في الخباء استدراج للخارج. في الضوء استدراج لخروج الخباء إلى ضوئه.

هكذا تعلمت من الاثنين معاً درس السَعة والرحابة، وأحياناً حصر الأفق. حصره بمعنى الاستحواذ عليه. من دونهما أنا في حضرة سجن مطلق، أقساه السجن الذي أسهر عليه ليخنقني!

***

وفي الضوء الجنادب تمارس موهبة قفزها. لا شلل ينتاب المكان ويتعداه إلى المخلوقات التي نظل متواطئين على حضورها، وتستفزنا قدرتها على الإضافة. إضافة قرون استشعار لها في حال سهوها وغيابها.

***

وفي الخباء صبح وليل. صبح حين تختصر العالم باحتجابك عن خارج لا يخلو من ذئابه، وصعبه وحتى غيابه في الحضور. وليل حين تمعن في إهانة اللون وترى في الضوء محاولة تحقير لعماك!

***

وفي الضوء طفولة الخلق والطين. حلم يفحص ضرورته ولا يكترث إن جاء في هيئة كابوس جارح؛ أو تمثل لرائحة البيت المليء بفوضى الأحبة ومشاكساتهم.

***

وفي الخباء هذيان الخاص وتأمله. سعادة محصورة ربما تطال الخارج. ماء في تأمله. الأباريق المغلقة ريثما يحضر الضيوف. هو المطلق من المدى ضمن حيز شخصي. الخباء لا يحاكم أحداً في الخارج. الضوء يفضح نوايا الجميع. ثمة ستر حتى للنوايا في الخباء.

***

وفي الضوء يدٌ إلهية توزع حصص الخلق. حقهم في أن يفصحوا عن أرواحهم في حضرته. في الضوء سفر يأخذك إلى انتهاك كل موارى وسري في حضرته. لا موارى ولا سري في حضوره. الضوء إيقاع آخر لاكتشاف وتناغم حركة الحياة.

***

وفي الخباء لا تتحرر الهواجس. التباس في الهويات أحياناً - ليس دائماً - لكأن الخباء خيام مهاجرة إلى الكلأ والماء وخرائط الغيوم. وكثيراً ما تعود خاوية الوفاض من ماء، مكشوفة باليباب والتباس الجهات أيضاً.

***

وفي الضوء كل الفرح والغجر والولائم والأعياد والارتحال بحرية والوقت المؤثث بالأحبة والبصيرة والثناء الذي لا ينقطع في الوقت والمكان ومهرجانات الطيور والألوان واستتباب المصائر وحرية المجاز والبلاغة المربكة.

***

وفي الخباء تتسلل أحياناً المنافي، ويدخل القمح في كآبته، والبرهان قيد الإقامة، والبيت تخذله الأنوار؛ فيما الأسطورة تذوي كسيد عجوز لا يتذكر من تاريخه إلا النسيان.

***

وفي الضوء، للهواء رئة أخرى وعين أخرى وعروق تمتد لتصل ليل الكهوف من دون أن تنسى البقع المؤجّلة في الأرض. موهبته على تماس مع حصتها اليومية من النبض وما بعد رفاهيتها: اللعب بالكنايات