نزعم بأنه لا من ضرورة لإعداد موازنة سنتين ماليتين في آن واحد لعدة أسباب موضوعية. يلاحظ أنه تم إعداد موازنة السنتين الماليتين و قبل أكثر من نصف عام على بدء السنة المالية المقبلة. كل الذي تقوم به الحكومة هو إجراء تغيير شكلي لموازنة السنة الثانية مثل الأعوام و و. وتبين لنا بعد مراجعة موازنة سنوات هو أن موازنة السنة الثانية «على سبيل المثال » ما هو إلا نسخة منقحة من العام .
نقول: إن فكرة موازنة سنتين ماليتين غير صائبة، نظرا إلى عدم التزام الحكومة بالإحصاءات المعلنة. فقد أكدنا في مقال يوم أمس (السبت) بالدليل الدامغ أن الأرقام النهائية تختلف بشكل كبير مقارنة بتلك المعلنة. على سبيل المثال وليس الحصر نشير إلى ما حدث في العام الماضي. فقد ارتفعت الإيرادات بواقع في المئة إلى مليون دينار وقلت المصروفات بنسبة في المئة إلى مليون دينار ومن ثم تحويل العجز المتوقع وقدره ملايين دينار إلى فائض قدره مليون دينار. بل أن الفائض الحقيقي هو مليون دينار، لكن ما حدث هو أن الحكومة قررت تدوير مبلغ قدره مليون دينار. حقيقة ما حدث في السنة المالية ما هو إلا نسخة معدلة من نتائج العام .
افترضت الموازنة الجديدة متوسط سعر قدره دولاراً لبرميل النفط. بيد أنه يمكن اعتبار هذا السعر محافظا نسبياً وذلك بالنظر إلى أوضاع السوق النفطية. يلاحظ بأن دولاراً للبرميل الواحد رقم مقدر للنفط في العام وكذلك العام . السؤال الذي يطرح نفسه هو على أي أساس أقدمت وزارة المالية تبني سعر دولاراً للبرميل لفترة لمدة عامين؟ لا نعتقد بأن الوزارة لديها علم الغيب. فلا أحد في أسواق النفط بمقدوره أن يدعي بما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل القريب فضلا عن المستقبل بسبب التعقيدات المرتبطة بمسألة النفط مثل تطورات الأوضاع في كل من العراق وإيران ونيجيريا وفنزويلا فضلا عن النمو الاقتصادي العالمي في دول مثل الصين. يبدو أن تبني سعر موحد لسنتين ماليتين يخفف من أعباء إعداد الموازنة لدى وزارة المالية ما يعني اتباع أسهل الطرق.
وللتأكيد على ما نقوله لا مناص من تذكير القراء بالوضع في الموازنتين السابقتين. فقد تم إعداد موازنة السنتين و على أساس متوسط سعر قدره دولاراً. وكما هو معروف فإن السعر السائد في الأسواق هذه الأيام يتراوح في حدود دولاراً للبرميل الواحد. ويزيد هذا الرقم بنسبة في المئة عن الرقم المعتمد.
من جهة أخرى، كشفت الحكومة بأن الدخل النفطي للعام ارتفع بواقع في المئة من مليون دينار في الموازنة المعتمدة إلى مليون دينار في الموازنة الفعلية. وقد شكل الدخل النفطي في المئة من مجموع الإيرادات أي أكثر من ثلاثة أرباع دخل الخزانة. وبدا واضحا بأن الحكومة قد أخطأت في جانب حيوي فيما يتعلق بالموازنة العامة ألا وهو القطاع النفطي. وهذا يعني بالضرورة تسجيل أخطاء في الأرقام الأخرى في الموازنة العامة.
يبقى أن اعتماد موازنة سنتين ماليتين يتناقض مع حقيقة أخرى وهي عدم وجود وزارة للتخطيط في البحرين. ففي الوقت الذي لا يوجد عندنا وزارة للتخطيط مثل عدد لا بأس به من الدول الإقليمية، بالمقابل نتميز عن الآخرين بإعداد موازنة سنتين ماليتين في آن واحد
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1367 - السبت 03 يونيو 2006م الموافق 06 جمادى الأولى 1427هـ