في ذكرى الميلاد، إني بانتظارك يا من تملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فكن في الليلة الظلماء نجمي... وكن قمري.
هل انتظار المخلص هو ركون لمسألة نفسية نابعة من حالة الحرمان في الطبقات المحرومة في المجتمع والتاريخ؟ أم هي حالة هروب من واقع مثقل بالمتاعب إلى الاستغراق في تخيل مستقبل يتمكن فيه المحرومون من استعادة السيادة المشروعة والحقوق المغتصبة؟ أم هو إيمان حقيقي واستحقاق طبيعي للمستضعفين في الأرض أن يرثوها؟
ظهور المخلص والمصلح العالمي هو اتفاق بشري عام على اختلاف الأديان والمذاهب، فقد جاء في إحدى الكتب السماوية «الصديقون يرثون الأرض ويسكنون فيها إلى الأبد»، كما وعد الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم الأمة الإسلامية بيومٍ يتسلم فيها رجال الحق قيادة الأرض «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين»، (القصص: 5). ولدينا نحن المسلمين أكثر من ثلاثة آلاف حديث نبوي عن الرسول الأعظم (ص) وأئمة أهل البيت النبوي (ع) عن المخلص المهدي، واسمه محمد، وهو من ولد فاطمة (ع)، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئتْ ظلماً وجوراً، وإن كان الاختلاف بين المسلمين على توقيت مسألة الولادة.
ذهب فريق من المسلمين إلى أن الإمام المهدي رجلٌ يولد في آخر الزمان، بينما يرى فريق آخر من المسلمين أنه ولد في النصف من شعبان سنة 255 هـ، وفي مدينة سامراء (سُرّ من رأى)، وأنه سيظهر في يوم من أيام الله الموعودة. ومع الاختلاف تبقى الروايات متواترة لدى الجميع، ففي ظهور المخلص انفراج للبشرية التي تعاني من ويلات الظلم والفساد، وتعيش حالة من انهيار الكرامة وظلام العبودية، فهي تبحث دائماً عمّن يستعيد كرامتها لتحيا في دنيا العدالة والسمو الإنساني.
فلسفة الانتظار مرتبطة بأزمة قيادة الأمة نحو العدالة ومحاربة الفساد والظلم، وهي قيادة لها من القدرة الذاتية والتسديد ما لا يستطيع آخرون القيام به، وهي حاجةٌ وضرورةٌ أملتها واقع الأمم وما تعانيه البشرية من حروب وويلات.
إن حالة الانتظار التي يعيشها المجتمع الإسلامي لليوم الموعود لا ينبغي ترجمتها على أنها دعوة إلى التواني والضعف، بل هي حافزٌ للحراك والتغيير والعيش في حالة تهيئة السبيل والعدة، كحالة الغريق الذي يرى من بُعدٍ فريق الإنقاذ قادماً لإنقاذه من الساحل، لذا فإنّ هذا الانتظار يبعث في نفس الغريق أملاً قويّاً في النجاة، وهذا الأمل يمنحه القدرة فيواصل الغريق المقاومة حتى يصل. فالانتظار هنا مرتبطٌ بالحركة، فالإنسان يساهم في تعجيل أموره أو تأخيرها، وإن لم يكن كذلك لم يتعرض للمساءلة يوم الحساب، فمن الممكن أنْ يعجِّلَ المريض بشفائه ومن الممكن أنْ يؤخره أو ينفيه، إذ في الانتظار حياة وعمل، فعدم التكيّف مع الوضع المعاش نتيجة لفساده وظلمه، لا يدعو إلى الإحباط بحجة أن ظهور المصلح يكمن في العيش في حالة الوهن على المستوى النفسي، بل ينبغي أن يعيش فيه الإنسان حالة ثقة وتصالح مع الذات، استناداً إلى قوله تعالى: «ولا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنوا وَأنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤمنينَ» (آل عمران: 139). كما أن فلسفة الانتظار لا تسقط عنه المسئولية الاجتماعية أو واجب السعي نحو الإصلاح والتغيير، فنحن أمة تأبى أن تتلاشى وتوهن.
إن الأمة المعافاة هي الأمة المنطلقة المتطلعة للإصلاح، التي تساهم في التغيير، وتبني الواقع، وتطمح نحو الأفضل لبناء مستقبل ترفرف عليه رايات العزة والكرامة والتسامح والأخوة، وآخر دعواها وهي تستقبل شهر رمضان المبارك «اللهمَّ إنّا نرغَبُ إليكَ في دولةٍ كريمَةٍ تعزُّ بها الإسلام وأهلَه، وتذلّ بها النّفاق وأهله، وتجعلنا فيها مـن الدعاةِ إلى طاعتِـكَ، والقـادةِ إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة»
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3240 - الخميس 21 يوليو 2011م الموافق 19 شعبان 1432هـ
هي انتظمار للوصول إلى القمة
منذ أن خلق الإنسان وهو في حالة تطور دائمة ومضطردة على مدى العصور وربما يكن عصرنا الحالي أكثر العصور سرعة في التطور ولأن الإنسان بطبيعة خلقته يطمح إلى الكمال والرقي فإنه بالنهاية سوف يصل إلى القمة وإلى نهاية المراد الإلهي لذلك سوف
يخرج منقذ البشرية والمعروف بالمخلص لدى بعض الأديان لكي يضع اللمسات الأخيرة لرقي الخلق بحيث
ينشر العدالة الكاملة على الجميع وتتحقق الإرادة الإلهية على يديه
موضوع رائع عن الشخصية الأروع والحلم الذي ننتظر تحققه
لكن أود أن أطلعك على موضوع مكروهية التصريح بإسم الامام، حتى رسول الله في حديثه المشهور قال (اسمه يواطئ اسمي) ولم يصرح بإسمه لذلك نحن نكتفي باللقب (المهدي -القائم -الحجة-صاحب الامر-صاحب العصر والزمان) أو الكنية (ابو صالح-ابن العسكري) وكما وضحت لك أن الفقهاء يقولون بمكروهية التصريح بإسمه عجل الله فرجه كما ورد بمقالكم الكريم