العدد 1371 - الأربعاء 07 يونيو 2006م الموافق 10 جمادى الأولى 1427هـ

غربة المواطن في أرضه

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في محاولة لتفسير الثقافة العامة، وتأثير المقال السابق مازال عالقاً بذهني، ومحاولة لربطه بالشئون الحياتية العامة، طرق أحدهم باب عيادتي وجلس يشكو لي همومه. هو موظف في إحدى شركات الاتصالات وأعرف عنه حسن أدائه في الدراسة وكان من الأوائل، وابتعث إلى الخارج وتم تعيينه منذ سنوات، وكان بداية سعيداً براتبه وبإنجازاته كشاب في مقتبل حياته، ولكن حالما بدأ يفكر في الارتباط لتكوين أسرة بدأت المشكلات تتفاقم وسط إمكانات لا تسمح له بالحصول على منزل. ومازال يحاول التفتيش عن طريقة من دون اللجوء إلى الديون في بداية حياته للعيش في حدود راتبه الذي يعتبر من الرواتب الجيدة لإنسان في بداية الطريق. وما كان يضايقه هو أنه يجد زملاءه الأجانب منعّمين ومرتاحي البال ويأخذون ضعف راتبه فضلاً عن بدلات سكن ومواصلات، و«بدل غربة»! غربة البحريني في وطنه مضاعفة لعدم وجود حوافز مادية تدعمه للعيش من دون معاناة يومية، وبنقص الإمكانات المادية والعيش بضنك على قدر الحال، فما بالك إذا حاول الاقتصاد للمستقبل.

تتداول هذه الأيام نكتة في المجتمع «أن بحرينياً يسأل الأجنبي عن راتبه فأجاب: دينار + بدل مواصلات + دينار سكن + ديناراً بدل غربة، وعندما سأل البحريني عن راتبه أجاب: ديناراً، فسأل الأجنبي هذا بدل ماذا؟ فأجاب البحريني: (بدل ما أطر!». هذا يرينا التفرقة المريرة بين المواطن والأجنبي، على رغم أن الاثنين لديهما نفس الشهادة والخبرة وفي العمر نفسه.

كما أضاف بمرارة أن هذه الشركة كانت حكومية، ولكن بعد أن تمت خصخصتها ازدادت أمور التفرقة، ويبدو أن هذه أول بشاير الخصخصة، وهي اضطهاد البحرينيين وظلمهم في ديارهم، وياللعجب من الغربة في الوطن! هذا، والمفروض أن ينعم بخيرات البلاد من وُلدوا على أرضها وترعرعوا فيها ويحملون جنسيتها، والله أعطاها (البلاد) الخير الوفير كي تطعم شعبها ويكون لهم النصيب الأكبر من هذا الخير، بغض النظر عن أية أمور أخرى مستجدة لأية جنسيات وافدة.

وقال: حينما نسأل؛ لماذا الأجانب في الشركة ويوجد الكثير من البحرينيين لديهم هذا المستوى من الأداء، تكون الاجابة هي انه يجب وجود الأجانب! جواب غريب، فالأجنبي يتمتع بالسكن، والبحريني يبقى متشرداً لا يعرف له قرار أو استقرار وهو في بلده الذي يسقي الغريب ويترك القريب (عين عذاري)!

إن دول الخليج المجاورة، ومن دون استثناء، تغدق الكثير من خيراتها على مواطنيها، وتتأكد أن الكل لديه سكن لائق، ثم توفر لهم معظم احتياجاتهم الأساسية، ورواتبهم تفوق راتب الأجنبي، لذلك فهم سعداء في بلادهم، فضلاً عن أن ذلك يجعل المواطنين يشعرون بحبهم لأوطانهم وانتمائهم، ويشجعهم على الإنتاج والإخلاص والعيش بأمان. إننا بحاجة ماسة إلى تدخل سريع وفوري من قبل الجهات الحكومية والمدنية لتعديل هذا الأمر في الشركات والقطاعات الخاصة - والحكومية على ما يبدو - لمساواة البحريني بالأجنبي، وهذه أبسط الحقوق للمواطنين، فالشعور بالغربة في وطنك يقوّض شعورك بالحياة، وأنت ترى الغريب يتمتع بخيراتك وأكثر استقراراً وأمناً... ومعروف أن الاستقرار الأمني يرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه القضية الحساسة: إنصاف المواطن في أرضه

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1371 - الأربعاء 07 يونيو 2006م الموافق 10 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً