العدد 1367 - السبت 03 يونيو 2006م الموافق 06 جمادى الأولى 1427هـ

الوفاق... انحدار أم انتحار؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد أن سجل الوضع السياسي مزيداً من التراجعات والتضييق على خلق الله، قرّرت المعارضة المشاركة. وإذا قرر المقاطعون المشاركة، فليلعبوها لعبةً صحيحةً وإلاّ فلا. ومشكلتنا أننا نضيق بالرأي المخالف حتى لو كان من أقرب المقربين، في دورةٍ عبثيةٍ من «إعادة إنتاج» الاستبداد الذي ننتقده في حكوماتنا، فنمارسه من جديدٍ في حياتنا السياسية. ومع ذلك لا تسقط مسئولية نقد الأوضاع الخاطئة عن عاتق المهتمين بالشأن العام.

ومسئولية الوفاق مضاعفة، بحكم ثقلها الجماهيري مقارنةً ببقية الجمعيات، ولذلك فإن أيّ قرارٍ وفاقي ليس شأناً داخلياً بل هو شأنٌ وطنيٌ عام. من هنا نطالب الوفاق بالحرص والدقة الشديدة في اختيار المرشحين، ونعلم مسبقاً أن هذا الكلام سيثير حفيظة الكثير من الطامحين غير المؤهلين، ولكنها كلمة لابد أن تقال.

التيار الإسلامي أشبه بالشاب النشيط مفتول العضلات، لكنه لم يُعَوّد على التفكير المنهجي، وبالتالي يعاني من قلة «الموارد البشرية» المؤهلة فعلاً. كما أنه تيارٌ يضيق صدره سريعاً بالخلاف حتى ما بين كوادره، فيهرب سريعاً إلى أسهل الطرق: التشرذم والانشقاق. ربما تذكرون قصة «العدالة والتنمية» أقصى اليمين، و«حق» أقصى اليسار، انشقاقان خلال عامٍ ونصف العام فقط.

اليوم، وعلى أبواب للمشاركة، فإن أكبر التحديات هو حسن الاختيار، وفي الاختيار «بيت الداء»! الوجه الآخر من المشكلة هو التحالفات. جمعية الوفاق تحمل توصيفين مهمين: «الوطني» و«الإسلامية»، فضلاً عن مدلول اسمها: «الوفاق». فإذا دخلت كحزبٍ يمثّل الطائفة الشيعية، فتلك كارثةٌ على الوفاق نفسها، وعلى ما يمكن أن يعلقه المواطنون من آمال على البرلمان المقبل. وفي هذه الحالة لن يكون ثمة مفاجأةٌ إذا فُرِضت أجندةٌ من نوع الأجندة «الأخلاقية» التي تبناها آخرون خلال أربع سنوات عجاف. المؤشرات الأولية حتى الآن تشير في هذا الاتجاه، فقبل شهرين، صرح الشيخ علي سلمان أنه لا يمكن أن تتخلى الوفاق عن أية دائرةٍ مضمونة. أحد الكوادر السياسية المعتمدة بالوفاق يكرّر بصريح العبارة: «من المستحيل التنازل عن أي مقعد». وقبل شهرٍ طرحنا الإشكال نفسه على عددٍ من كوادر الوفاق في لقائهم بـ «الوسط»، فلم نحصل على إجابة «وطنية» شافية.

أفق التحالف أصبح أضيق من أن يتسع للكفاءات «المتنوعة» و«المخلصة»، من أطياف المقاطعة، من الممكن أن تتبنى مشروعاً وطنياً جامعاً للشعب، وهو ما يعني أن «المعارضة» انتهت عملياً بعد أن تغلبت النزعة الحزبية الخالصة.

الأخطر من ذلك، ما قرأناه من تصريحات لنائب رئيس شورى الوفاق محمد جميل الجمري، عن معايير اختيار المرشحين، وأبرزها «الالتزام الديني والشرعي بمرجعية المجلس العلمائي». والتصريحات كارثةٌ بمعنى الكلمة، إن لم يصدر أي تعليقٍ من جانب الوفاق تحملها على أنها تصريحاتٌ تعبّر عن وجهة نظر شخصية للجمري.

لستُ من دعاة ترشيح كلّ من هبّ ودب، ولابد من الحذر الشديد خصوصاً مع وجود كثرةٍ من نهّازي الفرص، ممن أسماهم الشارع بعفويته «المتسلقون»، ولكن بالمقابل لا يمكن حصر الكفاءات بالملتزمين بمرجعية المجلس العلمائي فقط.

قد نفهم اشتراط الالتزام بخط الوفاق السياسي، لكن ربطه بالتزام بخط المجلس العلمائي، يتبعه «فيما بعد معيار الكفاءة ومدى قدراته ومقبولية المرشح في دائرته»، فتلك كارثةٌ في المعايير. هذا التخبط، سنجني ثماره المرّة بعد أربع سنوات، حينها ستكتشفون هل هو انحدار أم انتحار... لكن بعد فوات الأوان

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1367 - السبت 03 يونيو 2006م الموافق 06 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً