لايزال العدوّ الصّهيونيّ يواصل حربه المفتوحة على الشَّعب الفلسطينيّ، من خلال غاراته المتواصلة على قطاع غزَّة، أو من خلال استكماله لمشاريع الاستيطان في الضفَّة الغربيَّة، في الوقت الّذي أخذت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تقليص خدماتها الغذائيَّة والصحيَّة والتعليميَّة الّتي تقدّمها للشّعب الفلسطينيّ، ما يزيد من معاناة هذا الشَّعب وآلامه.
إنَّ هذه الضّغوط تتواصل في ظلِّ انعدام الوزن العربيّ والإسلاميّ أو اللامبالاة، وصمت اللّجنة الرّباعيَّة عن إدانة «إسرائيل»، لموقفها الرّافض لاستئناف المفاوضات على أساس القوانين الدّوليّة. وفي هذا الجوّ، يتحرّك الموقف الأميركيّ الرّافض للحدّ الأدنى من حقوق الشّعب الفلسطينيّ، يواكبه ضغط أوروبّي لمنع أسطول الحريّة من الإبحار إلى غزّة لمساعدة الشّعب المحاصر.
إنّ على الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، عدم نسيان هذه القضيّة وترك الشّعب الفلسطينيّ يواجه مصيره وحده، مع كلّ الظّروف الصّعبة الّتي يعاني منها، وإبقاء القضيَّة الفلسطينيَّة كأساسٍ وكبوصلةٍ لتحديد مواقفها وحركتها، لأنَّ تمييع هذه القضيّة وإدخالها في لعبة التسويات الدّوليّة، سيمهّد لتمييع كلّ القضايا الحيويّة لهذه الشّعوب، ولأنّ سقوط هذه القضيّة سيؤدّي لسقوط الكثير من بلدانها تحت ضغط القرارات الدّوليّة الّتي تشرّع للاحتلال احتلاله، وتجعله أمراً واقعاً.
اننا ندعو الشّعب الفلسطينيّ الإسراع في خطواته نحو التّلاقي، وإيجاد خطوطٍ مشتركةٍ تضمن الموقف الواحد في مواجهة التحدّيات الأمنيّة والسياسيّة، كما ندعو الّذين يعملون من أجل رفع الحصار عن غزَّة، إلى مواصلة مسيرتهم لفكّ هذا الحصار، وتطوير جهودهم الإنسانيّة هذه بالعمل على عودة الشّعب الفلسطيني إلى أرضه، وتجييش الرّأي العام العالميّ لحساب هذه القضيّة، وسيجدون الكثير من الأصوات الدّاعمة لتحرّكهم.
وفي سورية ندعو الجميع إلى تلاقي كلّ الفعاليّات والحوار فيما بينها، للحؤول دون الوقوع في فخّ الفتنة المذهبيّة والطائفيّة، وإلى وعي خطورة أن تقع سورية مع غيرها من الثّورات العربيّة في الفوضى، الّتي يراد لها أن تؤدّي إلى إضعاف الواقع العربيّ والإسلاميّ لحساب الكيان الصّهيونيّ والمشاريع الاستكباريّة بالمنطقة.
إنّ المباشرة في الإصلاح في ظلّ حوارٍ وطنيّ جادّ، وعدم الرّهان على الخارج، يقرّبان المسافة بين الشّعب والحكومة، ويمهّد الطّريق لحفظ سورية دولةً قويّةً منيعةً، تحفظ حقوق كلّ مواطنيها وحرّيّاتهم.
ونتطلع في البحرين إلى عودة الحوار الوطنيّ والجدّيّ إليه، بعدما شهد انتكاسة في هذا المجال، من خلال خروج فريقٍ سياسيّ أساسيّ منه، وندعو إلى الاستمرار في الحوار مع كل مواطنيها، وأن تُدرس الأسباب الّتي أدّت إلى هذه الانتكاسة ومعالجتها، تجنّباً لوصول الأزمة إلى طريقٍ مسدودٍ قد يعرّض البلد مجدّداً إلى ما يهزّ استقراره، ويفتح الباب أمام تجاذباتٍ إقليميّةٍ ودوليّةٍ تعقّد الأزمة.
وفي لبنان الّذي تحرَّكت فيه العجلة الحكوميَّة، فأنتجت توافقاً على سلسلةٍ من التّعيينات، فإنّنا نعيد التّأكيد على ضرورة إخراج التعيينات من عقليّة المحسوبيّات والحسابات السياسيّة، إلى حساب الكفاءة والأمانة، لأجل بناء وطنٍ يتطلّع أبناؤه إلى تجربةٍ جديدةٍ في الحكم على مستوى النّهج والأسلوب. فنحن بحاجةٍ إلى تعديل الصّورة، ونريد لأصحاب الكفاءات أن يجدوا لهم مجالاً ليشعروا أنهم مقدّرون، لأنّهم يملكون المؤهّلات، التي تضعهم في المواقع الأساسيّة، على قاعدة الأخلاق والأمانة والمصلحة العامَّة، لحماية البلد من كلّ الفساد الذي يعيش في إدارات الدّولة.
إنَّ الواقع صعب والأمور معقَّدة، والتَّهديدات الصّهيونيَّة مستمرّة، وأطماع العدوّ تزداد لمصادرة الثّروات اللّبنانيّة في البحر وفي البرّ، ولا سبيل لمواجهة ذلك كلّه إلا بالخطّة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، لاسيَّما خطّة مواجهة العدوّ في تثبيت حقوق لبنان البحريّة، وأن تباشر التّنفيذ قبل أن تداهمنا أوضاع المنطقة، ويحاصرنا هجوم العالم المستكبر على ثرواتنا وثوراتنا وقراراتنا. وعلى اللّبنانيّين أن يعرفوا أنّ الخارج السّاعي لتخريب العلاقات بين أبناء الوطن الواحد، لن يتحرَّك لحلّ المشاكل في الدّاخل، بل سيعمل على تعقيدها أكثر، خدمةً لمصالحه وأطماعه.
على اللّبنانيّين اليوم ألا يضيّعوا بلدهم مجدّداً، ليكون لعبة في كلّ هذا الصّراع، وأن يجنّبوه ذلك بوعيهم وتلاقيهم وتخفيف التشنّجات بينهم. فعودوا إلى إنسانيّتكم أيها المسئولون، وانطلقوا في ورشةٍ حواريّةٍ وميدانيّةٍ تعطي البلد أمناً وأماناً واستقراراً وعيشاً كريماً
إقرأ أيضا لـ "علي محمد حسين فضل الله"العدد 3241 - الجمعة 22 يوليو 2011م الموافق 20 شعبان 1432هـ
فيما يخص البحرين ..
اقتباس:
(وأن تُدرس الأسباب الّتي أدّت إلى هذه الانتكاسة ومعالجتها).
بوركت يا سماحة السيد الكريم