هذه الهواجس نبعت من الشارع، ويتداول تساؤلاتها الناس حالياً، فمنهم من يظن بأنّ وصول الحوار في يد رئيس المجلس النيابي هو خطوة لإنجاحه، ومنهم من يرفض تدخّل الظهراني، ويريد الحوار بين الحاكم والشعب، حتى تخرج البحرين من الأزمة الحالية.

ولكن للأسف الهواجس التي تحوم حول الحوار قبل أن يبدأ، كلّها سلبية لا تبشّر بخير، والبحرين لا تستحمل أكثر مما واجهته من موجة أحداث سيّئة منذ مطلع فبراير/ شباط 2011، وإنّنا اليوم نريد أن نضع أيدينا على الجرح حتى لا يدمي، ويتحوّل إلى مأساة لا تُحمَد عقباها.

هل الأطراف التي دخلت في الحوار الوطني هي الأطراف صاحبة المشكلة؟ وهل تمثّل الغالبية؟ أم إنّها أطراف محايدة تحاول إيصال المطالب إلى الحكومة لتبت في قراراتها؟ وهل سينجح الحوار بناء على وجود هذه الأطراف، وخاصة أنّ أحدهم يعتبر عنصراً رئيسياً في الأزمة التي تمر بها البحرين؟

لابد لنا من حل هذه التساؤلات، حتى لا يخرج الحوار من «المولد بلا حمّص»، أي يخرج ضعيفاً لا يؤدّي غرضه في تهدئة الأوضاع داخل البحرين، إذ من الجلي لنا أنّ الهدف من الحوار هو مصلحة البحرين العامة، ولكن إن لم نصل إلى هذا الهدف، فإنّ الحوار سيفشل قبل أن يبدأ.

المعارضة لديها مطالب، والحكومة تريد تسوية الأمر من أجل البحرين، والشعب يريد الحلول السياسية؛ فيجب أن تحسب الدولة حسبتها صحيحاً في مسألة الحوار، وعلى المعارضة أن تحاول التأقلم مع الوضع من أجل الشعب، فلقد شبعنا طائفية وتقسيماً وضغطاً، وما يريده الناس هو الإصلاح فقط، حتى لا تطول الأزمة أكثر، فلقد خسرنا 4 شهور مضنية، ولن يفيدنا الدخول في معارك أخرى!

الجميع يكتب عن الحوار، وشتى أطياف المجتمع البحريني تناقشه في مجالسها وعند اجتماعاتها ببعضها البعض، فلا السياسي قادر على حل المشكلة، ولا الشارع العادي يستطيع التدخّل. إذاً لابد من قراءة دور الأطراف التي ستساهم في الحوار، إن كانت تناسب المساهمة، وإلا فإنّ تغييرها أولى.

دوّامة الحوار وهواجس نجاحه أو فشله متوقّفة على الحكومة أوّلاً وعلى طرف المشكلة ثانياً، سواء المعارضة أو من طالب ببعض الحقوق من أجل تحسين الأوضاع المعيشية، ففي النهاية، والله العالم كيف ومتى سنخرج من الأزمة الموجودة حالياً في شوارعنا وبيوتنا وعلى شاشات تلفزيوناتنا، لنتحوّل إلى مجتمع يبني ولا يهدم؟

حتى نحقّق هذا الهدف (الحوار الناجح)، يجب علينا دراسة أساس المشكلة، وتعقّب رواسبها الأصلية، ومن ثمّ معرفة مع من يجب الحوار، وكيف يتم؟ ومن بعد هذه الهواجس، سنتبصّر بنجاح أو فشل الحوار الوطني