العدد 3213 - الجمعة 24 يونيو 2011م الموافق 22 رجب 1432هـ

الغريفي يدعو للإصلاح السياسي الواقعي لتحقيق طموحات الشعب

قال رجل الدين السيدعبدالله الغريفي: «يجب أن تُمسح مسحاً كاملاً كلَّ مخلَّفات القرار الأمني، لكي يتفاءل الشعب تفاؤلاً حقيقياً بالحوار الوطني»، مبيناً أن «لا يمكن أن يتفاءل هذا الشعب في زحمة أوضاع أمنيَّةٍ قاسية، ولا يمكن أن يتفاءل أبناء هذا الشعب مادامت الملاحقات والاعتقالات مستمرّة وقائمة، ومادامت التسريحات من الوظائف والأعمال والمدارس والجامعات تُلاحق النّاس في كلِّ وقت وآن».

شدد الغريفي، خلال حديثه الأسبوعي مساء يوم أمس الأول (الخميس)، على أن «ينطلق مشروعٌ جادٌّ وحقيقيٌّ للتفاهم والحوار، لا يكفي أن تُحشّد أعدادٌ كبيرةٌ من اللاعبين في حلبة الحوار، لا نتحدّث هنا عن اشتراطاتٍ تسبق الحوار، إنّما الحديث عن مناخاتٍ صالحةٍ للحوار، عن متطلَّباتٍ ضروريَّةٍ للحوار، عن اقتلاع أشواكٍ من طريق السائرين نحو طاولة الحوار».

وأوضح الغريفي «هناك فرقٌ بين اشتراطاتٍ مُسبَقةٍ تُعَقِّد انطلاق الحوار، وتُعقِّد مسار الحوار، وبين اشتراطاتٍ موضوعيَّةٍ لنجاح حركة الحوار، وهذا أمرٌ في غاية الضّرورة والأهمّية».

وأضاف أن «الحديث عن المناخات، والمتطلّبات، والمعوّقات، حديثٌ يجب أن يسبق الحوار لا من أجل إرباك الحوار، وإنَّما من أجل إنجاح الحوار.

وتابع أن «الخشية كلّ الخشية حينما يفشل الحوار، وعندها سنسمع من يتّهم فلاناً، وجماعةً، وكتلةً أنّهم وراء هذا الفشل، ووراء هذا الإجهاض»، مشيراً إلى أن «لنجاح أيّ حوار معايير، ثمّ إنّ للتفاؤل مكوّناته، وبمقدار ما تتوافر هذه المكوِّنات، يقوى التفاؤل، وينشط الأمل، فكم هي مكوّنات التفاؤل موجودة وقويّة؟».

ورأى الغريفي ضرورة أن «تُعالَج بجرأةٍ المآزق الواقعيّة التي أنتجت الأوضاع المأزومة في هذا البلد، وإنّ أيّة مداهنةٍ أو مجاملةٍ أو معالجةٍ خجولة، فسوف لن تزيد الأمور إلاّ تأزّماً و توتّراً واحتقاناً».

وقال: «إن غياب المعالجة الجادّة والحقيقيّة والجريئة، لن يضع هذا الوطن في المسار الصحيح، إنّنا نريد أن يتعافى هذا الوطن من جميع مآزقه وأزماته وخصوصاً السياسية، والتي إن كُتب لها المعافاة ستنعكس على بقيّة الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصادية والأمنيّة، بينما إذا بقي المشكل السّياسي قائماً، فلن تقوى بقيّة الأوضاع على المعافاة». وذكر الغريفي أن «ما يطمح إليه أبناء هذا الشعب إصلاحٌ سياسيّ يُرضي قناعتهم، ويُعالج أزماتهم، ويدفع بهذا الوطن في اتّجاه الأمن والأمان والاستقرار، وليس مجرّد ملامساتٍ شكليّة لا ترقى إلى مستوى التغيير الحقيقي، والمعالجة الجادّة، الأمر الذي لن يشكّل حلحلة لأزمات البلد وتعقيداته، ولن يساهم في إنتاج واقعٍ جديدٍ قادرٍ على الاستجابة لحاجاتِ المرحلة بكلّ تحدّياتها وإشكالاتها وضغوطاتها»، موضحاً أن «ما عادت الحلول السّياسيّة الترقيعيّة تُرضي طموحات الشعوب في ظلّ متغيّراتٍ كبيرة تشهدها المنطقة، وفي ظلّ إصرارٍ دولي على ضرورة أن تستجيب الأنظمة الحاكمة لإرادات الشعوب، وخياراتها المشروعة».

ورأى الغريفي أن «إذا كانت هناك عزيمةٌ صادقة في إنقاذ هذا الوطن وحماية مصالحه الكبرى، وتوفير كلّ الخير لأبنائه بلا تمييز على أساسٍ من دينٍ أو مذهبٍ أو لغةٍ أو لونٍ، فيجب إعادة صوغ المشروع السّياسي صوغاً عادلاً، يوفِّر للشعب مشاركةً حقيقيَّةً وفاعلة، حينئذ فقط ستنتهي الأزمات الصعبة التي تهدِّد أوضاع هذا الوطن، وستنتهي المآزق التي تحاصر هذا الشعب».

