قالت وزارة الخارجية الأميركية: «إن حكومة البحرين لا تمتثل امتثالاً تاماً بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر، إلا أنها تبذل جهوداً كبيرة للقيام بذلك».
وصنفت الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي بشأن مكافحة الاتجار بالبشر الذي صدر يوم الإثنين الماضي (27 يونيو/ حزيران 2011)، البحرين ضمن التصنيف الثاني، للدول التي تلتزم بمكافحة الاتجار بالبشر، وهو التصنيف الذي يعني أن الدول تسعى للالتزام بمعايير مكافحة الاتجار بالبشر.
وبدأ التقرير في الجزء المتعلق بالبحرين بالإشارة إلى كونها مقصداً للرجال والنساء الذين يتعرضون للعمل القسري والاتجار بالجنس، وأن الرجال والنساء القادمين من الهند وباكستان ونيبال وسريلانكا وبنغلاديش وإندونيسيا وتايلاند والفلبين وإثيوبيا وأريتريا يهاجرون طوعياً إلى البحرين للعمل كخدم في المنازل أو ينضمون للعمالة غير الماهرة التي تعمل في صناعات البناء والخدمات.
وأشار التقرير إلى تعرض هذه العمالة إلى ظروف العمل القسري بعد وصولها إلى البحرين، بسبب استخدام الأساليب غير المشروعة بحق بعضهم، مثل حجز جوازات سفرهم، وتقييد حركتهم، وفرض قيود في عقود عملهم، وعدم دفع أجورهم، وتهديدهم وتعريضهم إلى الاعتداء البدني أو الجنسي.
وتطرق التقرير إلى دراسة مُعدة من قبل هيئة تنظيم سوق العمل، والتي أشارت إلى أن 65 في المئة من العمال المهاجرين لم يطلعوا على عقود عملهم، وأن 89 في المئة منهم لم يكونوا على علم بشروط عملهم فور وصولهم إلى البحرين.
كما أشار إلى أن العديد من مكاتب توظيف العمالة في البحرين والبلدان المصدرة للعمال، تطلب من العمال دفع رسوم استقدام عالية، ناهيك عن أن هيئة تنظيم سوق العمل وجدت أن 70 في المئة من العمال الأجانب اقترضوا الأموال أو باعوا ممتلكاتهم من أجل الحصول على وظيفة في البحرين، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن بعض أرباب العمل البحرينيين يفرضون على العمال بصورة غير قانونية رسوماً باهظة من أجل بقائهم في البحرين كعمالة سائبة «فري فيزا».
وتطرق التقرير إلى ما أشارت إليه هيئة تنظيم سوق العمل كذلك من أن نحو 10 في المئة من العمال الأجانب في البحرين «فري فيزا»، في حين أن غرفة تجارة وصناعة البحرين تعتقد أن النسبة ترتفع لتصل إلى 25 في المئة. وأشار التقرير كذلك إلى أن النساء القادمات إلى البحرين من تايلاند والفلبين والمغرب والأردن وسوريا ولبنان وروسيا والصين وفيتنام ودول أوروبا الشرقية يتعرضن إلى البغاء القسري في البحرين.
وتابع التقرير «واصلت الحكومة التحقيق في عدد من قضايا البغاء في البحرين، وقاضت نحو تسعة أشخاص من المسئولين عن حالات البغاء القسري في البحرين في الفترة التي شملها التقرير، كما أنها ساعدت 17 من الضحايا. ومع ذلك، لم تكن هناك تقارير توضح جهود الحكومة في معاقبة جرائم الاتجار بالبشر أو اتخاذها خطوات رسمية للتعرف على الضحايا من أجل تحسين الجهود لحماية الضحايا خلال الفترة التي تناولها التقرير. ومثل هذا الأمر جعل هناك فجوة في جهودها لمكافحة الاتجار بالبشر غير المشروع».
فيما تضمنت توصيات وزارة الخارجية الأميركية للبحرين، بمواصلة تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر الصادر في العام 2008، والاهتمام بالتحقيق ومقاضاة المتورطين في جرائم الاتجار بالبشر، وخصوصاً المتعلقة بالعمل القسري، وإصلاح نظام الكفالة للقضاء على العقبات التي تحول من دون لجوء العمالة الأجنبية إلى القضاء لتقديم الشكاوى.
كما أوصى التقرير بالتحقيق الجدي في الشكاوى التي تصل إلى الخط الساخن المخصص لهذا الغرض، وتطبيق الإجراءات الرسمية لتحديد ضحايا الاتجار بالبشر من الفئات الضعيفة، كخدم المنازل الذين فروا من أرباب عملهم المسيئين لهم إضافة إلى المتورطات في أعمال البغاء.
ودعا كذلك إلى ضرورة تعريف الضحايا ببرامج الحماية التي توافرها الدولة، وتوسيع مركز الإيواء الذي تديره الحكومة لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، بما فيهم ضحايا العمل القسري من الذكور، على ألا يكون ذلك المركز سبيلاً لتقييد حركة الضحايا، وأن يضم موظفين مؤهلين ويتحدثون لغات العمالة الوافدة، مع التأكيد على ضمان عدم معاقبة ضحايا الاتجار بالبشر المتورطين في الأعمال غير القانونية كنتيجة مباشرة للاتجار بهم، كالهجرة غير الشرعية أو الدعارة، وتوسيع نطاق حماية قانون العمل لعاملات المنازل للتأكد من أن لديهن نفس الحماية التي يكفلها القانون للعمال الأجانب الآخرين.
