العدد 3219 - الخميس 30 يونيو 2011م الموافق 28 رجب 1432هـ

يد الفيحاني!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لا أعرف عن الرجل إلا اسمه الأخير، وألاحظه يومياً بلا تعب أو كلل، إنّه الفيحاني، ذلك الرجل الذي وضع يده في بيته، وأخذ يبنيه شيئاً فشيئاً، حتى أصبحت يده أنموذجاً لنا جميعاً في الصبر والبناء والعمل.

لابد أن ننسخ من يد الفيحاني الكثير، حتى نبني الوطن، ونتخلّص من العمالة الأجنبية الطافحة، التي أصبح عددها أكثر من عدد مواطني البحرين، وفاحت رائحة مشكلاتها من سكن عزّاب ومن تحرّشات واعتداءات مشينة.

إنّ هذا الرجل يعمل منذ بكور الصباح، حتى ينتهي النهار، ولم نجد معه إلا عاملاً واحداً يحمل الطوب ويساعده في عملية بناء البيت، وقد كثر الحديث عن الرجل، ولكن المقولة التي يصدّقها العقل هي أنّنا يجب وضع وسام على صدره، فهو أوّل من رفض العمالة الأجنبية واستبدلها بيديه المباركتين.

نعم... إنّ يديه يجب أن توضع مثالاً لأبنائنا حتى يبنوا، وحتى لا يستهينوا بالعمل، فبهم وعن طريقهم تُبنى البحرين، وعلينا أن نبدأ بأنفسنا حتى تُرفض العمالة الأجنبية وتُستبدل بالبحريني الأصيل. ولو قام كل فرد منّا بما يقوم به الفيحاني، فإنّنا سنستخلص دروساً منه كالصبر والمثابرة والإبداع والإخلاص؛ لأنّ العمل المضني ليس سهلاً وخصوصاً في موجة حر يوليو/ تموز التي تعيشها البحرين.

أبناؤنا أصبحوا مهمّشين، إنّهم أبناء الإنترنت والبي بي وآي بود، ولكنّنا لم نجد الكثيرين منهم يعملون بجد ويبنون البيوت، مع أنّها مهنة عظيمة حتى قد تدر عليهم الربح والبركة، فسواعدهم ما زالت طريّة، وأيديهم أنعم من أيادي البنات، لم يصبها الشقاء أو العمل الصعب، وليس هذا من محاسن الأمور، إذ لابد لأبنائنا أن يتعلّموا من هذا الرجل وضع أيديهم في كل شيء، وخصوصاً في الأمور المهنية التي يحتاج الرجل معرفتها، لأنها ستساعدهم في المستقبل، وما أسرع وصولنا إلى ذلك المستقبل.

لا نريد لأبنائنا أن يكونوا أميين في التعامل مع الحاسب الآلي والتقنية، ولكننا نريدهم أن يكونوا رجالاً مقتدرين، ونريد لأيديهم أن تخشن قليلاً، ليستشعروا طعم الرجولة التي اختفت في بعض الرجال.

لم نجد في بعض المجتمعات المتقدّمة الكثير من الأجانب الذين غزوا سوق هذا النوع من العمل، بل وجدنا أبناء المنطقة هم الذين يبنون ويصنعون ويتقنون، وحتى أنّهم زادوا عليه ببند واحد ألا وهو «يبتكرون».

ما زال لدينا وقت لإصلاح ما فات، وفتياننا لديهم القدرة على العطاء، وما نحتاجه اليوم هو تحويل الاهتمام بالعامل الأجنبي، وإبداله بعامل بحريني يفيد نفسه ويفيد وطنه وأهله، وهذا الطلب بسيط بالنسبة إلى عدد الطلبات والمطالب التي يريدها الشعب! وجمعة مباركة

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3219 - الخميس 30 يونيو 2011م الموافق 28 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 9:31 ص

      اليد العاملة والمنتجة والمكافحة يحبها الله ورسوله .......... ام محمود

      الدين الاسلامي كرم العامل معنويا ورفع مكانته فقد مد النبي صلى الله عليه وآله يده الشريفة ليصافح عاملا فأعتذر الرجل بأن يده خشنه فقام النبي ص وقبّل يد العامل تكريما لها وقال هذه يد ( يحبها الله و رسوله)
      يا اخت مريم أنا افتخر بزوجي لأنه عصامي ويلم بعده مهن في آن واحد فهو مهندس وكهربائي ونجار في بداية زواجنا كانت غرفة النوم من صنع يده وميكانيكي وباي فيتر وبحار عنده طراد ويعرف في البناء
      قام بمساعده المقاول في بناء جزء كبير من الفيلا التي نعيشها وتركيب السيراميك
      يعني سبع صنايع بس البخت مو ضايع

    • زائر 3 | 7:27 ص

      اضاءة للتامل

      الكاتبة المحترمة في حقية الامر عزوف الجليل الجديد عن اخذ موقعه في ممارسة المهن التقليدية ليست مشكلة الجيل ذاته وحسب بل هي مشكلة متداخلة مرتبطة بالخطط والسياسات والقرارات العليا وايضا بالتربية الاسرية والمدرسية وبالظروف التي تعصف بمجتمعاتنا
      نحن جيل صنعنا حياتنا بانفسنا ويعرف عنا بجيل العلقتين علقة الوالدين وهي مطلوبة وعلقة الابناء وهي غير محببة لانها تفضي الى انتاج جيل خامل
      انا من جيل صنع مستقبله بيده وافتخر انني عملت مزارعا وبحارا وبناء ونجارا وحدادا وسعيت في طلب العلم حتى حصلت على الدكتواره

    • زائر 2 | 1:15 ص

      بارك الله فيك

      بارك الله فيك

    • زائر 1 | 12:45 ص

      كلام طيب جميل ولكن

      لكن هي المشكلة ... حيث تكمن في أن يتنازل أبتائى عن الغطرسة واحتقار المهن التي زاولها الأباء والتي شحذت الهمم وعمرت البلاد وعاش من إراداتها الأبناء ودرسوا في الجامهات وتخرجوا أطباء ومهندسون و وزراء و محامون و مدرسون وفي جميع المجالات ، وهذا لايعني أن يترك أصحاب الشهادات والمتخصصون مجال اختصاصهم ، و إنما هي حرفة والحرفة أمن من الفقر كما قيل: ( حرفة في اليد أمان من الفقر ) وكما قيل باللغة العامية ( احفظ الحاجة واتركها في الروزنه ) أي تعلم الحرفة...

اقرأ ايضاً