رَوَى لي أحد الأصدقاء، أنه كان بداخل أحد المحال التجارية في سوق عامة بسورية. ولأن الحالَ موسمٌ، والناس في تبضِّع ومساومات محمومة، فقد أدَّى ذلك إلى أن تزلَّ يد نجل صاحب المحل، فتسقط صورة رئيس الجمهورية من الحائط إلى الأرض، فما كان من الأب، إلا أن صفعَ ابنه على وجهه بقوة عقاباً على فعلته، مُتبِع ذلك بتعنيف وتقريع له. استنكر صاحبي هذا الفعل القاسي من الأب تجاه ابنه. رد الأب بحذر وهمس: لو لم أفعل ذلك، لأتاني رجال الأمن المتربصين بالجميع في الخارج، وفعلوا بي وبابني أضعاف ما فعلته أنا الآن من أداء مسرحي!
إنه حقاً تصرف غريب من هذا الرجل تجاه ابنه، يعكس مأساة سياسية واجتماعية كانت ومازالت تختنق بها سورية العزيزة علينا جميعاً. فحين يلجأ الفرد إلى إظهار الولاء المطلق تجاه زعامة بلده السياسية، ولكن بخوف شديد ورعب لا حد له، فهذا يعني أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي في أقصى مراحل الوهمية والنفاق، لأنها مصنوعة في الأساس من ورق هَش سيتمزَّق عند أول اختبار له. والأكثر من ذلك، فهي تعني أن كل لحظة تمر على البلد، وكل سلوك يُمارسه الناس المغلوبون على إظهار ذلك الولاء عنوة وبتلك الطريقة البدائية الفجَّة، ما هو إلا تراكم من البارود، في طريقه إلى الانفجار، في أي لحظة يتلقى فيها شرارة الإيقاد، بالضبط كالهدوء القاتل الذي يسبق العاصفة الهوجاء.
وربما صَدَق المعارض السوري الثمانيني رياض الترك، عندما قال في مقابلة معه في صحيفة «الحياة» اللندنية قبل أيام: «صدقاً لم يفاجئني اندلاع الثورة (في سورية)، وإن كنتُ في البداية، كما هو حال أي إنسان، غير قادر على تحديد أين ومتى وكيف ستندلع الثورة كحدث. مع ذلك، لقد بدا الأمر واضحاً بالنسبة لي، أن هذا المجتمع لن يبقَ بمنأى عن حركة التغيير». فمجتمع بذاك المنسوب من الانغلاق على الحرية، لا يُمكنه أن يستمر طِلقاً لجو قمعي، ليس به أية تشريبات ساقية، أو مراوح تهوية. فالحريات، وتحديد شكل الحكم، هي أبسط حقوق البشر.
اليوم ما يجري في هذا البلد مُؤلم لِحَد الصراخ. تطويق عسكري/ أمني شبه يومي لمدن، وقرى، وأحياء سورية للتعامل مع المتظاهرين. لكن أكثر الأمور إيلاماً، هو توريط الجيش في هذه المعالجة الأمنية القاسية. فما عرفناه هو أن جيوش الدول، تكتسب رمزية وطنية غير عادية لدى الشعوب، باعتبارها، القيمة المادية والمعنوية التي بها تُحمَى البُلدَان من اعتداء الخارج. لكن عندما يُزَج بالجيش، ليعضَّ جزءاً، أو كُلاً من أبناء شعبه، فإنه يتحول بالنسبة لشعب ما كالعدو الخارجي، الذي لم يعُد يحمل أي صفة وطنية بالنسبة للناس، لأنه وباختصار أخَلَّ بأبسط واجباته الحقيقية التي وُجِد وشُكـِّل من أجلها، فضلاً عن ارتكابه القوة تجاه المدنيين.
لقد استبسل الجيش السوري في معارك عربية مُشرفة منذ بداية القرن، من معركة ميلسون في يوليو/ تموز من العام 1920 ضد الفرنسيين، إلى حروب العرب الثلاث مع إسرائيل، وانتهاءً بلبنان، كالتي جَرَت في الضواحي الشرقية لبيروت وطرابلس نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، وفي انتفاضة السادس من فبراير/ شباط التي ميَّعت ثم أسقطت اتفاق 17 مايو/ أيار بين حكومة أمين الجميل وإسرائيل، لذا فمن الخطأ الجسيم اليوم، أن يُشوَّه هذا السِّجل العسكري المُشرِّف عبر توريط هذا الجيش الكبير في مشاكل السياسة الداخلية. نعم، هي مشاكل سياسية بامتياز، حتى ولو جاءت على شكل مظاهرات واعتصامات تطالب بالتغيير، والانتخابات العادلة، وهي بالتأكيد ليست تآمراً من الخارج، ولا عمالة للغرب، ولا أصحابها جراثيم كما وُصفوا، ولا هم قتلة، ولا مأجورون، ولا هم طائفيون ولا عَبَثِيُون ولا طامعون في حكم.
قبل مدة قال لي أحد الأصدقاء: يبدو أنه ليس هناك إجماع في الداخل السوري على مطالب المعارضة، سواء التي وردت في إعلان دمشق، أو في رؤية لجان التنسيق المحلية لمستقبل سورية السياسي. قلتُ له: حسناً. ربّ الخلائق والعباد ورسله وأنبيائه لم يُجمَع عليهم رغم أحقيتهم بالاتباع. هذا الأمر غير مقبول، وحُجَّته أوهَن من بيت العنكبوت. ثم إن التشاور والتنسيق والاتفاق بين الفرقاء ليس في الأمور المتعلقة بالديمقراطية والحرية والمساواة؛ لأنها السقف الذي يُسلِّم به العقلاء، بل هي في الأمور التي تعلو ذلك، فمعارضو الديمقراطية ليس في موقفهم غرابة إذا ما رُبِط بخوفهم على مصالحهم الشخصية والعائلية الضيقة.
ألوفٌ مُؤلفة، يعرضها التلفزيون السوري يومياً وهي تهتف باسم الرئيس السوري بشار الأسد وحكم البعث، لكن الحقيقة لا تنبع من هؤلاء أبداً (رغم أنهم مُقدَّرون إنسانياً) لأن المنطق يقول: إن تفضيل هؤلاء للقمع على الحرية، والاستبداد على الديمقراطية، مرتبط بشكل أصيل بنواحي تمس المادة والغريزة البشرية. فالامتيازات الممنوحة، وسياسات التفضيل تعطي هؤلاء شعوراً، بأن الوضع القائم هو أفضل الأحوال الذي ستوفر لهم حياة أفضل، لكن هذا الأمر بعيد عن أي حس بالمسئولية والوطنية الرشيقة الشاملة والعامة.
ليس المعنى في أن يتظاهر ضدك ألف أو مليونان، وإنما المعنى في أن هناك من يرفض سياساتك وطريقة تعاملك للأمور. وليس المعنى أن يُواليك عشرة ملايين ويُخالفك ألف، فالمعيار هو العدل، وليس الظلم. فإن قبل العشرة ملايين بالظلم فسيبقى الظلم ظلماً، وإن لم يَرض الألف فرد إلا بالعدل فسيبقى العدلُ عدلاً. ولا أظن أن الفرق بين الاثنين (الظلم والعدل) صعب إلى هذه الدرجة
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 3250 - الأحد 31 يوليو 2011م الموافق 29 شعبان 1432هـ
وليس المعنى أن يُواليك عشرة ملايين ويُخالفك ألف، فالمعيار هو العدل، وليس الظلم....... ام محمود
من أيام صدام رأينا في التلفزيون العراقي حينذاك الناس التي تحمل صوره وتقبل يده ورأسه واقدامه وهو كان أظلم الظالمين وأبطش الباطشين عمل الجرائم المروعة والمجازر والمقابر الجماعية ... الآن يتكرر المشهد و بقوة فنرى من يرقص للقائد القذافي ويحمل صوره والشعارات المؤيده له والورود وهم ربما ينافقون لأن جرائم العقيد لا تغفل عن أحد نفس الصور الراقصة والمطبلة للرئيس اليمني صالح وهو غير صالح بأعماله الفظيعة ونفسها نراها في الشوارع السورية والتلفزيون هذا الانقسام الشعبي بين الحق والباطل يشوش ا لرأي العام
