الموظّف المتميّز معروف أمام الجميع بانضباطه الوظيفي، واهتمامه بتفاصيل عمله، حتّى أنّك لا تجد انتقاداً لعمله، سوى عدم توقّفه عن العمل، فهو يحاول أن يكون كاملاً والكمال لله.
ولكن هناك موظفاً متمرّداً لا يراعي أصول المهنة، ولا يهتم بقرارات مديره، والدنيا عنده سواء، ذهب إلى العمل باكراً أو متأخّراً، لا يهتم بالعمل المناط به، ودائم الخروج أو الغياب، وكذلك دائم الجدال!
يا تُرى هل تمرّده بسبب ما أم أنّ شخصيته هكذا، غير مبالٍ البتّة؟ هل زاد الإحباط عليه بحيث أصبح لا يستطيع أداء عمله؟ أم أن تراكم المشكلات غير المتناهية في العمل وعدم شعوره بجدوى العمل هو ما جعله متمرّداً وغير مُطيع؟
نعرف بعض الأشخاص ممّن أعطوا في أعمالهم يداً وساعداً وقدماً، ولكن جلّ ما حصلوا عليه هو النهر والاستبداد من المسئولين، أما آخرون فإنهم يجدون في العمل تضيعة وقت وتسلية، مستهزئين بما في أيديهم، ويريدون الصعود من دون أدنى تعب، ويصلون بواسطة من أحد ما، أو عن طريق التملق والوصولية.
ما يهمّنا اليوم هو أداء الموظف، وما نسلط عليه الضوء هو عمله الذي سيغيّر عن طريقه الكثير من المسائل، وإن كان الموظّف متمرّداً، فلابد للمسئولين عنه من معرفة أسباب التمرّد، وخصوصاً إذا كان شعلة من النشاط ونحلة دؤوبة من التنظيم والإخلاص.
إننا لا نريد أن نخسر المبدعين بل نريد زيادتهم في الأعمال، فهم من تُبنى عليهم المؤسسات، سواء الحكومية أو الخاصة، وهم من يرقون بالمؤسسة ويجعلونها أنموذجاً يحتذى به. ولكن إن كثُر الإحباط عليهم، وضُغِطوا من قبل الآخرين، فإنهم كالغريق الذي «يدوس على التريش» كما يقول المثل الشعبي، وهذا يعني أنّه ضايع ضايع، فما جدوى شطته في أمور العمل، مادام عقله لا يقيّم على أساس الإبداع الذي يُعطيه!
قد تكون كلمة طيّبة من قبل المسئول كالبلسم لدى بعض الموظّفين، إذ تجعلهم يعملون بجد ونشاط من أجل إرضاء هذا المسئول، فالحب يحرّكهم من أجل العمل الناجح المُعطي، وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على نجاح الإداري في عمله، فالنعيق والصراخ قد لا يؤدّيان إلى نتيجة مُرضية، ولكن الكلمة الطيّبة هي التي تبقى في النهاية، وليس التهديد والوعيد كذلك.
نعرف تلك المديرة التي أدارت مؤسستها بإبداعٍ تام، فكان الجميع يلتزم بالوقت، فقط لحبّهم لها، وإن كان هناك عمل مناط بهم، فإننا نجدهم سبّاقين إلى إنجازه، فالمودّة والشعور بتحمّل المسئولية، جعل الجميع أسرة واحدة تهتم بتفاصيل الأمور ودقائقها.
لنهتم بالموظّف لأنّه عمود المؤسسة، وهو الذي يُنجحها ويُميّزها، وهو الذي يُنزل من مستواها، وإن عجز مسئولٌ من تمرّد موظّفيه، فإنّ عليه اتباع نظرية هذه المديرة، عندما زرعت الحب فحصدت العمل الدؤوب والمودّة والرضا الوظيفي من قبل موظّفيها، فهي كانت ومازالت مثالاً حيّاً على إبداع المسئول، وخصوصاً مع المتمرد منهم
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 3216 - الإثنين 27 يونيو 2011م الموافق 25 رجب 1432هـ
الضحية
كلامك عين الصواب وأنا واحد من المتمييزين في العمل ولكن الأحداث الأخيرة وبشهادة احد أعضاء لجنة التحقيق التي شكلت من قبل المؤسسة قال أنني ضحية.