لا يعرف عن حكومتنا العجلة في تنفيذ مشروعاتها، بدليل ميلها إلى عدم صرف الأموال المخصصة للمصروفات (كما جاء في مقالنا يوم أمس بخصوص مراجعتنا لنتائج موازنة العام ). لكن لكل قاعدة استثناءات ومنها بالتأكيد موازنة العامين و. فقد قررت الحكومة إرسال الموازنة الجديدة إلى البرلمان بصفة مستعجلة، ما يعني أن المطلوب من المجلس مناقشتها وإقرارها في غضون يوماً. على أقل تقدير يحرم هذا التصرف المثير للجدل نواب الشعب للسنوات الأربع المقبلة من مناقشة وإقرار أية موازنة لمدة تزيد على عامين (يتوقع أن ترسل الجهات الرسمية موازنة العامين و إلى البرلمان في النصف الثاني من العام ).
ثم لماذا كل هذا الاهتمام الحكومي ببرلمان العام على رغم حداثة التجربة؟ فقد حصل هذا البرلمان على فرص مناقشة موازنات سنوات تم إرسالها على دفعات ( و) ثم ( و) وأخيراً ( و). المؤكد أن برلمان لا يتضمن نخبة متميزة من الاقتصاديين البحرينيين، بل يغلب على عدد كبير من أعضائه التعصب الديني. في المقابل هناك عدد من المقتدرين في مجلس النواب وخصوصاً أعضاء لجنة الشئون المالية والاقتصادية.
يذكر أن حكومتنا تعد موازنة سنتين ماليتين في آن واحد، يلاحظ أنه تم إعداد موازنة السنتين الماليتين و قبل أكثر من نصف عام على بدء السنة المالية المقبلة. حقيقة ربما حان الوقت للحكومة للعدول عن فكرة إعداد موازنة سنتين ماليتين في وقت واحد، وفي المقابل السماح لنواب الشعب بإجراء تقييم سنوي للإيرادات والمصروفات، فقد أكدت أرقام النتائج المالية للسنة المالية ومن قبل ذلك العام عن تسجيل تفاوت في الإيرادات والمصروفات. فقد ارتفعت الإيرادات الفعلية بواقع مليون دينار و مليون دينار في العامين و، على التوالي. أيضاً تدنت المصروفات بواقع مليون دينار و مليون دينار للعامين و، على التوالي. أيضا تم تحويل العجز المتوقع في العام من ملايين دينار في الموازنة المعتمدة إلى فائض قدره مليون دينار في الموازنة الفعلية. أما بخصوص العام فقد تم تحويل العجز المتوقع وقدره مليون دينار في الموازنة المعتمدة إلى وفرة مالية قدرها مليون دينار. بمعنى آخر، تتغير الأرقام النهائية رأساً على عقب في نهاية المطاف ما يستدعي مراجعة دورية من قبل نواب الشعب.
تتوقع الحكومة أن تبلغ الإيرادات مليون دينار في العام و مليون دينار في العام ، أيضاً من المفترض أن يبلغ حجم المصروفات مليون دينار في العام على أن يرتفع قليلاً إلى مليون دينار في العام ، وعلى هذا الأساس تفترض الحكومة عجزاً مالياً قدره مليونا في العام على أن يرتفع إلى مليون دينار في العام .
ربما علينا الانتظار لفترة طويلة (ربما منتصف العام ) للوقوف على المصروفات الفعلية للسنة المالية ، لكن كما حدث في العامين و يتوقع أن يتم تحويل العجز إلى فائض في نهاية المطاف. فقد افترضت الموازنة الجديدة متوسط سعر قدره دولاراً لبرميل النفط. بيد أنه يمكن اعتبار هذا السعر محافظاً نسبياً وذلك بالنظر إلى أوضاع السوق النفطية. المعروف أن الدخل النفطي يلعب دوراً حيوياً في مجموع الإيرادات (شكل الدخل النفطي في المئة من مجموع إيرادات السنة المالية مقابل في المئة في السنة المالية ). وعلى هذا الأساس، هناك «ارتفاع» وليس «تراجع» في الاعتماد على القطاع النفطي الأمر الذي لا يخدم عملية التنوع الاقتصادي في البلاد.
نتمنى ألا تستخدم الحكومة تعطيل إقرار موازنة العامين و حجة لتمديد العمل ببرلمان . فهناك التزام من جانب الحكومة بتنفيذ الانتخابات البلدية والنيابية للعام في وقت لاحق غير محدد طبعاً. لكن هناك تخوف من استخدام ورقة الانتخابات للضغط على البرلمان الحالي من أجل تمرير الموازنة. وكما هو معروف فإن غالبية أعضاء البرلمان الحالي غير ملمين بالأمور الاقتصادية.
هناك خطأ حكومي في الطلب من البرلمان الحالي مناقشة وإقرار موازنة العامين و لأنه لا ينم عن بادرة حسن نية تجاه البرلمان المقبل والذي من المنتظر أن يكون أكثر تمثيلاً لأطياف الشعب البحريني. بل الصواب هو أن يصدق البرلمان المقبل على الموازنة الجديدة نظرا إلى ارتباط موازنة العامين و بفترة عمله.
الأمل كبير في ألا ينجر برلمان وراء الأهداف غير الواضحة للحكومة ويقوم بالموافقة على موازنة السنتين المقبلتين بشكل سريع وغير مدروس، فصدقية أعضاء البرلمان على المحك. أخيراً ربما نحتاج إلى أن نذكر الأعضاء بالمقولة الشهيرة «في العجلة الندامة وفي التأني السلامة»
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1364 - الأربعاء 31 مايو 2006م الموافق 03 جمادى الأولى 1427هـ