أجمعت قوى «المعارضة» المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه جلالة الملك وسيفتتح أعماله السبت (2 يوليو/ تموز 2011) في مرئياتها المقدمة إلى رئيس مجلس النواب المكلف من قبل العاهل برئاسة الحوار الوطني خليفة الظهراني، على الدعوة إلى تحقيق إصلاحاتٍ دستورية جذرية في دستور البحرين الصادر العام 2002، بالإضافة إلى الوصول إلى الحكومة التي يتم تشكيلها وفق ما تفرزه نتائج الانتخابات النيابية، التي شددوا على ضرورة أن تكون انتخابات بدوائر «عادلة»، يتمخض عنها مجلس نيابي كامل الصلاحيات، فيما يقتصر دور مجلس الشورى المعين على المشورة فقط دون التشريع.
وتقول هذه القوى السياسية إنها المرئيات ذاتها التي قدمتها إلى سمو ولي العهد يوم 13 مارس/ آذار الماضي، إثر دعوة سموه للجمعيات السياسية بتقديم مرئياتها للحوار الوطني الذي ارتكز على سبع مبادئ حينها شملت مجلس نواب كامل الصلاحيات، حكومة تمثل إرادة الشعب، دوائر انتخابية عادلة، التجنيس، محاربة الفساد المالي والإداري، أملاك الدولة، معالجة الاحتقان الطائفي.
وحتى الآن فقد أعلنت ثلاث جمعيات من أصل 7 جمعيات شكلت على مدى الأشهر الماضية ما عرف بـ «التحالف السباعي» لقوى المعارضة (المكون من «الوفاق، وعد، المنبر التقدمي، التجمع القومي، العمل الإسلامي، الإخاء، التجمع الوطني)، موافقتها على تقديم مرئياتها بشأن الحوار المرتقب، فيما لاتزال الوفاق تتريث في إعلان موقفها النهائي من المشاركة فيه، في الوقت الذي أعلنت جمعية التجمع الوطني أنها لا ترغب في المشاركة، فيما تعتبر مشاركة العمل الإسلامي في الحوار الوطني مهمة غير ممكنة بسبب توقيف أغلب قيادات وكوادر الجمعية.
وأبدت ثلاث جمعيات هي «وعد»، التي تم فك الحظر عن نشاطها في 18 من يونيو/ حزيران 2011، والمنبر التقدمي، والتجمع القومي (مزيج من يسار وقوميين وتمثل ما يعرف بـ «التيار الوطني») رغبتها في المشاركة في الحوار الوطني، وقدمت فعلاً مرئياتها قبل انقضاء المهلة التي قدمت للجهات المشاركة والتي انتهت الأحد (26 يونيو/ حزيران 2011).
وتقترب رؤى الجمعيات الثلاث من بعضها بعضاً وخاصة فيما يتعلق بالجانب السياسي، وهي تتمحور حول ثلاث قضايا رئيسية: برلمان كامل الصلاحيات، وحكومة منتخبة، ودوائر انتخابية عادلة.
ومن المتوقع أن تشهد هذه الملفات حوارا ساخناً بشأنها خلال جلسات الحوار الوطني الذي يفترض به مناقشة كل المرئيات المقدمة إليه، فبحسب الظهراني فإن «كل المرئيات والقضايا التي تم تقديمها من جميع المدعوين من الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات والإعلام سيتم إدراجها وتصنيفها على المحاور الأساسية التي تم الإعلان عنها (السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والحقوقية)، ولن تستبعد أية مرئية مقدمة من أية جهة في أي شأن أو مجال».
فمن جهتها شددت «وعد» في مرئياتها التي رفعتها إلى رئاسة الحوار الوطني على رؤيتها في ضرورة إصلاح النظام الدستوري وتحديد دور مجلس الشورى في تقديم استشارات غير ملزمة، وفي نهاية المطاف الوصول إلى شراكة حقيقية في السلطة.
