«الوقت قد حان لأن تسارع المنظمة (اليونيسكو) الخُطى من أجل جعل مفهوم التربية على حقوق الإنسان جزءاً من أسرة المناهج الوطنية في كل بلاد العالم، على أن يعدَّ ذلك مؤشراً من مؤشرات تنفيذ الدول والوفاء بالتزاماتها في قضايا التعليم والمعرفة لمواطنيها، وهو السبيل نحو تأسيس قرن صديق لحقوق الإنسان» (موقع اليونيسكو).
يتبيَّن أن ثمة جهوداً تبذلها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) في مجال تنمية الوعي بثقافة التربية على حقوق الإنسان، ولكنها لا تسير بالإيقاع المرجو والمأمول.
فمنذ أن أُطلقت جائزة اليونيسكو للتربية في مجال حقوق الإنسان في العام 1978 بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تُمنح مرة واحدة كل عامين، من أجل تعزيز قيم ومفاهيم حقوق الإنسان من خلال برامج التدريس والتدريب، وهي تتطلع إلى تشجيع المبادرات الجديدة ذات الصلة بالتربية في مجال حقوق الإنسان.
الغرض من منح هذه الجائزة هو مكافأة المؤسسات والمنظمات والشخصيات المعنية بالتعليم والتدريب، شريطة قيامها بإسهامات حقيقية وفعَّالة ومثالية لإيجاد ثقافة عالمية في مجال حقوق الإنسان في الحقل التعليمي على الصعيدين الإقليمي والدولي، ليستحق التكريم بوجه خاص في مجال تطوير التربية بمجال حقوق الإنسان.
بإمكان حكومات الدول الأعضاء في منظمة اليونيسكو تقديم ترشيحاتها، وذلك بالتشاور مع اللجان الوطنية الخاصة بها، والمنظمات الأهلية التي تربطها علاقات رسمية مع اليونيسكو، ولا ينظر في الترشيح الذاتي.
ولكي تُقبل الترشيحات للجائزة فإن هناك شروطاً ثلاثة، وهي: توصيف التحصيل العلمي للمرشح وإنجازاته، وملخص للأعمال أو نتائج الأعمال، والمنشورات وغيرها من الوثائق الداعمة ذات الأهمية الكبيرة، وأخيراً التعريف بالمساهمة التي قدَّمها المترشح لتحقيق أهداف الجائزة.
في الوقت الذي يتمُّ اختيار الفائزين بالجائزة من قِبل المدير العام لليونيسكو، بناءً على اقتراح من لجنة تحكيم دولية مؤلفة من خمس شخصيات عامة تمثل مناطق متعددة من العالم، وفي النهاية يكون الإعلان عن اسم الفائز بالجائزة في 10 ديسمبر/ كانون الأول بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
واستشرافاً للمستقبل، بضرورة إحداث تغييرات ملموسة على المدى البعيد في السياسات والممارسات التعليمية الوطنية في مفهوم التعليم، فلقد وضعت اليونيسكو لنفسها أهدافاً وأنشطة مستقبلية في مجال التربية على حقوق الإنسان، وتتمثل في الآتي: رصد تعليم حقوق الإنسان بوصفه جزءاً لا يتجرأ من الحق في التعليم في الدول الأعضاء، وإدراج تعليم حقوق الإنسان في نظم التعليم الوطنية بما يتفق مع المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وعدم قابليتها للتجزئة وترابطها وتشابكها، مع مراعاة تنوّع الثقافات والتطورات والسياقات التاريخية، وتاريخ التعليم في كل بلد، وإدراج تعليم حقوق الإنسان في خطط العمل الوطنية للتعليم للجميع، وتنفيذ هذه الخطط، والمساعدة في إعداد وتنفيذ خطط عمل وطنية لتعليم حقوق الإنسان، وذلك بالنظر إلى نتائج عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان، وبناء شركات استراتيجية مع الوكالات المتخصصة في منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحكومية والمنظمات غير الحكومية، ورابطات المجتمع المدني الأخرى، وأوساط الباحثين والبرلمانيين وما إلى ذلك من أطراف، من أجل تعزيز التنفيذ الفعال لتعليم حقوق الإنسان، وزيادة تأثيره على كل من المستوى الدولي والإقليمي والوطني.
واللجان الوطنية لليونيسكو لها دور جوهري تؤديه في هذا الصدد، والنهوض بشبكات اليونيسكو القائمة (شبكات توأمة الجامعات ـ الكراسي الجامعية لليونيسكو ـ المدارس المنتسبة، ورابطة اليونيسكو وأنديتها)، وإنشاء شبكات جديدة، وأخيراً مكافأة الإسهامات النموذجية التي تقدمها مؤسسات التدريس أو المنظمات أو الأشخاص من أجل تطوير تدريس حقوق الإنسان، بمنحها كل سنتين جائزة اليونيسكو في مجال التربية على حقوق الإنسان.
في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2009 نظّمت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورشة عمل تدريبية بعنوان «حقوق الطفل»، كجزء من تنفيذ مشروع خطة المراجعة الدورية الشاملة مع وزارة الخارجية البحرينية، حيث شملت عدداً من الأنشطة لتنمية القدرات لدى منفذِّي القانون والعاملين في مجال التعليم، وتدريب المعلمين والعاملين في وزارة التربية والتعليم على كيفية جعل بيئة عملهم قائمة على ثقافة حقوق الإنسان، وتعزيز الوعي بحقوق الإنسان بين الطلبة.
حالياً، فإن وزارة التربية والتعليم بصدد الانتهاء من الخطة الاستراتيجية لفريق التربية على حقوق الإنسان، والذي تشكل في العام 2009، لتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان الموجودة في المناهج الدراسية، وضرورة تصميم عمليات التعليم والتعلم والأنشطة التربوية وتطوير البيئة المدرسية، بحيث تكون ملائمة لأهداف التربية على حقوق الإنسان.
من خلال متابعة مفردات الخطة المصممة فإنها تؤكد على أهمية التدريب على ممارسة مبادئ حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية، عوضاً عن استعمال أسلوب المحاضرة والتلقين، لكي لا تختزل ثقافة الحقوق على نشاطات خاصة ينظمها المعلمون بين الفينة والأخرى وفي مناسبات حقوقية معينة كفقرة محددة في البرنامج أو الخطة الدراسية، بل يجب أن تتجاوز تلك الأطر التقليدية إلى الفضاء العام في البيئة المدرسية، هذا فضلاً عن أن ثقافة التربية على حقوق الإنسان تمتد لتشمل مؤسسات التنشئة الاجتماعية المعنية بالتربية خارج إطار المؤسسة التعليمية كالأسرة ووسائل الإعلام المتعددة.
إن من أهم أهداف أية خطة استراتيجية لدمج ثقافة حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية لابد أن تشمل فئة الناشئة لتنمية قدراتهم على اكتسابها وتمثلها، ليتحملوا بدورهم مسئولياتهم تجاهها، وتنمية معارفهم بوسائل ممارستها.
بناءً على ما سبق يمكن القول بأن أفضل الصيغ والممارسات التربوية الفعالة لجعل البيئة التعليمية حاضنة لثقافة التربية على حقوق الإنسان يتمثل في ضخ المزيد من الأنشطة الصفية واللاصفية لممارسة قيم العيش المشترك القائم على التسامح والتَّعاون والقبول بالآخر، وهو أهم ما يجب العمل من أجله الآن
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3235 - السبت 16 يوليو 2011م الموافق 14 شعبان 1432هـ