وواصل الغريفي توضيحه لما يجب أن يتحقق ليتفاءل الشعب بالحوار، وقال: «يجب أن تتوقّف خطابات الكراهية والتحريض والتخوين، وتحت مسمَّياتٍ وعناوين متعدِّدة، ومن المؤسف أنَّ الإعلام الرسمي يُساهم بشكلٍ كبيرٍ في إنتاج هذا الخطاب التحريضي»، منوّهاً إلى أن «لسنا ضدّ المحاسبة والنقد وحراسة أوضاع البلد، وحماية مصالح الشعب، والدفاع عن أمن الوطن واستقراره، إلاّ أنّ ما يحدث ليس نقداً ولا محاسبة، ولا حراسة، ولا حماية، ولا دفاعاً، وإنَّما هو شحنٌ وتأجيجٌ وتوتيرٌ وتأزيمٌ وظلمٌ وعدوانٌ، وإذا استمرّ الوضع على هذا المنوال فسيتراكم غضبٌ مضادٌ، وكراهيةٌ مضادَّة، وشحنٌ مضادّ، وعندها تصوَّروا أيّ مآلٍ مدمِّرٍ ينتظر هذا البلد، وأيّ مصيرٍ مرعب يواجه هذا الشعب».

واعتبر أن «وجود هذا الخطاب هو أحد الأسباب الكبيرة للقضاء على أيّ شكلٍ من أشكال التفاؤل، لا نريد أن نزرع التشاؤم، واليأس، إلاّ أنّ إنتاج التفاؤل والأمل يحتاج إلى عوامل ومكوّنات أكثرها غائبٌ في الوقت الراهن، وحينما نُصرّ على ضرورة وجود هذه العوامل والمكوِّنات، فمن أجل صالح هذا الوطن، وبقدر ما يتجذَّر هذا الوجود يقوى الشُّعور بالرِّضا والاطمئنان والتفاؤل لدى أبناء هذا الشعب بكلِّ مكوِّناته وأطيافه وتنوعاته».

وأفاد الغريفي بأن المخرج لما تمر به البحرين، هو الحل السياسي، والذي يتمثل في «إنهاء المرحلة الأمنيَّة بكلِّ تداعياتها ومخلَّفاتها، وإذا كانت السلطة ترى أنّ الخيار الأمني كان ضرورة، كونه يفرض هيبة النظام حينما تتعرّض هذه الهيبة للاهتزاز، وكونه ينهي الانفلات والفوضى والعبث، وكونه يفرض أمن الوطن وأمن المواطن، فنحن مع هيبة النظام ولكن ليس مع بطش النظام، ونحن مع مواجهة الانفلات ولكن لسنا مع مصادرة حقّ المواطن في أن يعبِّر عن رأيه وِفقَ الطرق السلميّة المشروعة، لسنا مع قمع حريّة التعبير في المطالبة بالحقوق العادلة». وأكد أن «نحن مع أمن الوطن وأمن المواطن ولكن لسنا مع الكثير من الإجراءات التي أرهقت الوطن والمواطن».

وأشار إلى أنه يجب أن «يتحرّك تفاهمٌ جادّ وحقيقي، بهدف معالجة ما تعيشه البلد من أزماتٍ ثقيلة، أمّا إذا كانت اللقاءات للاستهلاك السِّياسي والإعلامي، فهي لقاءاتٌ ضارةٌ وفاشلة».

ودعا الغريفي إلى «الإصلاح السِّياسي الواقعي الشّامل الذي يحقِّق للشعب كلّ آماله وطموحاته العادلة، ويؤسِّس لحياةٍ آمنةٍ مستقرِّة، وإنهاء خطابات التأزيم، من أجل خلق أجواء هادئة تساهم في إنجاح أيّ مشروعٍ سياسي جادّ وصادق».

وحذر الغريفي بقول: «إذا غابت هذه المكونات والاشتراطات أو غاب بعضها، فلن يتحرّر البلد من أزماته ومآزقه وتعقيداته، وسيبقى المواطن يعاني المحن والشدائد». وتطرق الغريفي في نهاية حديثه، إلى الأحكام الصادرة بحق 21 متهماً بقلب نظام الحكم، وبينهم رموز سياسية، وقال: «ما صدر أخيراً من أحكامٍ في حقِّ رموزٍ دينيَّةٍ وسياسيَّةٍ، وبعض المواطنين، يُشكِّل تعقيداً في المشهد السِّياسي في مرحلةٍ تتَّجه المساعي لإنقاذ البلد من أزماته ومآزقه».

وبيّن أن «لسنا هناك في صدد الحديث عن حيثيَّات هذا الحكم وملابساته على رغم وجود اعتراضاتٍ دوليّة على هذه المحاكمات، وعلى هذه الأحكام، ما نريد تأكيده هناك أنَّ مرحلة التوافق الوطني في حاجةٍ إلى مناخاتٍ غير هذه المناخات، وإلى أجواء غير هذه الأجواء، إذا كانت هناك نيَّةً جادّةً في الخلاص من أزماتٍ سياسيَّة وأمنيَّة معقَّدة وصعبة تحاصر هذا الوطن»

العدد 3213 - الجمعة 24 يونيو 2011م الموافق 22 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً