة العلماء.
ونكّرر نصيحتنا للوفاق بدقة الاختيار، أمام هذا السيل الدافق من المتقدمين، إذ يختلط الحابل بالنابل، في خلطة يزيد الماء فيها على الطحين. من هنا تبرز أهمية الحرص والدقة الشديدة في اختيار المرشحين، خصوصاً ان بعض «الراغبين» في الترشيح، عليه شبهات تقصير في عمله أو وظيفته أو حتى السلوك الأخلاقي بما لا يؤهله لتمثيل الوفاق «الإسلامية». فإذا لم نلتزم بمعيار الكفاءة والإخلاص والأمانة، سنسقط في فخ التزكيات والحب والولاء الحزبي، وحينها تضيع المقاييس.
البعض يقول ان الوقت متأخر جداً، فقد تم الاختيار وفق معايير الولاء، وما تصريحات الجمري إلا إشعار على طريقة «أخذ علماً». كما ان تمرير بعض الأسماء إلى الصحافة ما هي إلا عملية «جس نبض» للشارع ولقياس ردود فعل المتنافسين، بينما الأسماء المرشحة اعتمدت فعلاً وكان الله غفوراً رحيماً.
قلبنا على الوفاق، ليس لأنها جمعية سياسية إسلامية، ولكن لأن الكثيرين يعلّقون على مشاركتها الكثير من الآمال في تبني مشروع وطني يخدم كل قضايا الشعب، وإصلاح ما تهاون في إصلاحه الآخرون، بسبب المساومات والتنازلات التي انتهت بتمرير كل رغبات الحكومة وزيادة قوانين التضييق على أنفاس الشعب. ولكي لا يتكرر الإحباط...«تخيّري لنطفك يا وفاق»
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1371 - الأربعاء 07 يونيو 2006م الموافق 10 جمادى الأولى 1427هـ