العدد 1366 - الجمعة 02 يونيو 2006م الموافق 05 جمادى الأولى 1427هـ

ملف إسكاني مثقل بأكثر من ألف طلب عالق

كم مواطن يبلغ دخل أسرته دينار؟

بين ليلة وضحاها، لقي نفسه وعائلته بين خيارين: اما العيش في غرفة جدرانها من الخشب في الطابق الثالث تتآكل بسبب الرطوبة وحر الشمس صيفا وتغرقها الأمطار شتاءً فتقلبها رأسا على عقب! أو القبول بالعيش مع ست عائلات في وحدتين سكنيتين يتشاطر فرداً تلك الغرف المحدودة!

ولم يكن الكثيرون (غيره من المواطنين) أفضل حالا بعد أن امتدت فترة انتظارهم على قوائم طلبات وزارة الأشغال والإسكان سنة وأكثر، في حين وقف من حالفه الحظ للحصول على قطعة أرض عاجزاً عن بنائها لمحدودية القروض، وبتوالي المكرمات والهبات تتزايد الأعباء والهموم على المواطن البسيط.

في هذه المساحة يسلط استطلاعنا مع عدد من المواطنين الضوء على هموم الملف الإسكاني عموماً، والذي أثقل بالطلبات لدرجة أنها تجاوزت ألف طلب ومن المتوقع أن تتزايد في السنوات المقبلة إلى ألف طلب لذلك وجب الوقوف عند هذا الملف لتقصي جل مشكلاته وتداعياته.

أكثر ما يتردد في الأصداء أزمة طلبات العام م المتعلقة بالقسائم السكنية ومصيرها الذي تشوبه الكثير من الضبابية ويشكل هاجس فئة لا يستهان بعددها في المملكة، ويمكن أن نعتبر المواطن علي حسن الموظف في إحدى الوزارات واحد المتقدمين لطلب وحدة سكنية منذ العام نموذجاً إذ يرى أن خطة الوزارة للتعامل مع الطلبات المتراكمة يشوبها الكثير من القصور وهو أمر من شأنه أن يسهم في تزايد مدة الانتظار وبالتالي احتقان الناس وتظاهرهم لاسيما مع تلاشي وعود الوزارة في ذلك الوقت بحل المشكلة من خلال وجود خطة إسكانية من أولويتها طلبات و.


الشفافية في التعامل

مع كثرة الوعود والترويج لمشروعات إسكانية واستملاك عدد من الأراضي في بعض المناطق في المملكة، وإقرار أكبر موازنة في تاريخ الوزارة طالب علي بمزيد من الشفافية في التعامل ليكون المواطن في الصورة لاسيما بعد توزيع غير عادل لتوزيعات ديسمبر/ كانون الأول م والتي ظلم الكثيرون فيها وشعروا بالاستياء لمنح وحدات سكنية لطلبات العام وم من دون تبرير لهذا الوضع في ظل الأزمة الإسكانية التي تتفاقم وتتعقد كلما تزايدت الضبابية وغابت الشفافية أمام الرأي العام.

قصة أخرى لا تختلف مشاهدها كثيرا عن ما سبقها هي قصة محسن العلويات، والذي يرجع طلبه لشقة منذ العام يرى ضبابية التوزيع مستنكرا سبب إعطاء الوزارة وعوداً لأصحاب طلبات في نهاية العام الماضي، ليفاجأ المواطنون بتوزيع قسائم سكنية على أصحاب الطلبات الجديدة، هذا ولم تتعد القسائم السكنية قسيمة سكنية وزعت على طلبات العام والقليل منها أعطي لطلبات العام بينما تجاهلت الوزارة طلبات العام من دون أن تدلي بأي تفسير عن الأساس الذي وزعت بناء عليه تلك القسائم.


تداعيات تعديل نظام الإسكان

وقد تتفاقم المشكلة عندما ترجع بعض الطلبات إلى العام كما هو الحال مع المواطن المتقاعد زهير علي بو علي والذي يستنكر هذا الوضع في ظل وجود مواد في الدستور تقر بإلزامية أن تعمل المملكة على توفير سكن لكل المواطنين... ولاسيما ذوي الدخل المحدود.

ومع تزايد الطلبات... سواء طلبات القروض أو الوحدات السكنية إلى أكثر من ألف طلب، وتعديل بعض أحكام قرارات نظام الإسكان تتزايد الهموم على المواطن، مستشهدا في ذلك بما تنص عليه المادة الثالثة من القانون من ثقل وأعباء على المواطن والتي تشترط في أحد بنودها على ألا يزيد الدخل الشهري للأسرة الأساسية عن تسعمئة دينار للحصول على وحدة سكنية في حين يشترط عدم زيادة دخل الأسرة عن دينار للحصول على شقة للإيجار وهو أمر من شانه أن يخدم فئة من المواطنين فقط وهم ذوو الدخل المحدود.


بدل إيجار للمتضررين!

توفير وحدات سكنية لأكثر الحالات إلحاحا، توفير وحدات أو شقق سكنية لطلبات م في القريب العاجل أو إعطاء بدل إيجار للمتضررين من أصحاب الطلبات القديمة والتي ترجع إلى العام وأكثر بالإضافة إلى تحديد الفترة الزمنية لتوزيع الوحدات السكنية على أصحابها، فضلا عن وضع قرار وزاري يحدد فترة معينة كحد أعلى للحصول على وحدة سكنية وتبيان المعايير والآليات في التوزيع ونشرها في الصحف قبل توزيعها كلها مقترحات طرحت أمام المسئولين من قبل الكثير من المواطنين في الصحف والإذاعة.

وتضاعف قيمة الأراضي وشحها وكلفة الإنشاء في السنوات الأخيرة مشكلة أخرى ضمن الملف الإسكاني يحاول التعايش معها المتقاعد من السفارة الفرنسية عبدالعزيز حسن والذي يرجع طلبه إلى قرض ترميم وبناء منذ العام م ليواجه العراقيل تلو العراقيل بدءاً من رفض طلبه بحجة أنه غير مشمول بتأمين من قبل التأمينات الاجتماعية، وصولا بالمشكلات الروتينية والإجرائية وانتهاءً بإهمال طلبه ووضعه على رف المنسيين! مع العلم أنه استوفى كل الأوراق المطلوبة في محاولة للتسريع من الإجراءات ليوفر لابنته المعوقة جسديا وذهنيا بيئة سكنية ملائمة صحيا.


وابل من المشكلات!

سلسلة من المكرمات والهبات الإسكانية يتبعها وابل من المشكلات العالقة نظرا إلى سوء استغلالها من جهة، وتفشي الفساد والمحسوبيات من جهة أخرى! ليبقى الوضع على ما هو عليه مع الكثيرين ويمسي أسوء مع الأكثر كما هو الحال مع المواطن مجيد جعفر عبدالله والذي يقطن مع عائلته المكونة من ولدين وزوجة في غرفة جدرانها من الخشب تتآكل بسبب الرطوبة وحر الشمس، وتفتقر إلى ابسط سبل الراحة والمرافق الصحية.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تعداه ليضطر مجبرا رب الأسرة على أن يمد له سلكاً لتوصيل الكهرباء من جاره بالطابق الثاني، ولم يكن هذا الحال الا نتيجة سوء تخطيط لتوزيع مكرمة بيوت المقشع على المستحقين كما أشار، بعد أن كان يقطن منزل العائلة في غرفة - هي في أقل تقدير - أفضل حالا مما هو عليه حاليا.

لقد شملته مكرمة سمو ولي العهد في منطقة المقشع بعد تقصي حالته وإدراجه ضمن المستحقين للمكرمة، وحصل على وعد بأن يتسلم وحدتين سكنيتين تتشاطرها أربع عائلات كل عائلة في طابق إلا أنه - وبعد أن خرج وكل من في منزل العائلة وسلم المنزل وحشر نفسه في غرفة لا تتجاوز مساحتها في أمتار فضلا عن خروج والدته وأخويه في شقق إيجار - صدموا بمطالبتهم بتسليم المنزل القديم فضلا عن الشقق التي يقطنونها مقابل وحدتين سكنيتين تتشاطرها سبع عائلات، ما دفعهم إلى مخاطبة المعنيين ليصل الأمر بهم إلى عرض القبول بوحدة سكنية قديمة تم التنازل عنها، أو تسليمهم ثلاث وحدات سكنية مقابل تنازلهم عن منزلهم القديم وشققهم! وفي أضعف الإيمان، قبولهم بالوحدتين السكنيتين وتنازلهم عن المنزل القديم واحتفاظهم بالشقق، فالمكرمة جاءت لتريح المواطن لا أن تثقله بالهموم والمشكلات التي لا حل لها مع العلم أن المكرمة شملت عائلات أقل احتياجا ما دفع بالأهالي إلى مخاطبة المسئولين ولكن من دون جدوى ومازال الوضع على ما هو عليه إلى أجل غير مسمى.

ولم تسلم مكرمة البيوت الآيلة للسقوط من المشكلات على رغم ما رصد لها من موازنة ضخمة تشمل ترميم أو إعادة بناء منزل خلال سنوات وفق خطة تشمل منزل لا يتوافر فيها الحد الأدنى من شروط السلامة والصحة، والتي كان من بينها منزل المواطن حسين المدوب في منطقة المعامير إلا أنه مازال على قائمة الانتظار بعد أن وجه نداءه إلى المسئولين والمعنيين بتسريع عجلة العمل نظرا إلى الظروف الصعبة التي يعيشها نتيجة تهالك منزله وافتقاره إلى سبل السلامة والصحة فضلا عن تزاحم أسرته المكونة من أبناء ووالدتهم وجدتهم في المنزل.


شبكة طرق مع وقف التنفيذ!

مشكلة المواطن عبد الوهاب الجودر هي الأغرب من نوعها فقد قام بشراء قطعة أرض في شهر أكتوبر/ تشرين الأول العام بمنطقة دمستان ضمن مخطط يضم قطع سكنية، إلا أن هذا المخطط - ولخطأ تتحمله جهة رسمية - لم ينشأ له طريق نافذ للشارع العام ما دفع المالكين لتلك القطع السكنية إلى مخاطبة إدارة التخطيط الطبيعي بوزارة شئون البلديات والزراعة في أغسطس/ آب العام م بالإضافة إلى مخاطبة المجلس البلدي للمنطقة الشمالية، ومازال الجودر يقف عاجزا أمام استكمال إجراءات بنائها بسبب عدم وجود شبكة للطرق بها على رغم أن الشبكة نظريا موجودة على الأوراق، فإنها لم تلق نصيبها من الاهتمام لترى النور لأسباب غير معروفه! لتستمر الوعود منذ أبريل/ نيسان العام م وحتى اليوم ومازال الوضع على ما هو عليه.


أزمة الأراضي

نختم استطلاعنا بالوقوف عند أزمة الأراضي والتي تمثل الهم الأول في الملف الإسكاني فضلا عن المشكلة الأولى التي تعيشها البلاد في ظل عجز وزارة الأشغال والإسكان - ضمن إمكاناتها الحالية - في تلبية الطلبات المتزايدة على الوحدات السكنية والقروض والشقق، وخصوصا في ظل الزيادة السنوية في الطلبات، والتي تضاعف من حجم المشكلة، فسيد حسين الموسوي أحد المواطنين الذي يعاني من تلك المشكلة نتيجة تعذر الحصول على أرض مناسبة وبسعر مناسب إذ يقول ان الوزارة لا تمتلك أراضي لتوزعها على الناس إذ إن في المئة من أراضي الدولة هي أملاك خاصة على رغم تكرار الوعود بوجود احتياطي من الأراضي للمستقبل يتمثل في أراض سيتم دفنها في البحر في بعض المناطق في المملكة، لكن في المقابل، ستبقى مشكلة استيلاء المتنفذين على معظم تلك الأراضي واضطرار الحكومة إلى دفع مبالغ مضاعفة مقابلها لاستغلالها في المشروعات الإسكانية والخدماتية.

فتح الاستثمار في الأراضي لرؤوس الأموال الأجنبية أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي وسعي كثير من التجار إلى استملاكها للمتاجرة - وفق ما حلل الموسوي - والذي رأى أنه أمر أثر سلبا على أصحاب الدخل المتوسط والمحدود، لتبقى المشكلات في تزايد على رغم وجود المكرمات والهبات، وظل الوضع على ما هو عليه في ظل سطوة المتنفذين

العدد 1366 - الجمعة 02 يونيو 2006م الموافق 05 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً