عقود العمل نوعان؛ عقود محددة المدة وعقود غير محددة المدة.
والعقود المحددة المدة تنتهي بانتهاء مدتها دون إخطار مسبق استناداً لأحكام المادة رقم (106) من قانون العمل، وهذه لا يجوز إنهاؤها بالإرادة المنفردة مطلقاً، إنما يجوز فسخها لأي سبب من أسباب الفسخ، كاستحالة التنفيذ من جانب العامل أو من جانب صاحب العمل، أو بسبب إخلال أحد الطرفين بالتزاماته الجوهرية، ومنها الحالات التي حددتها المادة رقم (113) من قانون العمل التي سنأتي على ذكرها لاحقاً.
أما عقود العمل غير المحددة المدة فهذه يجوز إنهاؤها بالإرادة المنفردة استناداً لأحكام المادة رقم (107) من قانون العمل، ولكن بشرط أن يسبق الإنهاء إخطار مسبق لا تقل مدته عن شهر واحد بالنسبة للعاملين بالأجر الشهري، وبشرط أن يكون هذا الإنهاء بسبب مشروع، أي بمبرر قانوني، فإنْ تم فصل العامل في هذه الحالة دون سبب مشروع اعتبر فصله تعسفياً.
ومن المقرر أن عقود العمل بنوعيها (المحددة المدة وغير المحددة المدة) يجوز فسخها إذا ما توافرت حالة من الحالات التي حددتها حصراً المادة رقم (113) من قانون العمل. ومنها: الغش والتزوير، وإفشاء الأسرار، والسكر وتعاطي المخدرات، والحكم على العامل نهائياً في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة والآداب العامة، والاعتداء على صاحب العمل أو المدير المسئول، والخطأ الذي تُسفر عنه خسارة مادية جسيمة، والغياب دون مبرر للمدد والشروط التي حددتها المادة المشار إليها.
وعليه متى أقدم صاحب العمل على فصل عامل من عماله - الذي يرتبط معه بعقد عمل غير محدد المدة - دون مبرر قانوني، أو قرر فسخ عقده معه في غير الحالات التي حددتها المادة رقم (113) من قانون العمل سالفة الذكر اعتبر هذا الفصل تعسفياً.
يشار إلى أن قانون العمل البحريني في القطاع الأهلي الصادر بمرسوم رقم (23) لسنة 1976 وتعديلاته هو من القوانين المتميزة إقليمياً وعربياً من حيث وضوح وتكامل وانضباط نصوصه المتعلقة بقواعد وأحكام الفصل من العمل، في حين ان قانون الخدمة المدنية الصادر بمرسوم رقم (48) لسنة 2010 ليس بذات المنزلة التي عليها قانون العمل في هذا الشأن، وذلك لقصور نصوصه، من حيث عدم وضوحها وعدم تكاملها وعدم انضباطها، فهو في ذلك بمثابة المقامِع الخفية الجارحة.
ولنأخذ مثالاً على هذا القصور فيما أورده في شأن أسباب إنهاء خدمة الموظف وفصله من العمل. فقد اختزل هذا القانون هذا الموضوع المهم والحساس في مادة واحدة فقط هي المادة رقم (25). وبقراءة هذه المادة نجدها تحتاج هي وحدها إلى مذكرة تفسير، إنْ جاز لنا القول بقبول تفسيرها.
ولإثبات ذلك نسوق بعض الأدلة على سبيل المثال لا الحصر:
1) أنها جاءت معنونة بعنوان «أسباب انتهاء الخدمة» في حين أنها تحدثت في جانب آخر عن إنهاء الخدمة، وكأن الذي صاغ نصوصها لا يفقه الاختلاف بين «انتهاء الخدمة» وبين «إنهاء الخدمة».
2) بمقتضى الفقرة (و) من المادة المذكورة نلحظ أن القانون يحرص على عدم إنهاء خدمة الموظف ما لم يصدر في حقه حكم نهائي بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، في حين أن الفقرة (ز) من نفس المادة تقلب الصورة رأساً على عقب، فتجيز فصل الموظف بناء على قرار تأديبي، دون أن تُحدد الضوابط والأسباب التي يجب أنْ تتقيد بها أو تعوِّل عليها سلطة التأديب، والتي خلت منها نصوص القانون ولائحته التنفيذية كليةً.
3) جاء في الفقرة (ط) من نفس المادة «يجوز فصل الموظف بغير الطريق التأديبي مع عدم الإخلال بأحكام القوانين والأنظمة المقررة لذلك». فهذا النص في غموضه يُشبه اللغم الخفي، قد ينفجر في وجه الموظف في أية لحظة دون أن يحسب حسابه أو يعرف موقعه وأسبابه، ودون أن يقدر على تصديه ومنعه وتلافيه.
ولهذا فإن الكثير من قرارات فصل الموظفين العموميين من الخدمة المدنية لا تُبنى على أسباب قانونية وفقاً لقاعدة قانونية ثابتة ومنضبطة وواضحة، كما هو الحال في قانون العمل في القطاع الأهلي، إنما تُبنى على قواعد غامضة، وعلى تقدير شخصي بحت من قبل أشخاص لجان التحقيق الإداري أو التأديبي الذين منحهم القانون الاختصاص والصلاحية في تقرير الفصل.
فإذا كان قانون الخدمة المدنية في قصوره وعدم وضوحه وتفويض لجان التحقيق الإداري والتأديبي على النحو السالف ذكره سبباً في فصل الموظفين العموميين من الخدمة فصلاً تعسفياً، فإن قانون العمل في القطاع الأهلي رغم تكامله ووضوحه لم يعُد مانعاً هو الآخر من وقف هذا التعسف والحد من الحيف الذي يحيق بالعمال الخاضعين له.
وما حدث مؤخراً من تتابع فصل الموظفين والعمال من العمل بشكل جماعي الذي تركزت جل حالاته بسبب الغياب القصير عن العمل، أو بسبب التظاهر في المسيرات السياسية، على النحو الظاهر والمُعلن، إلاّ دليل ثابت على قصور أحكام قانون الخدمة المدنية وهيمنة لجان التحقيق والتأديب من جانب، والانحراف عن القواعد العامة المنظمة للحقوق ومخالفة أحكام قانون العمل من جانب آخر، سواء كان ذلك عن جهل بالقانون أم عن غير جهل.
ولا يهم ما إذا كان هذا الجانب أو ذاك هو المفضي للتعسف، إنما المهم هو لِمَ هذا التعسف؟
لذلك يسأل البعض ممن فُصلوا من العمل: هل ان فصلهم من العمل فصل تعسفي، أم هو فصل سياسي؟ هذا ما سنقف عليه ونوضحه في مقال آخر
إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"العدد 3242 - السبت 23 يوليو 2011م الموافق 22 شعبان 1432هـ
ملاحظة لزائر رقم 7
يبدو أن زائر لاقم 7 اختلط عليه الامر فهو وضع نفس التعليق على موضوع قاسم حسين وعمود المحامي علي وقد يتطبق على عمود قاسم الا انه لا ينطبق بتاتا على هذا العمود ...
شكرا لك والفصل سياسيا تعسفيا
ملاحظتان فقط:
1) الفصل سياسيا تعسفيا في آن واحد فمن حيث القانون فهو تعسفيا لعدم انطباق المادة المذكورة علي معظم المفصولين ومن حيث التوقيت والتطبيق فهو سياسيا بامتياز حيث شمل طائفة واحدة تقريبا ومن ذهب الى الدوار ومن سار في مسيرة
2) لهذا فالحل يجب أن يكون سياسيا وهذا واضح من تلكؤ الشركات في اعادة المفصولين لان الاوامر كما عرفنا انها لم تصل صريحة وواضحة من قبل الجهات الامرة بالفصل..
كفاية
اين التجديد .. فهل انتهت المواضيع والاطروحات؟
اتمنى منكم قبل ان تصفون من لا يتفق معكم "بالاخر"
اتمنى منكم ان تدركوا ان "الاخر" هو يطالب بحقوقه كاملة غير منقوصة.. مثلكم تماما
الاخر هذا يعي تماما انه لا بديل للوطن وارضه وترابه
الاخر هذا انتفض وهب ليسمع صوته بعد ان صدق لعقود عقدة المظلومية التي بانت الان حقيقتها
لا تسبون ولا تشتمون .. ام الكلام المبطن الجارح فهو رقي وحضاري..
لا بد منا الاعتراف بان الاخر تسامح وغفر ... كثيرا
مدام السبب واحد لماذا لايفصل الثاني وانتم تعرفون من اقصد
نشترك نحن الاثنان في نفس المخالفة ولنقول الغياب مثلا انا افصل كوني من احدى القرى الشمالية وهو يبقى لانه ......
الفصل هو تعسفي وسياسي وطائفي أيضا
كلامك أيها المحامي دقيق ويشرح القانون جيدا وما لمسناه على أرض الواقع يشمل الفقرات الثلاث لان البعض فصل بسبب عرقه وطائفته رغم أنه لم يتغيب ولا يوم واحد والبعض حتى ليست له ميول سياسية ولكنه فصل إذا فكل أنواع الفصل موجودة وهاهي لجنة تقصي الحقائق لنرى ماذا تستطيع ان تفعل في هذا الملف الذي هو بسيط مقارنة مع باقي الملفات ولكنه طويل لكثرة عدد المفصولين