حكاية الإرهابي النرويجي أندريس بريفك وقبله الصهيوني المتطرف روبرت مردوخ، أثبتت أن الإعلام لا مصداقية له، ولا فرق في ذلك بين الإعلام الغربي والإعلام العربي، إذ الاختلاف بينهما في درجة المصداقية لا المصداقية ذاتها!
عندما ارتكب النرويجي فعلته الإرهابية فقتل وفجر بادرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بإلصاق التهمة بالمسلمين دون أن تتروى قليلاً لتتحقق من مصداقية تلك التهم. بل ونشرت مقالاً للكاتبة الأميركية جينفر روبن اتهمت فيه المسلمين بصراحة بأنهم وراء ذلك الهجوم الإرهابي. واستمر وجود المقال في موقع الصحيفة لفترة طويلة حتى بعد أن ظهرت الحقيقة واعترف المجرم بفعلته!
اتهام المسلمين بتلك الفعلة لم يتوقف عند «واشنطن بوست»، بل ارتكبت صحيفة «ستريت جورنال» الأميركية الفعل المشين نفسه، وكذلك محطة CNN. وقد كانت أبسط قواعد الصدقية والمهنية أن لا يحصل ذلك مطلقاً، فالتهمة ليست صغيرة وهي تخص أكثر من مليار مسلم لكن ذلك الإعلام المتحيز ضد الإسلام لم يفكر بذلك كله. كما أن قواعد المهنية أيضاً والأخلاق تقتضي أن تعتذر كل وسائل الإعلام عن إساءتها، لكنها كما أعرف لم تفعل أيضاً، والسبب أن المسلمين هم المتهمون، وهؤلاء لا قيمة لهم عند أرباب الإعلام الأميركي والصهيوني، ولو كان المتهم غيرهم لتغير الحال كثيراً.
الحادث يشكل عملاً إرهابياً بكل المقاييس. فالقاتل اعترف بفعلته وأكّد أنه كان مصمماً على ما فعل، وقد خطّط لفعلته قبل وقت طويل، ما يؤكد تصميمه وإدراكه لما يفعل. كما أنه اعترف أنه أرسل 1518 رسالة لأصدقائه قبل الحادث يشجعهم على أن يفعلوا مثله، وأن لا يتسامحوا مع أي شخص يتسامح مع الإسلام! وفوق ذلك فهو يرى أن الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية يستحقان القتل لتسامحهما مع الإسلام! ومع ذلك فإن الإعلام الأوروبي كان متسامحاً مع ذلك الإرهابي لأنه أوروبي لا يمتّ للإسلام بصلة. وفوق هذا فهو صهيوني متحمس على حد وصف صحيفة «إسرائيل اليوم»، وهو كذلك من غلاة المتطرفين. ويكفي أنه من فرسان الهيكل كما يصف نفسه، وأنه يشيد بالحروب الصليبية، ويدعو لتكرارها، كما أنه ضد وجود أي مسلم في أوروبا!
بعض الصحف الأوروبية وصفته بأنه «مجنون»، وربما كان تحت تأثير المخدر كما قال محاميه، و «الصنداي تايمز» وصفت ما حدث أنه «بشع»، وقالت «إن التهديد الإسلامي يمثل خطورة أكبر مما تمثله دوائر اليمين المتطرف»، وكأنها تبرّر للمجرم فعلته!
وأتساءل: لو كان الفاعل مسلماً هل سيتعاطى معه الإعلام الغربي والأميركي بهذه الطريقة؟ ثم أين صدقية الإعلام وحديثه عن الشفافية والحيادية والأخلاق؟
مذبحة النرويج تذكرني بمذبحة أوكلاهوما سيتي سنة 1995 التي نفذها أميركي وقتل فيها مئات، وسارع البعض إلى اتهام إسلاميين بارتكابها، ولما عُرف مُرتكبها صمت الإعلام الأميركي والغربي ولم يعد هذا العمل في عرفهم إرهابياً!
جريمة روبرت مردوخ الملقب بإمبراطور الإعلام العالمي كانت فضيحة مدوِّية بكل المقاييس، وأثبتت زيف الرجل وإعلامه، وأنه كان يمارس الابتزاز ونشر الفضائح وتقديم الرُّشا من أجل تحقيق أهداف فاسدة. ولم يعطِ الإعلام الغربي هذه الجريمة حقها، ولو لم يكن الرجل صهيونياً حتى النخاع لكان للإعلام معه شأن آخر.
الإعلام لا يعرف الحيادية ولا الأخلاق غالباً، وهو مطيّةٌ للأقوياء يستخدمونه بحسب أهوائهم واتجاهاتهم الفكرية، والشواهد لا تحتاج إلى كثير من العناء
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 3251 - الإثنين 01 أغسطس 2011م الموافق 01 رمضان 1432هـ
في البحرين
هذا الأمر ينطبق على بعض وسائل الإعلام البحرينية، فليس من أهدافها تحقيق المصداقية ونقل الخبر الحقيقي، بقدر ما أنها تهدف إلى البلبلة وإحداث الفتن والتهجم وغيرها من أمور لتحقق مصالح سياسية.
عيب
مردوخ معروف بصهيونيته ولكن ماذا عن الذين يساندوه من تجار الخليج
واضح
لاخلق للاعلام وانما المصالح وحدها