هذه رسالة شخصية... أبعثها إلى صديقي العزيز اللواء الركن عبداللطيف راشد الزياني المفتش العام في وزارة
أين الاحترام لهيئة المحكمة؟... وأين الاحترام للأهالي؟... وأين الاحترام لدستور المملكة الذي يقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، والذي رأيته بالأمس يثبت أن الشرطة تعامل المتهم على أساس أنه مذنب حتى تثبت براءته، بما يعني أن الدستور في صوب وشرطتكم في صوب ثاني، مخالف ومعاكس له تماماً... المهم أن أعضاء هيئة المحكمة الموقرة دخلوا إلى القاعة في الوقت المحدد، ونحن جميعاً وقفنا لهم احتراماً، ولما جلسوا جلسنا، ومن ثم ابتدأوا ينظرون في القضايا المدنية وبعدها الجنائية.
الملفت للنظر بأن (الشرطي أول) المسئول والذي بيده الورقة هو الذي كان يعطي الأوامر بنزع القيود عن كل شخص يأتي دوره للمثول أمام المحكمة، ومن ثم يعطي إشارة للشرطة بوضع القيود مرة أخرى في أياديه عندما تنطق المحكمة بقرارها (والله أنا أعلم أن القانون البحريني لا ينص على ذلك أبداً) وكان بإمكان الشرطة أن يتركوا المتهمين (أمام أهاليهم) بلا قيود داخل المبنى الصغير للمحكمة والمحروس من قبلهم، ولكنك تكلم من؟... كانت كل القرارات الصادرة بحق المتهمين هي تأجيل النطق بالحكم إلى نهاية الشهر الحالي ماعدا قضية واحدة وهي التي هزت قلبي.
القضية كانت ضد شاب بحريني في عمر الزهور ويجلس منكسر الخاطر في أقصى اليمين... عندما فك قيده (الهاف كري) ومثل أمام القاضي استبسلت محاميته في الدفاع عنه وهو المسكين ساكت لا ينطق وشارد الذهن... القاضي قال إن الحكم في نهاية الجلسة، فتوجه إلى مقعده وأعطاهم (الشرطي أول) إشارة بوضع القيود عليه مرة ثانية، وعند نهاية الجلسة استدعاه القاضي فتم فك القيود عنه ومثل أمامه... نطق القاضي الحكم... أنت براءة... إنهار الشاب المسكين غير مصدق، فتسلمه الشرطي ووضع القيود في يده مرة ثانية وأجلسه وهو واضع رأسه بين يديه ويبكي.
الحكم الصادر من محكمة الاستئناف العليا في حق هذا المسكين براءة من التهمة (أو التهم) المنسوبة إليه، يعني ما عليه شيء، وهذا الحكم نهائي لأنه لايوجد محكمة أعلى منها إلا التمييز في القضايا الكبيرة، وهو تهمته صغيرة... ومادام هو بريء إذن لماذا توضع القيود في يديه؟ جلالة الملك المعظم يريد للمواطن البحريني الحياة الكريمة ويصدر الدستور والقوانين التي تكفل ذلك، ويأتي هؤلاء (صغار الرتب) فيقلبون المفهوم... أنا في الواقع شدني منظر هذا الشاب الذي برأته المحكمة ولكن لم يبرئه (الشرطي أول) ووضع القيود في يده، كسر خاطري المسكين وهو مشدوه وحزين.
انتظرت حتى غادرت هيئة المحكمة، ومن ثم وقف المقيدون وهموا مغادرين، اقتربت من الشاب أبارك له البراءة ووضعت مبلغاً من المال في جيبه العلوي حتى يعينه على قسوة الحياة القادمة، فما كان من هذا (الشرطي أول) إلا إصدار صرخة مدوية في وجهي (وين جالسين إحنا إهنيه) وهجم على الشاب (البريء والمقيد) وأدخل يده في جيبه وأخرج المبلغ... والله ثم والله، لولا نظرة الشاب المحطم لي وهو يقول (شكراً اعتبرها وصلت) لكنت
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1370 - الثلثاء 06 يونيو 2006م الموافق 09 جمادى الأولى 1427هـ