حكمت المحكمة الكبرى الجنائية، برئاسة القاضي الشيخ محمد بن علي آل خليفة، وعضوية القاضيين طلعت إبراهيم وبدر العبدالله، وأمانة سر ناجي عبدالله بحبس متهم لمدة سنة وإبعاده لتورطه بضرب المجني عليه الذي فارق الحياة، بعد خلاف وقع بينهما على وجبة العشاء.
وكانت النيابة العامة وجهت إلى المتهم أنه اعتدى على سلامة جسم المجني عليه بأن قام بلكمه بقبضة يده على رقبته حال تناوله طعامه فأسقطه أرضاً، وقد أفضى الاعتداء إلى موته من دون أن يقصد ذلك.
وتتمثل تفاصيل القضية في أن المجني عليه والمتهم كانا يتناولان وجبة العشاء، فقام المتهم بضرب المجني عليه على رقبته بالقرب من أذنه، ما أدى إلى سقوطه، وفور نقله إلى المستشفى وخلال فحص المجني عليه تبين أنه فارق الحياة.
وكانت المحامية فاطمة الحواج تقدمت بمذكرة دفاعية طلبت في نهايتها ببراءة موكلها.
وقد دفعت الحواج بعدم صحة القيد والوصف، لأن الثابت من واقع أوراق الدعوى أن ما استخلصته النيابة العامة من أقوال الشاهد المذكور هو أن هناك سوء تفاهم بين المتهم والمجني عليه، ترتب عليه أن قام المتهم بمسك المجني عليه من رقبته ولكمه بقبضة يده على رقبته وأسقطه أرضاً ما أودى بحياة المجني عليه.
وهذا الاستخلاص ليس من شأنه ثبوت ارتكاب المتهم للجريمة المنسوبة إليه، ذلك أن كل ما قام به المتهم من فعل هو ضرب المجني عليه لكمة وقعت على رقبته، وليس من شأن هذه اللكمة علميّاً أن تؤدي إلى انسداد القصبة الهوائية أو ارتجاع الطعام للقصبة الهوائية وسدها، وهذا ما قرره الطبيب الشرعي.
كما لفتت إلى أن أقوال الشاهد الأول تؤكد في موضع آخر أن المجني عليه والمتهم تبادلا السب بقول كل واحد منهما للآخر (أنت مو زين أنت مو زين) وقيامهما معاً في الوقت وترديد الكلمات لبعضهما، ثم قيام المتهم بمسك المجني عليه من رقبته ولكمه بقبضة يده حيث استقرت اللكمة على رقبة المجني عليه من جهة اليسار، وهذا يدل على وجود استثارة من قبل المجني عليه للمتهم ووجود حالة دفاع شرعي تتناسب مع التعدي الواقع عليه ، فضلاً عن أن التقرير الطبي الشرعي ينتفي رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه ومن ثم فلا ينطبق الوصف التجريمي على الفعل المنسوب للمتهم، فالمشاجرة المزعومة مجرد خلاف على طريقة طبخ الطعام كما جاء بأقوال الشهود وأن الأمر كله كان لحظياً حيث وقف كل من المتهم والمجني عليه معا وبسرعة وانتهى الأمر بتوجيه المتهم ضربة للمجني عليه في رقبته أسقطته أرضاً بعدما توجه للباب، فلا يوجد تشاجر بين المتهم والمجني عليه بالشكل الذي تخيله الطبيب الشرعي والذي بناء عليه حاد عن جادة الصواب واعتنق رأياً شخصيّاً لا سند له سوى ما تخيله.
كذلك دفعت الحواج بعدم توافر أركان الجريمة المنسوبة للمتهم، فإذا كان الركن المادي لهذه الجريمة قائم على عناصر ثلاثة هي: الفعل، والنتيجة، وعلاقة السببية بينهما، لأن الثابت هو انعدام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه، ولانتفاء القصد الجنائي لدى المتهم.
كذلك دفعت الحواج بحصول الوفاة نتيجة لخطأ طبي جسيم، لأن الثابت أن الواقعة حصلت الساعة 7 مساء، و أن البلاغ عن الوفاة كان الساعة 9:40 مساء أي بعد ساعتين و 40 دقيقة من الواقعة، وهذا وقت كاف لحصول الوفاة نتيجة توقف تنفس المتهم ليس بسبب التعرض للضربة وإنما نتيجة للخطأ في تلقي الإسعافات اللازمة.
فليس من المتصور أو المنطقي أو المعقول أن يكون المجني عليه قد توفي في الساعة السابعة ولا يقوم الشهود بنقله إلى المستشفى إلا بعد ساعتين و40 دقيقة من وفاته، فالراجح أن المجني عليه كان على قيد الحياة وقت نقله للمستشفى، والتصرف الواجب على المقيمين معه في معيشة واحدة أن يطلبوا الإسعاف وليس تقديم خدمات طبية له لا يعلمون عنها شيئاً.
و هذا يعني أن الإسعافات قد تأخرت لساعتين و40 دقيقة على رغم حصول الواقعة في منطقة المحرق حيث يعمل مركزان صحيان لمدة 24 ساعة أحدهما مجاور لمسكن المجني عليه، ومع ذلك عزف المتواجدون عن طلب الإسعاف ولما فكروا في تقديم الرعاية الطبية للمجني عليه نقلوه للمستشفى بأنفسهم، فمن ثم نكون أمام حالة من حالات الإهمال الطبي الجسيم والذي يترتب عليه انتفاء مسئولية المتهم مما أسند إليه، وبالتالي نلتمس من عدالتكم الحكم ببراءة هذا المتهم من الجريمة المسندة إليه.
وبناء عليه طلبت الحواج من المحكمة استعمال أقصى درجات الرأفة مع المتهم والنزول بالعقوبة لحدها الأدنى بعد تعديل القيد والوصف لجنحة الضرب البسيط، مع وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها، أو الاكتفاء بالمدة التي قضاها المتهم بالحبس
العدد 3225 - الأربعاء 06 يوليو 2011م الموافق 04 شعبان 1432هـ