دعا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان للإشادة بالرجال والنساء الذين يخدمون في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بروح من نكران الذات بلا كلل ولا خوف.
وقال عنان في رسالة بمناسبة اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة الذي صادف يوم التاسع والعشرين من شهر مايو/ أيار الماضي إنه عندما أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول بعثة لحفظ السلام في مثل هذا اليوم من العام ، لم يكن في قاعة المجلس من يمكنه أن يتخيل المدى الذي ستبلغه مهمة حفظ السلام التي تضطلع بها الأمم المتحدة في تطورها منذ ذلك الحين. فقد ولى منذ عهد بعيد الوقت الذي كان فيه أفراد حفظ السلام المزودون بأسلحة خفيفة يقومون بدوريات مترجلة على طول خطوط وقف إطلاق النار بين الدول ذات السيادة.
وأخذت الآن عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام تزداد تعقيدا كما تزداد أبعادها تعددا، فهي تتجاوز مهمة مراقبة وقف إطلاق النار لتقوم فعليا ببث الحياة من جديد في أوصال الدول المنهارة، وهو كثيرا ما يحدث في أعقاب عقود من الصراع.
ويعمل أصحاب الخوذات الزرقاء مع زملائهم من المدنيين لتنظيم الانتخابات وإصلاح الشرطة والأجهزة القضائية وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وإزالة الألغام والنهوض بالمساواة بين الجنسين والتوصل إلى نزع سلاح المقاتلين السابقين طوعا ودعم عودة اللاجئين والمشردين داخليا إلى ديارهم. وفي العام الماضي على وجه الخصوص، اضطلع أفراد الشرطة التابعون للأمم المتحدة بدور متزايد الأهمية، إذ قاموا بسد الفجوة القائمة ما بين الدور الذي تؤديه القوات العسكرية التابعة للأمم المتحدة، وذلك الذي تضطلع به المؤسسات الأمنية المحلية التي تعجز عن الحفاظ بشكل كامل على النظام العام في بيئات ما بعد الصراع التي كثيرا ما يتسم بالتوتر.
ولا يخلو هذا العمل البالغ القيمة من المخاطر. فقد كان عدد أفراد حفظ السلام الذين جادوا بأرواحهم في خدمة الأمم المتحدة في العام أكبر منه في أي عام آخر في العقد الماضي، إذ لقي من أفراد حفظ السلام من بلدا حتفهم من جراء العنف والمرض والحوادث. وفي العام ، توفي حتى الآن، أثناء أداء الواجب، غيرهم، من بينهم ثمانية جنود غواتيماليين فقدوا أرواحهم أثناء محاولتهم إحلال السلام في المنطقة الشرقية المنكوبة من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعلاوة على ذلك، فقد ازداد عدد أفراد حفظ السلام المعرضين للخطر زيادة رهيبة، وما زال آخذا في الازدياد. ويعمل الآن ما يزيد على من العسكريين و مدني في عملية للسلام تديرها إدارة عمليات حفظ السلام، ما يجعل من الأمم المتحدة أكبر مساهم متعدد الأطراف في عمليات تثبيت الاستقرار بعد انتهاء الصراع في جميع أنحاء العالم. ويعكس الطلب على عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام الثقة المتزايدة في قدرة المنظمة على تهدئة التوترات وإعادة الاستقرار. ويقابل هذا بدوره دعم من الدول الأعضاء. إذ يساهم الآن مئة وثمانية من البلدان بأفراد عسكريين، بما في ذلك في بعثة السودان التي تضم أفرادا من بلدا، والتي تمثل أكثر الائتلافات التي تم تشكيلها تنوعا على الإطلاق. وتعد الهند وباكستان وبنغلاديش أكبر الجهات المساهمة إلى حد بعيد، فهي توفر معا أكثر من في المئة من أفراد حفظ السلام، وبالتالي، فقد لحق بها بعض من أفدح الخسائر.
ومع تحول حفظ السلام إلى مهمة أساسية من مهمات المنظمة، ومع انضمام المزيد من الموظفين إلى الأعداد الكبيرة التي تخدم فعلاً في المواقع الميدانية الخطيرة، من الضروري للغاية أن يتلقى هؤلاء العاملون المزيد من الدعم المؤسسي المهني الذي يلبي احتياجاتهم. وقد عقدنا عزمنا على أن نحقق هذا من خلال إجراء إصلاحات حاسمة تتصل بالإدارة والرقابة، ومن خلال الإنفاذ الدقيق لأرفع معايير السلوك ولسياسة عدم التسامح مطلقا إزاء الاستغلال والاعتداء الجنسيين. ونطلب كذلك من الدول الأعضاء والجهات المساهمة بقوات أن تقابل عزمنا بعزم مماثل في هذه المسألة الحاسمة الأهمية.
ويشكل إنشاء لجنة بناء السلام خطوة أخرى مهمة إلى الأمام. فمن خلال الاهتمام المتواصل بالتحديات الفريدة التي تنطوي عليها الفترات الانتقالية التي تعقب انتهاء الصراع، ستعمل اللجنة على وقاية البلدان من الانزلاق مرة أخرى إلى هوة الصراع، وهو أمر شهدناه كثيرا، وقد استلزم من أفراد حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة العودة إلى البلدان التي لم يرسخ فيها السلام
العدد 1366 - الجمعة 02 يونيو 2006م الموافق 05 جمادى الأولى 1427هـ