اليوم ما يجري في هذا البلد مُؤلم (مؤلم جدا- مروع - مخيف) لِحَد الصراخ ............. ام محمود
توقعت أن تكتب عن البلد العزيز سوريا فالأحداث الهائلة هناك مؤلمة جداً لحد الرعب والهلع .. وما يحز في النفس ان الجيش السوري ليس بيده حل لابد له من التدخل ومن ينشق عن الصف ويعصي الأوامر فهناك عقاب صارم واغتيال ليس سهلا ابدا قتل الشعب ولكنهم أمام أمر صعب وفتنة عظيمة.. قلنا من قبل ان أفضل الثورات الثورة المصرية لأن الجيش كان صديق للشعب يصافحهم ويقبلهم ويعانقهم بعكس من يوجه الدبابات لصدور العزل ويسحقهم
هناك أحاديث شريفة للأئمة ع تحذر من فتنة الشام و مدينة كناكر مذكورة في خطبة للامام علي ع
من خطبة للإمام علي عليه السلام يحذر من فتن آخر الزمان ... 3 ...... ام محمود
و يفارق عليها الإسلام بريها سقيم و ظاعنها مقيم منها بين قتيل مطلول و خائف مستجير يختلون بعقد الإيمان وبغرور الأيمان فلا تكونوا أنصاب الفتن و أعلام البدع والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة و بنيت عليه أركان الطاعة و أقدموا على الله مظلومين.. و لا تقدموا عليه ظالمين و اتقوا مدارج الشيطان ومهابط العدوان و لا تدخلوا بطونكم لعق الحرام فإنكم بعين من حرم عليكم المعصية وسهل لكم سبل الطاعة.
من خطبة للإمام علي ع يحذر من فتن آخر الزمان ..... 2 ...... ام محمود
والقاصمة الزحوف فتزيغ قلوب بعد استقامة وتضل رجال بعد سلامة وتختلف الأهواء عند هجومها و تلتبس الآراء عند نجومها من أشرف لها قصمته ومن سعى فيها حطمته يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة , قد اضطرب معقود الحبل و عمي وجه الامر تغيض فيها الحكمة و تنطق فيها الظلمة وتدق فيها أهل البدو بمسحلها وترضهم بكلكلها يضيع في غبارها الوحدان ويهلك في طريقها الركبان ترد بمر القضاء و تحلب عبيط الدماء و تثلم منار الدين و تنقض عقد اليقين يهرب منها الأكياس و يدبرها الأرجاس مرعاد مبراق كاشفة عن ساق تقطع فيها الأرحام
من خطبة للإمام علي عليه السلام يحذر من فتن آخر الزمان التي نحن فيها ..... ام محمود
(ثم إنكم معاشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت فاتقوا سكرات النعمة واحذروا بوائق النقمة وتثبتوا في قتام العشوة واعوجاج الفتنة عند طلوع جنينها و ظهور كمينها وانتصاب قطبها و مدار رحاها تبدأ في مدارج خفية وتؤول الى فظاعة جلية شبابها كشباب الغلام وآثارها كآثار السلام يتوارثها الظلمة بالعهود أولهم قائد لآخرهم و آخرهم مقتد بأولهم يتنافسون في دنيا دنية و يتكالبون على جيفة مريحة وعن قليل يتبرأ التابع من المتبوع والقائد من المقود فيتزايلون بالبغضاء ويتلاعنون عند اللقاء. ثم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرجوف
..............
وانا اخالفك الرأي تماما فالسوريون (أغلبهم)
يحبون رأسيهم بشار الاسد فالحب الذي يكنونه
لرئيس بشار صادق وتراه من انفعالاتهم وتعابير
وجوههم وهم يهتفون الشعب يريد بشار الاسد
اما المعارضة فمعروفه اهدافها وتوجهاتها
...........
جميل ورائع كعادتك يا أستاد محمد ...
الصورة بين الحب واللعن
كلما كنت ارى صورة صدام كنت العنه وعندما ارى صورة من احبه اذكره بخير . هذه الصور لها ردة الفعل في كل مكان اما بالحب أو البغض .