من هم المثقفون، لقد باتت هذه الكلمة السحرية التي يحاول الكل التشبث بها، محل نقاش وتحليل، ان الثقافة أنواع، مثل فنية، وسياسية، واقتصادية وعلمية وحتى الدين توجد به ثقافة دينية متطورة مع تطور الأزمان!
فالمثقفون يختلفون في مجالاتهم! ولكن لابد للمثقف من أن يكون واعياً لما يدور حوله لربط الأشياء كوحدة واحدة.
ان ما أشار إليه محمد أركون عن الغرب هو ذلك الإنسان الذي يتحلى بروح مستقلة تحب التحري والبحث للاستكشاف، ولديه نزعة نقدية واجتماعية، تعمل بقوة روحية وفكرية فقط!
أما الفلاسفة الكلاسيكيون فيسمونها عقلانية أي أنهم يعملون بنوازع عقلية... ومنهم الجاحظ والتوحيدي وابن سينا والكندي وابن رشد. وكان هؤلاء على درجة عالية من الجرأة في التعبير.
كما يربط محمد عابد الجابري المثقف بعلم الكلام... والكلام عبارة عن تعبير شخصي في قضايا الناس عموماً والمجتمع.
إذن فالمفهوم هنا أن كل من يعبر عن رأيه بجرأة وصراحة وبأسلوب تحليلي ناقد بحيث يكون مبنياً على الخيال! بالإمكان القول عنه إنه إنسان مثقف، هذا طبعاً شريطة أن يكون ملماً بالمعلومات العامة والواسعة لكي يساعده على التأثير الحقيقي لأداء رسالته.
وفي تصوري أنه يجب أن يكون متواصلاً مع التقدم السريع في قضايا العصر وما يدور حوله من اكتشافات تكنولوجية حديثة كما نراه في عصر النهضة العربية وكيف أن الفلاسفة الذين تم ذكرهم في بداية المقال كانوا ملمين بعلوم العصر حينذاك من علوم الفيزياء، والطب والهندسة والنجوم إلخ...
هذا كي لا يتحدد ذوو الاختصاص في زاوية واحدة وإهمال الجوانب الحياتية الأخرى فيها.
فالعصر الحديث بات سباقاً في كثرة توافر المعلومات على اختلافها وبدقة متناهية يصعب على الفرد العادي متابعتها!
فعلى سبيل المثال نرى الكثير من المحللين من سياسيين أو اقتصاديين أو علماء... أطباء أو مهندسين... قد لا يتمكنون من الاجابة على الأسئلة العامة البسيطة أو التي يهتم بها الكثيرون، مثل ما هو الطعام المتوازن وكيفية المحافظة على جسم سليم.
أو كيفية التعامل مع أطفالهم أو شركاءهم... وقد يكونون مدمنين على التدخين والأكل بشراهة... وبعيدين كل البعد عن استعمالات الانترنت والتداول معه!
وهم على رغم ذلك يحاولون حل القضايا المصيرية التي تهم الأمة وحياتهم الخاصة شديدة التعقيد ولا يعرفون كيف إضفاء السعادة عليها أو على من حولهم!
هل يطلق على هؤلاء مثقفون!؟
أم انها حياة غير متوازنة، وجامدة وبعيدة كل البعد عن الثقافة العامة.
ان للمثقف حالة... يجب أن يكون مميزاً... شاملاً في تناوله للحياة وأن تكون لديه صدقية حقيقية بحيث يقتنع من يسمع كلامه بأنه حقيقة وليس وهما! وتنظير آراء فقط. فإن الآراء المتوازنة لا يمكن أن تصدر عن إنسان لا يعبأ بدروب الحياة الأخرى... وهو يسير في درب ضيق محدود... وبذلك يكون قدوة للآخرين ولا يبعث الكآبة والملل في الآخرين بتكرار نفسه وفي موضوع واحد متكرر ومازال النقاش على نوعية المثقف متواصلاً
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1364 - الأربعاء 31 مايو 2006م الموافق 03 جمادى الأولى 1427هـ