وفي الجانب المتعلق بمقاضاة المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر، أشار التقرير إلى استمرار حكومة البحرين ببذل جهود معتدلة لملاحقة جرائم الاتجار بالجنس خلال الفترة المشمولة بالتقرير، إلا أنه انتقد عدم قيام البحرين بأية جهود لمعاقبة المتورطين بالعمل القسري.
وأشار إلى أن قانون مكافحة الاتجار بالبشر في البحرين يحظر جميع أشكال الاتجار بالأشخاص وينص على عقوبات تتراوح بالسجن بين ثلاثة إلى 15 عاماً، وهي ما اعتبرها التقرير بالعقوبات الصارمة بما فيه الكفاية.
ونوه إلى أن البحرين حققت في 12 حالة اتجار بالجنس، حوكم المتورطون في خمس حالات منها خلال الفترة المشمولة.
وأوضح التقرير بأنه في حالة واحدة، عوقب اثنان من المتورطين بالسجن والغرامة على إجبار النساء على ممارسة الدعارة، بينما أدين سبعة آخرين بالسجن خمسة أعوام وغرامات مالية لتشغيل شبكة للدعارة.
بيد أن التقرير انتقد في الوقت نفسه عدم قيام الحكومة بإجراء تحقيقات كافية أو التي تنطوي على معاقبة المتورطين في العمل القسري على الرغم من التقارير التي تشير إلى أن عاملات المنازل يواجهن ظروف العمل القسري.
أما على صعيد الحماية، فأشار التقرير إلى أن البحرين لم تسجل أي تقرير عن تحقيقها أي تقدم في مجال تحسين حماية ضحايا الاتجار بالبشر خلال العام الماضي، ناهيك عن أنها تفتقر إلى الإجراءات الرسمية التي تحدد الضحايا بين الجماعات الضعيفة، مثل العمالة المنزلية التي تركت أرباب عملها أو النساء اللواتي قبض عليهن بتهمة الدعارة، والذين نتيجة لذلك وقعوا ضحايا الاتجار المحتملين الذين اتهموا بارتكاب انتهاكات العمل أو قوانين الإقامة، ويتم ترحيلهم من دون حماية كافية.
وجاء في التقرير: «اتُهم في كثير من الأحيان العمال الأجانب الذين تمكنوا من الفرار من أصحاب العمل الذين يسيئون إليهم بأنهم هاربين، وحكم عليهم بالسجن لمدة أسبوعين وترحيلهم».
وتابع التقرير «استمرت الحكومة في تمويل دار الأمان الذي يضم 120 سرير وتديره منظمات غير حكومية لإيواء ضحايا العنف الأسري. وهذا المأوى ساعد 17 من ضحايا البغاء القسري خلال الفترة المشمولة بالتقرير».
كما أوضح التقرير أن الغالبية العظمى من الضحايا كانت تلجأ إلى سفاراتها أو إلى مركز الإيواء التابعة لجمعية حماية العمال الوافدين، إلا أن منفذي القانون لايزالون غير معتادين على إحالة ضحايا سوء معاملة العمال أو الاتجار بالبشر إلى هذين المركزين.
وتطرق إلى تقرير سابق لإحدى المنظمات الدولية الذي أكد أن الضحايا الذين يلجئون إلى مراكز الإيواء هذه، يتم تقييد حرية تنقلهم، كما أن هذه المراكز تفتقر إلى الموظفين المؤهلين، ناهيك عن عدم توفيرها الإيواء طويل الأجل أو منافع السكن للضحايا.
ونوه التقرير إلى أن حكومة البحرين شجعت الضحايا على المشاركة في التحقيق ومقاضاة المتاجرين، إلا أن الضحايا من العمل، عادة لا يتقدمون بشكاوى أمام المحاكم ضد أصحاب العمل بسبب الخوف أو الجهل بالقانون وعدم الثقة في النظام القانوني، وعدم القدرة على تحمل تكاليف التمثيل القانوني، وانعدام الترجمة الشفوية والتحريرية التي تقدمها المحاكم، والخوف من فقدان تصاريح الإقامة خلال الإجراءات القانونية، وتجنب سوء المعاملة الإضافية على يد صاحب العمل.
كما أشار التقرير إلى أن الحكومة لم تقدم بدائل قانونية لإعادة الضحايا الأجانب إلى بلدانهم، وأنه على الرغم من أن وزارة الداخلية واصلت تشغيل خط ساخن مجاني لضحايا الاتجار بالبشر، إلا أنها لم تعلن عن عدد المكالمات التي تلقاها هذا الخط من الضحايا أو كيف تم مساعدة المتصلين على هذا الخط.
وفي إجراءات منع وقوع حالات اتجار بالبشر، أشار التقرير إلى أن الحكومة بذلت جهداً واضحاً لمنع الاتجار بالبشر خلال الفترة المشمولة بالتقرير، وأنه في حين أن وزارة العمل ألغت نظام الكفيل، إلا أن ذلك لم يكن مجدياً تماماً في منع الاتجار بالبشر.
وأشار التقرير كذلك إلى أن إلغاء نظام الكفالة لم يشمل نحو 70 ألف من العمالة المنزلية، على الرغم من كونها الفئة الأكثر عرضة للاتجار، وعلاوة على ذلك فإن القانون الذي يمنع حجز جوازات سفر العمال لم يطبق على نحو فعال، وأن هذه الممارسة لاتزال واسعة الانتشار، وهي ممارسة شائعة تقيد التنقل للعمال المهاجرين وتسهم في العمل القسري
العدد 3217 - الثلثاء 28 يونيو 2011م الموافق 26 رجب 1432هـ