العدد 1371 - الأربعاء 07 يونيو 2006م الموافق 10 جمادى الأولى 1427هـ

محطات بحرينية تونسية... إطلالة على اللهجة والعادات التونسية

حسين راشد الصباغ comments [at] alwasatnews.com

من الأصدقاء التونسيين الحميمين شيخ مدينة تونس أو محافظها الصديق محمد علي بوليمان. لقد روى لي حكاية طريفة تسبب في بعض الأحيان مشكلات لا تحسن عقباها بسبب اختلاف معاني المفردات في اللغة العربية الدارجة في مختلف البلاد العربية. وخلاصة هذه الحكاية أنه كان في روما لحضور مؤتمر المدن العالمية ممثلاً لتونس، وصادف أن محافظ مدينة دمشق فقد شنطته وأمتعته بعد وصوله إلى مطار روما، والعثور عليها لن يتأتى إلا بعد عدة أيام، فقال المحافظ التونسي لصديقه السوري وهو يعرض عليه خدماته إن في شنطته الكثير من الملابس ولوازم السفر الضرورية، وخاطبه إن لديه سورية بيضاء ناصعة وجميلة وهو يقدمها إليه، فاشتاط غضباً وخرج عن طوره، لو لا أن شرح له محمد بوليمان أن كلمة سورية في تونس تعني قميص، وهنا هدأت سورة غضب المحافظ السوري وشكر صاحبه على أريحيته وضيافته العربية الأصيلة.

وقرأت منذ عدة أيام أن ممثلا أميركيا وزوجته اختارا اسم سوري لمولودتهما الجديدة ظنا منهما أن معنى هذا الاسم أميرة في اللغة العبرية أو الوردة الحمراء في الفارسية، بينما المعنى الحقيقي في هذه اللغة لهذا الاسم أخرج من هنا يا لها من مفارقة عجيبة وساخرة.

ومن منا لا يحب الفاكهة وخصوصاً إذا كانت طازجة ومقطوفة في الحال؟ وعند وصولي إلى تونس من المطار مباشرة في سبتمبر/ أيلول لفت نظري أن الطرق التي سلكناها بدت الفاكهة في حوانيتها كثيرة ومتعددة، من العنب بأشكاله وألوانه إلى البطيخ والشمام وهي مصفوفة بصورة هندسية جميلة تثير شهية المشترين، ويطلقون عليها «غلة» بدل فاكهة. طلبت من الحارس في المنزل أن يحضر لي كيلواً من فاكهة الكرز، وجدته يكتم ضحكته بصورة قوية ولا يجيب وهو في حرج، ولما سألت سائقي قال ان هذه الكلمة معيبة للغاية في تونس، ولها اسم جنسي فاضح، وكيف سيحضر لك هذه الكمية الكبيرة قلت يا الله، نسأله أن يحمينا من كل سوء ومكروه. وتذكرت أن الأميركيين ولاسيما في عاصمتهم (واشنطن دي سي) يحتفلون في نهاية مارس وحتى منتصف أبريل من كل عام، بعيد الكرز إذ تتفتح براعم زهور الكرز، ولهذا الاحتفال مهرجان وطني جميل.

وفي تونس عندما يتكلمون في موضوع ويريدون تغييره يعبرو عن ذلك بـ «اقلب الصحن»، أي غير الموضوع. ونحن نقول في أمثالنا الدارجة «عين الحسود فيها عود»، وفي تونس يقولون «عين الحسود فيها (مادرية)»، وهي اللوح الكبير، ويقولون «كركر»، أي ادفع، وعندنا تكركر أي تضحك. كما يطلقون على الخروف اسم «علوش» وهو من ألقاب بعض العائلات في تونس وكثير من البلدان العربية. وتذكر جيداً إذا زرت عائلة تونسية أن تتجنب قول أتمنى لكم العافية، فهي تعني في لهجتهم النار وبئس القرار!

وفي تونس كما في البحرين، كلمة وخر معناها واحد، أي ارجع إلى الوراء. كما تطلق كلمة المغازة على البقالة، وهي مشتقة من الكلمة الفرنسية (مغازة)، كما يطلقون على محلات البرادة في البحرين العطار بينما في مصر تعني المكان الذي تباع فيه الأعشاب، ويطلقون كلمة الغلة على مختلف أنواع الفواكه، وعلى عكس معناها في مشرقنا العربي. والدلاع في تونس البطيخ الأحمر، ونحن نطلق عليه في البلدان الخليجية (الجح)، والبطيخ (الأصفر)، كما نطلق عليه في البحرين هو نفسه في تونس. وفي مصر تطلق كلمة تخت على السبورة، بينما في سورية معناها السرير، وفي تونس الفرش.

ومن الكلمات الدارجة ونسمعها مرات يومياً في تونس «يعيشك» بمعنى الله يبقيك. وتعتبر اللهجة التونسية كما الليبية من لهجات المغرب العربي الأكثر فهما بالنسبة إلى الخليج، وهي لهجة بسيطة ومهضومة وسريعة الفهم، وكثير من كلماتها ومرادفاتها متداولة في البلدان العربية الأخرى.

والتونسيون يستعملون زيت شجرة الزيتون انطلاقاً من عاداتهم القديمة الموروثة، وهناك شريحة كبيرة منهم بمختلف طبقاتهم يتناولونه مع الخبز ويضيفون إليه العسل نظراً إلى فوائده الصحية الجمة، إذ يوضع في الشعر ليزيل القشرة، ويعادله عندنا زيت جوز الهند وتضعه النسوة في شعورهن أيضا لتزيده قوة ولمعانا كما يرطب الجسم ويشفي الشقوق كما يدهن به جسم الرضيع ويدلك به شعره. وأوراق الزيتون تغلى في الماء ويشربها المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وهذا ينطبق أيضاً على أوراق التوت، كما سمعته من بعض الأطباء التونسيين، والبعض لا يطهي طعامه إلا بزيت الزيتون

إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"

العدد 1371 - الأربعاء 07 يونيو 2006م الموافق 10 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً