رحب إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع)، في الدراز، الشيخ عيسى أحمد قاسم، بإنشاء اللجنة الملكية المستقلة لتقصي الحقائق، في الأحداث التي شهدتها البحرين خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين، والتداعيات الأخرى، معتبراً أنها أمر إيجابي وخطوة على الطريق الصحيح.
وذكر قاسم أنه إذا قررت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، الدخول في حوار التوافق الوطني، فعليها أن تبقى في خندق المطالب الشعبية.
وقال قاسم في خطبته يوم أمس الجمعة (1 يوليو/ تموز 2011)، إن: «لجنة تقصي الحقائق المستقلة مع صدق الوصف أمر إيجابي، وخطوة على الطريق الصحيح، والحكم النهائي عليها أو لها مرتبط بجدية المقدمات، وحرية التقصي، ونزاهة وعدالة النتائج وتطبيقها، وتصحيح الوضع، وإنصاف المظلومين، ورد اعتبار من هتك اعتباره، وتعويض المتضررين، وعقوبة المعذبين والمنتهكين لحقوق الإنسان والممعنين في ظلمه».
وبيّن أن: «كل خطوة تصحيحية وتدارك للخطأ والخلل، وكل عودة لحق، وكل إصلاح يجب أن يقدر بقدره بلا إنقاص من حقه ولا تزيد، لا نقول للشيء بأنه ليس بشيء، ولا نقول للشيء بأنه كل شيء».
وأردف قائلاً: «أما ما تُصحّح به الأوضاع عامة وتطفئ الفتن، ويعطى للوطن العافية من مشكلاته، فهو الإصلاح السياسي الجدي الجذري الواسع، الذي يفرض نفسه لو تم على كل الأوضاع ويعالج فسادها الذي طالها من فساد السياسة، ما أفسد الأوضاع الأخرى إنما هو فساد السياسة، وما يصلح فساد الأوضاع الأخرى هو صلاح السياسة».
وتحدث قاسم في خطبته عن الحوار، واعتبر أن «الحوار الناجح يحتاج إلى أجواء ملائمة ومقدمات منتجة يلاحظ عليها أنها مفقودة حتى الآن».
وأوضح قاسم بأن: «الداخل صادقاً في الحوار لأي داعٍ من الدواعي العقلائية، لا يدخل لتخريبه، ولا يدخله ترويجاً له، ولا مستسلماً لأجوائه غير الملائمة، ومستنيماً لمساره غير الصحيح، ولا مستعداً للتوقيع على النتائج الضئيلة له».
وشدد على أن «من يدخل الحوار يدخله برؤية شعبية، وبعزيمة قوية، ومطالب يتفق عليها الشعب ويصر عليها ويذود عنها ويبقى في خندقها على طول الخط».
وقال: «الطرفان الحقيقيان للحوار إنما هما الحكومة ومعارضة تخالف الحكومة الرأي، والطرح في البعد الأساسي للحوار وهو البعد السياسي، كمسألة الحكومة المنتخبة، والمجلس النيابي الناتج عن تمثيل شعبي عادل ولصلاحيات كاملة، لا يشاركه ولا يضايقه فيها مجلس الشورى».
وقال إن: «كل النتائج التي يفضي إليها الحوار، وإن توافقت عليها الأطراف، واستكملت مراحل طريقها الرسمي، لا يعد شيء منها ملزماً للشعب، إلا ما وافق عليه في النهاية، وإلا بقيت لا تمثل إلا رأي أصحابها».
وأكد على أن «لن يوقظ البلد من أزماته العاصفة، إلا إصلاح واضح بسقف ينال موافقة الشعب».
وأضاف: «هناك مغيبون في السجون ممن يحتاجهم الحوار ونجاحه وفاعليته، والداخل في الحوار يدخل تجربة صعبة وامتحاناً قاسياً، ويعطي الناس حق الحكم عليه أو له، بمقدار صدقه وعدمه مع مطالب الشعب، ومدى صلابته ورخاوته، وتمسكه وتسامحه في أمر هذه المطالب».
وتابع: «الاستمرار في الحوار من المشارك فيه هو الأصل، ولكنه مشروط بأن تثبت إمكانية نجاح الحوار والوصول إلى الحل، وإلا كان عليه أن ينسحب فوراً».
وأشار إلى أن: «أية نتائج إيجابية لا تعالج الجانب السياسي بنجاح لن توصل إلى حل».
وتحدث عن دخول جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في حوار التوافق الوطني، معتبراً بأنه: «أعلم أن الوفاق قد تدخل الحوار، ولكن دخول الوفاق الحوار لو اختارته ليس من غير حكمة، ولا في غفلة عن واجبها الديني والوطني، في الحفاظ على مصلحة الشعب والذود عن حقوقه ورد مظالمه».
ورأى بأن: «على الوفاق إذا اختارت أن تدخل الحوار ضاغطة على نفسها، ألا تدخل إلا لإنجاح الحوار الذي يعني بالضبط تلبية طموحات الشعب وتحقيق مطالبه، وألا تداهن أحداً في ذلك أو تجامله بل تكون الواضحة الصريحة في موقفها المنتصر لحقوق الشعب وقضاياه. وتكون كل لحظة بقاء لها في الحوار مرهونة بأمل تحقيق هذه المطالب وإمكانية الوصول إليها وإلا كان عليها الانسحاب».
وأفاد بأن: «خير للمؤمن أن يموت من أن يشارك في إعانة على مظلوم، أو تضييع حق مغتصب، والسكوت على باطل يسعه دفعه، وخير للوفاق أن تنتهي إلى الأبد من أن تخون أمانتها، وتخذل الشعب، وتقصر في الدفاع عنه، وتزوّر إرادته، وتقبل له ما لا يقبله وللوطن ما لا ينقذه».
وذكر قاسم: «الكل يعرف أن الحل لا يتمثل في إطلاق السجناء وعودة المفصولين من وظائفهم ودراستهم، وتعويض المتضررين، ولكن على الكل أن يعرف كذلك أنه لا حل وواحد من أبناء الشعب المطالبين بحقه قابع في السجن، أو محروم من وظيفته أو دراسته أو متروك لظلامته».
وختم قاسم خطبته بالقول: «إذا اختارت الوفاق الدخول في الحوار، فعليها أن تبقى في خندق المطالب الشعبية، وتكون الصوت الصارخ داخل هذا الحوار بمظلومية الشعب وبإصراره على الوصول إلى مطالبه»
العدد 3220 - الجمعة 01 يوليو 2011م الموافق 29 رجب 1432هـ