العدد 1370 - الثلثاء 06 يونيو 2006م الموافق 09 جمادى الأولى 1427هـ

الحكم الصالح والرشيد يتحمل الإزعاج

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحكومة في الدولة الديمقراطية تمثل السلطة التنفيذية في الدولة، وهي بذلك ملك للشعب بأكمله... وعلى أساس هذه النظرية الديمقراطية، فإن الحكومة تصبح مسئولة ومحاسبة أمام ممثلي الشعب في البرلمان، وهي أيضاً منفصلة عن القضاء الذي يفترض ان يمارس صلاحياته على اساس الحياد وتنفيذ حكم القانون.

وفي النظم الديمقراطية، فإن الدولة لا تتعامل مع فئات المجتمع أو مع المؤسسات الاقتصادية على اساس تنافسي لأنها ليست شركة خاصة، وانما هي من الممتلكات العامة التي يجب أن تكون في خدمة الجميع من دون تفريق.

الحكومة لديها سلطات تقديرية كثيرة ولذلك يصبح دور البرلمان ودور الصحافة مهماً لموازنة تلك السلطات لكي لا تطغى في جانب على حساب جانب آخر... وكلما ازدادت السلطات التقديرية للحكومة ازدادت المحاسبة لها من البرلمان ومن الصحافة ومن مؤسسات المجتمع المدني.

الحكومة الديمقراطية تقبل بإزعاج البرلمان وبإزعاج الصحافة وبإزعاج الجمعيات الأهلية والنقابات وغيرها، لأن تلك هي طبيعة السياسة المنفتحة. وتماماً كما أن المناطق الصناعية تحتوي على ازعاج وعلى انبعاث للغازات، وان هذه مهما حاول المهندسون تخفيفها، فإنها ستبقى موجودة، وسيتوجب على من يود الاستفادة من الصناعة أن يتحمل ذلك. الأمر ذاته ينطبق على الحكومات التي تسعى ان تكون ديمقراطية، فإن عليها ان تتحمل ذلك الازعاج المنبعث من برلمان يسأل وصحافة تنشر وجمعيات مدنية تنشط للدفاع عن مصالح أعضائها المشروعة.

هذا لا يعني أن الحكومة (في البيئة الديمقراطية) مسلوبة الحقوق أو الارادة أو القرار، وانما العكس هو الصحيح. فلقد أثبتت التجارب الإنسانية ان الحكومة التي تقبل بالأجواء الديمقراطية هي التي تنمو بصورة صحيحة وهي التي تقود المجتمع بصورة أكثر أمناً واستقراراً، وهذا ما تدعو اليه الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات الدولية التي تدعو الى انتهاج مبادئ «الحكم الصالح»، أو «الحكم الرشيد».

إننا نعيش في عالم شفاف، والمنظومات الدولية لديها تعريفات واضحة ومحددة للحكم الصالح، بل ان تعزيز هذا النوع من الحكم أصبح أحد الأهداف التي يسعى لها المجتمع الدولي لأن الحكم الصالح والرشيد هو الضمان الأكبر للأمن والاستقرار على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وهذا ما تشير اليه جميع الشواهد أمامنا التي تقول بأن ازمات العالم السياسية تتركز أكثر في المناطق التي لا يوجد فيها حكم صالح.

الحكم الصالح والرشيد هو الحكم الذي يعدل بين الناس، وهو الذي يخضع لمبادئ الشفافية في التعامل مع المواطنين والمؤسسات، وهو الذي يقبل بمبدأ المحاسبة من دون أن يستعمل صلاحياته التقديرية للإخلال بهذه الموازين. الحكم الصالح والرشيد يعتمد على مبدأ توازن السلطات من خلال الالتزام بحكم القانون والحيادية وعدم الجزع من بيئة الشفافية التي تحمل في طياتها بعض الازعاج، ولكنه قد يكون محموداً، لأن من طبيعة الحركة والحيوية هو وجود الازعاج... أما الأموات فهم محرومون من نعمة الازعاج والانزعاج، لأنهم لا ينطقون ولا يسمعون ما يدور حول قبورهم

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1370 - الثلثاء 06 يونيو 2006م الموافق 09 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً