العدد 3216 - الإثنين 27 يونيو 2011م الموافق 25 رجب 1432هـ

التيار الوطني الديمقراطي والمهمة غير المستحيلة (1)

محمود القصاب comments [at] alwasatnews.com

.

إن المرحلة الراهنة التي يمر بها بلدنا بكل أثقالها وحمولتها السلبية، والمهمات الوطنية والسياسية والاجتماعية التي تتطلبها، وكذلك الآفاق الطموحة التي تراود عقول وقلوب المخلصين من أبناء هذا البلد، في سبيل اجتياز هذه المرحلة العصيبة، والعبور بالوطن ومعه إلى ضفاف المستقبل الذي يليق بشعب البحرين، هذا الشعب الذي لا حدود لطيبته وصبره، إن مثل هذه المرحلة بظروفها المصيرية، تفرض على قوى التيار الوطني الديمقراطي تحديات وطنية وسياسية، مطلوب التعامل معها بروح من المسئولية والعزيمة، فهذا التيار هو توجه وطني سياسي اجتماعي يرفض التخندق والاصطفاف الطائفي، ومنفتح على كل القوى والمكونات السياسية والاجتماعية وعلى الشخصيات الوطنية، التي يهمها إرساء ديمقراطية عادلة وحقيقية في البحرين، وتتطلع إلى بناء «دولة مدنية» تسود فيها العدالة الاجتماعية، ويحتكم الشعب فيها إلى دستور وقانون يجري تطبيقه على الجميع بغض النظر عن الموقع الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي والطائفي، كما أن التيار الوطني الديمقراطي يهمه أن يرى ويعمل من أجل وطن حُرٍّ ذي سيادة، آمن مستقر «رحيم بكل أبنائه» حاضن لهم جميعاً دون أية تفرقة أو تمييز على أساس الانتماء السياسي أو المذهبي والعرقي.

لذلك فإن أحد «العناوين» الرئيسية للتحدي الذي يواجه التيار الوطني الديمقراطي اليوم هو إثبات قدرته على أخذ دور الرافعة السياسية التاريخية» لإخراج الوطن من محنته الطائفية وأزمته السياسية، حيث تلقي الأوضاع الراهنة بظلالها على المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد، في لحظه تاريخية من المنتظر أن تتوجه فيها كل القوى السياسية وبعض المكونات المجتمعية والشخصيات الوطنية إلى «طاولة» الحوار وهي (القوى المشاركة) حاملة معها خصوماتها السياسية الحادة، وانقساماتها المذهبية العميقة، كما تحمل معها تصوراتها واجتهاداتها المتضاربة والمتناقضة حد «التعارض» الأمر الذي يجعل من التجمع أو مؤتمر الحوار مفتوحاً على كل الاحتمالات والتوقعات...

في تقديرنا أن أخطر «وضع» أو «حالة» يمكن أن تشكل تهديداً حقيقياً لفرصة الحوار المنتظرة، هي تلك «الحالة» التي يراد لها أن تأخذ الوطن برمته وتحاصره عند «خيارين قاتلين» لا ثالث لهما، الأول فرض «المعادلة الطائفية» في تحديد طبيعة أطراف الحوار ومنطلقاته وكذلك تحديد سقف نتائجه وقراراته... وكما هو معروف ومعلن أن هذه الرؤية تمثل خياراً استراتيجياً لدى بعض الأطراف المدعوة للحوار مسنودةً «بجوقة» من «الدعاة»، ووراءها مكنة محترفة تعمل على إشاعة مثل هذا التصور القائم على الطائفية وتأجيجها وتضخيم المخاوف المذهبية بغرض دفع الوضع إلى مزيد من الاصطفاف الطائفي تماشياً مع النهج الذي تتبعه تلك الأطراف، أما الخيار الثاني هو إعلان فشل الحوار دون التوصل إلى اتفاق أو «توافق» حول القضايا المطروحة، وهو ما يعني الفشل في إخراج البلد من أزمته المستعصية، والفشل في العودة به مجدداً إلى مسار «سكة» المشروع الإصلاحي الديمقراطي الذي يقوده جلالة الملك، بعد أن أخرجته الأحداث الأخيرة عن هذا المسار وانحرفت به إلى حيث جرى تغليب وفرض الحلول الأمنية على البلاد...

وهذا الخيار (المراهنة على فشل الحوار) كما يبدو هو الآخر يمثل هدفاً «استراتيجياً» عند البعض، خاصة عند «الطرف» الذي لم يكن يؤمن يوماً بالحوار وغير مقتنع به، لا من قبل ولا من بعد، وهو اليوم يتطلع ويعمل على إفشاله هذه المرة أيضاً، كما «أفشله أول مرة».

من هنا لا يمكن قراءة كل «الإجراءات» و «الخطوات» التصعيدية خارج سياق هذا التوجه، وخاصة أنه لم يعد يفصلنا عن موعد انطلاق الحوار سوى بضعة أيام.

لذا ليس مستغرباً أن يلجأ هذا الطرف إلى كل ما «ملكت أيمانه» من «وسائل» و «أوراق» للعب بها على متناقضات الوضع السياسي والاجتماعي المحتقن أصلاً - واعتماد نهج يقوم على سياسات الانتقام والتنكيل والكراهية، وتعميق الجراحات وآلام الناس، للدفع بالوضع إلى مزيد من التأزيم سياسياً وإنسانياً، إلى درجة يبدو معها «الحوار» واستمرار المشاركة فيه نوعاً من العبث أو اللهث وراء سراب لا طائل من ورائه.

هكذا تبدو الصورة ودرجة قتامتها، إذا ما قبلنا برهن الوطن عند هذين الخيارين المريرين، والنتائج المتوقعة لمثل هذا الوضع الذي سيأخذ البلاد حتماً إلى هاوية سحيقة

إقرأ أيضا لـ "محمود القصاب"

العدد 3216 - الإثنين 27 يونيو 2011م الموافق 25 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً