العدد 3254 - الخميس 04 أغسطس 2011م الموافق 04 رمضان 1432هـ

شوكة التمييز تقض مضاجع المجتمع

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد هذه الأزمة، شهدنا صوراً ومصائب ومآسي عديدة يندى لها الجبين، ضربت كثيراً من مفاصل المجتمع، وهي تكرّس التمييز بشكل لافت ضد شريحة كبيرة من المجتمع، وتعمق وتجذر في كثير من مفاصل الدولة، ولاسيما وزارة التربية والتعليم، التي من الأجدى أن تحاربه حيث هي المسئولة الوحيدة عن ترسيخ قيم التربية في المجتمع، ومن واجبها زرع جذور الأخلاق والمحبة والتسامح والابتعاد عن الظلم والحقد وغيرها من القيم الإنسانية. ولكن أين العدل والمساواة، عندما تسلب حقوق بعثة طالبة حاصلة على معدل يفوق 99 في المئة، وتنتزع بعثات من أصحابها (معدلات أكثر من 95 في المئة) أو انتقاص حقوق يكفلها الدستور على جميع الأصعدة في مؤسسات الدولة.

حقيقة يحزننا أن نرى، أن آفة التمييز تسرّبت إلى كثيرٍ من وزارت الدولة، إلا أن ينبوعها بدأ من هذه الوزارة الفتية، المسئولة الأولى عن تقويم وتعديل مسار المجتمع من الانحراف، وهي تعلم بأن هذا السلوك يهدّد مفاصل المجتمع، وأنها على علم بأن هذا السلوك غير الإنساني لا تبنى به الأوطان، فبدلاً من أن تعمل على رصّ صف المجتمع بتكريس العدل والحق، تزيده انشقاقاً وتفتته أجزاء.

ما فعلته وزارة التربية ليس بالأمر الهيّن، ففيما يخص «اللجنة المصطنعة» سحقت حقوق طلبة سهروا الليالي على مدى 12 سنة للتحصيل والتفوق العلمي، وحطمت آمال أبنائنا الذين يرغبون في مواصلة تعليمهم، وخططهم التي رسموها لمستقبلهم. فهذه الإجراءات والسياسات تتنافى مع أبسط الحقوق الإنسانية والوطنية والمدنية.

لا يحتاج المرء الى لغة اللوغاريتمات، ليصل إلى إحصاءات التمييز وأشكالها، فهي ظاهرة للعيان، ونتلمسه بشكل واضح وجلي في توزيع البعثات، والتي أفاضها الزميلان قاسم حسين وهاني الفرادان في أعمدتهما وأشبعوها تحليلاً، وأوضحوها بشكل دقيق. وإضافة إلى ذلك ترقيات المدرسين، التي اكتوى بها كثيرٌ من منتسبي الوزارة الأكثر تمييزاً بين مؤسسات الدولة، وسلبت بعض الحقوق، ونزعت من أيديهم المناصب في كلا القطاعين (العام والخاص). فهل هناك أكثر من ذلك التمييز؟

بالمقابل نرى من يقع عليه الظلم والتمييز يشتد ولاؤه بالأرض، وتمسكه بالوطن، وتشبثه بتراب هذا البلد العزيز، متمثلاً برأي سمو ولي العهد بعدم التفريط في الوطن «نختلف في الرأي والرؤى ولا نختلف على الوطن». لكنا عندما يصل هذا التمييز والتهميش مداه الأخير ضد شريحة كبيرة من المجتمع فذلك ينبئ بالشر، فلا أحد يقبل بالظلم خصوصاً من قبل أفراد تشترك معهم في مصير مشترك وأناس يجمعهم وطن واحد، وترتبط معهم في الدين.

كل القوانين المحلية والأعراف الدولية، والقيم الإنسانية والمبادئ السماوية، ترفض الظلم والتمييز وتحذر منه، فالله تعالى يقول في محكم كتابه «إن الله لا يحب الظالمين»، وتدعو إلى العدل والمساواة بين الناس: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وإيتاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ». (النحل/90)... فهل وصل بنا الأمر إلى مخالفة أوامر الله؟

إذا ما أردنا تأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وجب علينا تطبيق مواد الدستور التي تجرِّم كل أشكال التمييز، وتعاقب كل من يتعاطى مع هذا الفعل المشين، الذي أصبح لقمة في فم من يختلف معنا في الرؤى السياسية والأيدلويوجية، فنرى الخطب تجرّم التمييز والظلم، وفي الصحف تسطر السطور ضد التمييز، ولكننا نشهد تمييزاً صارخاً مطبقاً على شريحة كبيرة من المجتمع، دون أن يرتفع صوت لدرِّ مثل هذا المنكر والمخالفة للقانون.

إن هذا السلوك لا يبني وطناً، ولا يساعد على الاستقرار المنشود، بل يكرر الأخطاء ويعيق عمل مؤسسات الدولة، ولذلك نحذّر من الضرر الذي يتأتى من تكريس التمييز، وزيادة رحاه في مؤسسات الدولة.

إن ما كان يمارس خفية في الماضي، أصبح يمارس علانية اليوم، ونحن نتجرع الألم والحسرة خوفاً على كيان الدولة ومستقبل هذا البلد العزيز

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3254 - الخميس 04 أغسطس 2011م الموافق 04 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 12:15 م

      طلب

      اتمنى ان تعمل لك حساب على موقع تويتر

    • زائر 7 | 8:44 ص

      ..................

      تسلم يا بو علي وصح لسانك

    • زائر 6 | 7:55 ص

      سترة ؟؟؟؟؟؟؟؟

      يعطيك العافية دكتور

    • زائر 2 | 2:37 ص

      سابقا متسترة وحاليا عيني عينك ووعدا لك لن تراها مستقبلا لاننا لن نجعل ماحدث في البعثات يمر مرور الكرام حتى وان وضعنا تحت امر الواقع الواقعبن فيه حنى هذه اللحظة موضوع في الصميم

      نقول ماهي الاستفادة من وراء حرمان كوكبة متفوقة من حقها الطبيعي في الابتعاث واختيار التخصص والموضوع مخطط لها من وقت طويل والحجج واهية في موضوع بدعة المقابلة من اناس لهم كامل التقدير لكن ليسوا متخصصين في هذا المجال(المقابلات وشنو في الطب كنموذج) ..............

    • زائر 1 | 1:23 ص

      ---------

      لا حول و لا قوة الا بالله
      اللهم انا لا نسألك رد القضاء و لكنا نسألك اللطف فيه.
      حسبنا الله و نعم الوكيل.
      لا اضافة اخرى سوى (احد ما يقامر بهذا الوطن دون ان يكترث. نحن في عصر السرعة الفااااائقة لن تطول المدة قبل ان يصير للناس ردة فعل مدمرة، فيا انت و انتم من تمارسوا الطائفية و التمييز، كفوا عن الناس و هذا الوطن)

اقرأ ايضاً