وأشارت إلى أنها ترى أن الأزمة القائمة في البلاد في جوهرها ليست اقتصادية واجتماعية، فحسب، بل هي سياسية دستورية أولا، وأن هذا المحور هو مفتاح الحل الحقيقي للأزمة السياسية القائمة الآن. أما القضايا الاقتصادية والاجتماعية على أهميتها إلا أنها تتحول عادة إلى سياسات وبرامج وخطط تنفذها السلطة التنفيذية، مبدية مطالبتها بـ «دستور عقدي بين الشعب وجلالة الملك يضمن فصلاً كاملاً للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وصلاحيات واسعة لنواب الشعب في التشريع والرقابة».
ومن جانب مقارب، تمحورت مرئيات «المنبر التقدمي» حول «الإصلاح السياسي والدستوري وملفات مهمة مثل إعادة رسم الدوائر الانتخابية وقانون الانتخابات مع حزمة من التعديلات على القوانين والتشريعات المتصلة خصوصاً بتوسيع نطاق الحريات العامة، من أجل دعم مسيرة الإصلاح مثل قوانين التجمعات والجمعيات السياسية ومكافحة الإرهاب، ومن اجل تشريعات عمالية فعالة تضمن حقوق الطبقة العاملة».
أما جمعية التجمع القومي فأشارت إلى أن الحل يكمن في «وضع مجلس تأسيسي لوضع دستور للبلاد، وذكرنا كحد أدنى مبادئ ولي العهد بإدخال تعديلات على دستور 2002، ونحن نرى انه يجب ألا يكون رئيس الوزراء من العائلة وأن الحكومة يجب أن تحظى بثقة المجلس والجميع من الرئيس والوزراء يجوز طرح الثقة فيهم».
ولفتت إلى أن «هناك السقف الأعلى وهو انتخاب الحكومة من قبل الحزب الأكبر، وقلنا إن مجلس النواب ينفرد بالتشريع، ويمكن أن تكون قراءتان، والقراءة الثالثة تكون لمجلس النواب يحسمها لوحده».
إلى ذلك، وعلى رغم مرور أربعة أيام على انتهاء المهلة التي حددها الظهراني لتسلم مرئيات الجهات التي أرسلت إليها دعوات للمشاركة في الحوار الوطني، فمازالت «الوفاق»، كبرى جمعيات المعارضة في البلاد، تتريث في إعلان موقفها النهائي من المشاركة في الحوار الوطني حتى الآن.
وتسلمت الوفاق دعوة للمشاركة بخمسة أسماء، وهو العدد ذاته الذي تمت دعوته من بقية الجمعيات السياسية الأخرى، إلا أن الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان انتقد ما اعتبره «التمثيل غير العادل» لقوى المعارضة في الحوار الوطني.
ولاتزال «الوفاق» تقف في منتصف الطريق بين المشاركة في الحوار من عدمه، فهي مازالت ترسل رسائل ايجابية بشأن موقفها من مبدأ الحوار الوطني بحد ذاته، إلا أنها في ذات الوقت ما تزال تبدي تساؤلاتٍ عما إذا كان مآل هذا الحوار المرتقب سيفضي إلى إحداث تغييرات حقيقية في البلاد أم أنه سيكون مجرد «منتدى حواري وليس حواراً جاداً مثمراً يرتضيه الناس ويلبي مطالب المجتمع».
ووفقا لمعطيات الأمور فيبدو أن الحوارات الداخلية في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية تجعلها تتريث في قرارها بشأن تفاصيل الحوار المنتظر، إذ يتجاذب تلك الحوارات تياران، أحدهما يطالب بضرورة تهيئة الأجواء قبل الوغول في الحوار، وأن أي حوارٍ يجري في مثل هذه الأجواء لن يكون مجديا - بحسبهم-، والثاني يدعو للقبول بالحوار وبناء المواقف خطوة بخطوة.
وشهدت الأيام القليلة الماضية لقاءات وفاقية مع عددٍ من رجالات الدبلوماسية في السفارات البريطانية والألمانية واليابانية، ومن غير المعلوم ما إذا كان لهذه اللقاءات دور مهم في حسم الوفاق لموقفها من المشاركة في الحوار الوطني من عدمه
العدد 3219 - الخميس 30 يونيو 2011م الموافق 28 رجب 1432هـ