العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ

هاني الوسطي... ٥٣ يوماً بين عقد قرانه وتشييعه

«الوسط» تفتح ملف ضحايا الانتهاكات في حقبة أمن الدولة (٢٢)...

بعيداً عن معادلات السياسة، وبعيداً عن كل المصالح والاتهامات المتبادلة في ملف الشهداء وضحايا التعذيب الذي طرح على بساط البحث، فإن لهذه القضية وجهاً إنسانياً لا يقبل التشكيك. إنه حديث عن ضحايا كانوا ومازالون يعانون، وكثير منهم لم يرتكبوا جرماً سوى المطالبة بحياة كريمة في ظل احترام الإنسان بصفته بشراً له كرامة وحقوق لا يفرط فيها.

لنبتعد عن السياسة قليلاً، وسنرى أن هناك واقعاً مأسوياً بكل ما للكلمة من معنى تعيشه عائلات بحرينية كريمة، بعضها فقدت حبيباً، وأخرى عانى أبناؤها من وطأة تعذيب في السجون والمعتقلات لفترات طويلة، وثالثة شرد أفرادها في أقطار الأرض. «الوسط» تعرض ضمن مسلسلها المتواصل شهادات حية من عائلة بحرينية كان لها مع عهد أمن الدولة ذكريات مريرة لم تمح من ذاكرتها حتى الآن، وهي لاتزال تعاني بسبب القبضة الأمنية المحكمة التي كتبت لها رواية حزينة اختطت بحلم مواطنين كان جرمهم أن حلموا بوطن يحيا فيه الأمل.

ندعوكم اليوم إلى متابعة حكاية شاب آخر اخترقت رصاصة أمن الدولة رأسه منهية مشوار حياته بعد ٥٣ يوما من عقد قرانه، رصاصة أنهت أمل إنسان في مشروع أسرة بحرينية. مؤسسها لم يرتكب خطأ سوى أنه أراد لوطنه الحرية والرفعة والكرامة من خلال مطالبته بإلغاء قانون أمن الدولة وتفعيل الدستور، نروي لكم اليوم حكاية الشهيد الشاب هاني حسن إبراهيم علي الوسطي (٣٤ عاماً).


مقتطفات من حياته

الشهيد هاني حسن إبراهيم علي الوسطي(٣٤ عاماً)، من مواليد الرابع والعشرين من يوليو/تموز العام ١٩٧٠ من سكنة منطقة جدحفص، له من الاخوة خمسة ومن الأخوات أربع توفيت والدته في العام ،١٩٨٦ عمل في مجمع السلمانية الطبي في المغسلة وكان راتبه لا يتجاوز ١٢٠ ديناراً كما كانت الحال المادية لعائلته ضعيفة، و كان حال عائلته مثل حال الكثير من العوائل البحرينية، فقد كان منزل العائلة آيلا للسقوط. كان والده يعمل بائعاً للخضراوات بالسوق المركزي وكان يرافقه هاني في الاجازات ليساعده.

هاني كان يتميز بالهدوء والمحبة، إذ كان محبوباً بين عائلته وأصدقائه بصورة كبيرة ما أهله لأن يكون أهلاً لاصلاح ذات البين وخصوصاً في عائلته، كما كان يجيد الطبخ ويعتمد عليه في ذلك.

ودع هاني حياة العزوبية في الرابع والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول من العام .١٩٩٤


استشهاد هاني

في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول ومع انطلاقة انتفاضة التسعينات كان هناك برنامج كامل لخروج مسيرات في مناطق كثيرة ومن ضمن المناطق التي خرجت في مسيرة السنابس. وبحسب شقيقه جميل «خرج الشهيد من المنزل في نحو الساعة الثالثة ظهرا متوجها للمشاركة في المسيرة غير أنه لم يخبرنا بذلك وكنا نجهل وجود تلك المسيرة وبحسب شهود عيان فإن المسيرة كانت سلمية ورفعت شعارات لتفعيل دستور العام ١٩٧٣ وإلغاء قانون أمن الدولة»، في هذه الأثناء كان هاني متوجهاً للمشاركة في المسيرة وبعد انطلاقها حاصرتها قوات الأمن وقامت بإطلاق الرصاص الحي عليها بالإضافة إلى الرصاص الانشطاري ليسقط عدد من الجرحى منهم الشهيدان هاني الوسطي، وهاني خميس الذي نقل إلى منزله قبل أن يفارق الحياة بسبب رصاصة حية اخترقت صدره وعدد من الأجهزة في جسده، أما هاني الوسطي فحاول بعض الشباب بمساعدة امرأة نقله إلى مجمع السلمانية الطبي وخصوصا أن سيارات الإسعاف ممنوع عليها حمل المصابين في المسيرات».

وبحسب الشهود فإن «الشهيد كان يبتسم في وجه من حملوه بعد إصابته وقد فارق الحياة منتقلا إلى جوار ربه قبل الوصول به إلى مجمع السلمانية الطبي، وذلك بعد نقله عبر سيارة بيك أب من خلال استخدام طرق وعرة وضيقة. في هذه الأثناء، وبحسب شقيقه، «كنا نعتقد أن هاني مع صديقه ولكن بعد تأخره قمنا بالبحث عنه والاتصال بخطيبته لكننا لم نعلم بما جرى، وفي صباح اليوم التالي وبينما كان أحد أشقائي في عمله بمجمع السلمانية الطبي تم استدعاؤه للتعرف على هوية الشهيد ولأن الرصاصة أخفت ملامح وجهه لأنها اخترقت رأسه من أحد الجوانب لتصل إلى الجانب الآخر الا أنه بعد التركيز تعرف على أن القتيل هو شقيقه هاني»، مشيراً إلى أن «العائلة وحتى هذا الوقت لم تعلم إلا أنها، وبعد الاتصال بمقر عمله بمغسلة مجمع السلمانية علمت بذلك».

يشار إلى أن العائلة كانت تعيش في أيام زفاف أحد أبنائها، إذ كان زفاف الابن ليلاً وشهادة هاني في عصر اليوم التالي ما قلب الفرح إلى ترح وبحسب الشقيق المتزوج «لقد كان يبارك لي بالليل لكنه رحل في النهار لقد تحول الفرح في العائلة إلى عزاء ومأساة». وترجع سبب الوفاة بحسب شهادة الوفاة إلى إصابة في الرأس. وخرج عدد كبير من الجماهير مشيعة الشهيد إلى مثواه الأخير.


العائلة بعد الرحيل

بعد استشهاد هاني تأثر والده تأثراً كبيراً إلى حد انه ظل حتى وفاته في العام ٢٠٠٣ يزور قبره بشكل يومي. كما أن شقيقه جميل أطلق اسمه على أحد أبنائه وذلك لشدة تعلقه هو وزوجته بهاني.


ترميم القبر

انتهز شقيق الشهيد هذا اللقاء ليطلب من أصحاب الخير العمل على ترميم قبر الشهيد لأنه بحاجة ماسة إلى ذلك، ولقد رمم من قبل لكنه بحاجة إلى ذلك الآن. موجها شكره إلى «جمعية الوفاق الوطني الإسلامية على تواصلها الدائم مع عائلة الشهيد وإلى رئيسها دائم التواصل معها».


العدالة الانتقالية

تطالب العائلة بالكشف عن هوية مرتكبي هذا الجرم وتقديمهم إلى العدالة ومحاكمتهم هم ومن أعطاهم أمراً بذلك، كما أن على الدولة الاعتراف بهم ضحايا، وخصوصا أن المسيرة كانت سلمية. ونطالب بجبر الضرر عن طريق منح تسهيلات للعائلة وتعويضها ماديا ومعنويا ولن يكون ذلك ثمنا للحظة من لحظات حياة الشهيد، لكنه يأتي من باب جبر الضرر

العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً