في إحدى الصيفيات التي قضيتها مع عائلتي في الولايات المتحدة الأميركية، قررنا أن نذهب عدة أيام إلى ديزني لاند الواقعة في مدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا... عندما وصلنا إلى الفندق الكبير الموجود وسط أورلاندو (خارج ديزني لاند) وبعد أن سجلنا الدخول وتسلمنا مفاتيح الغرف، صادفتنا سيدة تبتسم وتدعونا إلى مكتبها الموجود في وسط صالة الفندق، وذلك لتعطينا بعض الجوائز المجانية...
طبعاً العائلة والأولاد ما صدقوا موضوع الهدايا المجانية وطلبوا مني الاستجابة للطلب حتى يلحقوا الكذاب لبيت أهله ( مثل ما يقولون )... ذهبنا مع السيدة إلى الكونتر الذي تعمل عليه وسلمتنا دعوة للإفطار المجاني في فندق بعيد، وهذا الفندق سيرسل لنا باص يحملنا في الصباح الباكر وينقلنا إلى هناك، ثم أتى بنا بعد الإفطار إلى حيث نحن ساكنين، وإذا قبلنا الدعوة فإنهم سيعطون الأولاد ألعاباً وهدايا بقيمة دولاراً لكل واحد منهم... الدعوة بالنسبة لي كانت غريبة وغير محرزة (على حسب ما يقول إخواننا الأردنيون)، وأنا غير محتاج فطور مجاني ولا هدايا...
ولكن حب الاستطلاع، ومعرفة خبايا الأمور هي التي دفعتني إلى قبول تلك الدعوة... وياريتني ما قبلت ولارحت... مع أن فطورنا في الفندق كان بوفيه كبير ويحتوي على كل ما لذ وطاب، ومع أنه محسوب على قيمة الغرف (يعني ببلاش) إلا أن الأولاد والعائلة أصروا على الفطور الخارجي المجاني (اللقمة الغريبة عجيبة) فاستجبت لهم، وركبنا في الباص والبطون خاوية، وكانت هناك مجموعات أخرى موجودة معنا، ثم سار بنا الباص لمدة نصف ساعة حتى وقف بجانب مجمع شاليهات كبير...
على باب المجمع كانت لجنة استقبال أخذتنا إلى قاعة كبيرة وتوجد في أحد أطرافها طاولة عليها شاي وقهوة وخبز وزبد (بس)... وين الفطور المجاني؟... آآه ه يابطني، وآنه إللي من طبعي أن وجبة الفطور هي الوجبة الرئيسية عندي، وعيالي طالعين عليّ... لما شفت الطاولة وجهي انقلب أحمر وبقيت آفقص عائلتي واحد واحد، كله منهم، لكن شاسوي فخ ونصبوه لنه... المهم بعد الذي يسمونه فطار جاءت سيدة وأخذت الأطفال والأولاد بعيداً عن أهاليهم، آنه قلت خلاص وصل وقت الاستفراد بنا...
بداية أطفأت الأنوار وتم تشغيل فيلم عن المنتجع الذي نحن فيه، الشاليهات الكبيرة، وبرك السباحة المتنوعة المساحات، والخدمات المتميزة... بعد الفيلم أخذنا في جولة متعبة ومرهقة على الأقدام والحر كان شديداً، آنه كل شيء في صوب والحر عندي في صوب، وجهي انقلب أحمر وجسمي صار يقرصني وزوجتي تشوفني وخايفة آكفخ واحد من إللي ورطنا كف راشدي... بعد الجولة المتعبة ذهبنا إلى صالة بها العدد الكثير من المكاتب، وتم إجلاس كل عائلة على مكتب ومعهم الذي يشرح لهم...
إبتدأ بعدها هؤلاء المضيفون عملية ترغيب العائلات في شراء حصص الاجازات (التايم شير) من هذا المنتجع الكبير، أنا لم أرغب بتاتاً في الدخول أصلاً في هذا الموضوع، لا من قريب ولا من بعيد... هم حاولوا معنا كثيراً، ونحن نرفض، جاءوا لنا بالمدير بعد المدير، ونحن نرفض ونصر على الرفض، الساعة أصبحت الرابعة عصراً وهم لايريدوننا أن نخرج من دون جواب حاسم بالموافقة على الشراء، وأنا أصر على عملية التفكير أولاً... والله ما طلعنه من عندهم إلا بطلعة الروح...
اتجهنا إلى أولادنا الذين كانوا في حال يرثى له من التعب والملل، وركبنا الباص وكل واحد يلقي باللوم على الآخر... خسرنا بوفيه الفطور المغذي، وخسرنا الألعاب في ديزني لاند، وخسرنا كامل النهار في عملية هي أساساً صعبة التنفيذ بالنسبة لنا... واليوم كلما قرأت عن إحدى هذه الشركات (التايم شير) تعود بي الذكريات إلى ذلك اليوم الأسود من حياتي، أرثي لحالي وأرثي لحال كل شخص أو عائلة تورطت مع البعض منهم (لاحظوا البعض) والذين يبيعون الأحلام والأماني فقط...
ليست جميع شركات ( التايم شير ) نصابة، فهناك بعض الشركات التي جربها غيري وهو مرتاح منها... ولكن هناك شركات نصب واحتيال وتبيع الهواء فقط... فاحذروا..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1364 - الأربعاء 31 مايو 2006م الموافق 03 جمادى الأولى 1427هـ