من المقرر أن تنهي المجالس البلدية للمحافظات الخمس (الشمالية، المحرق، العاصمة، الوسطى، الجنوبية) أعمالها ضمن الدور الأول من الفصل التشريعي الثالث بصورة نهائية خلال الأسبوع المقبل كحد أقصى، على أن تبدأ إجازة الأعضاء البلديين لفترة 3 أشهر اعتباراً من شهر يوليو/ تموز وحتى سبتمبر/ أيلول 2011.
وحددت المجالس البلدية أيام الاثنين والأربعاء والخميس (28 و29 و30 يونيو/ حزيران 2011) من الأسبوع المقبل لعقد آخر جلستها الاعتيادية من الدور الأول، في الوقت الذي سينهي بلدي الوسطى دوره الأول يوم الخميس من هذا الأسبوع (23 يونيو).
وتراوح عدد الجلسات من مجلس لآخر، إذ عقد بلدي المحرق 14 جلسة اعتيادية من انطلاق الدور، بينما لم تعقد بعض المجالس إلا 12 جلسة فقط بسبب ظروف مختلفة، بيد أن ذلك لا يعد مخالفة أو إشكالاً قانونياً.
ويعد الدور الأول من هذا الفصل التشريعي من الأدوار الأكثر إرباكاً على صعيد العمل البلدي منذ انطلاقه في العام 2002، وخصوصاً مع تطور الأوضاع المطلبية والأمنية في البلاد خلال الأشهر الأربعة الأخيرة. علماً بأن المجالس جاءت محبطة بعد إحباط مجلس النواب تمرير مقترح بتوسيع صلاحياتها وإعطائها سلطة أوسع رسم ملامحها الأعضاء البلديون بناءً على تجارب مسبقة.
وأقفلت المجالس دورها الأول في ظروف مختلفة، فمجلس بلدي العاصمة سيقفل هذا الدوار في الوقت الذي مازال يناقش فيها موازنته التي رفضها وزير البلديات بسبب محدودية الموارد، وذلك على رغم انقضاء 6 أشهر من السنة المالية المزمع اعتمادها لها. فضلاً عن توقيف أمين سر المجلس وعدد كبير من الموظفين على خلفية الأحداث الأخيرة وتأثر العلاقة بينه والجهاز التنفيذي بالبلدية بعد إقحام المجالس البلدي في الشأن السياسي.
وأما بالنسبة لبلدي الشمالية، فهو يعد من المجالس البلدية الأكثر تأثراً خلال هذه الدور، ففي الوقت الذي يهمش المجلس البلدي من قبل وزارة البلديات في الكثير من المنعطفات منذ الفصل التشريعي الثاني بسبب اعتراض المجلس على مشروعات ضخمة مخالفة وانتقاد الوزارة وآلياتها بشأن أمور مختلفة، تم تعطيل المجلس بصورة غير مباشرة ضمن قرارات اعتبرها المجلس سياسية وليست قانونية من خلال وقف كل موظفي أمانة السر الـ 44 عدا 6 منهم، والذي كان من بينهم أمين السر زهير إبراهيم، بالإضافة إلى قطع كل حلقات التواصل بين المجلس الوزارة عدا الخطابات الرسمية، فطالما أبدت رئاسة المجلس عدم رد وزير شئون البلديات خلال الفترة الأخيرة حتى على الاتصالات الهاتفية المباشرة، بينما يحدث العكس مع المجالس الأخرى.
وبناءً على ذلك، أغلق بلدي الشمالية كل أقسامه لعدم وجود موظفين (فصل بعضهم نهائياً)، ومن هذه الأقسام: قسم المنازل الآيلة للسقوط، قسم مشروع التنمية الحضرية، قسم المتابعة والتنسيق، قسم العلاقات العامة والإعلام، وغيرها من الأقسام الحيوية. فضلاً عن رفض موازنته أيضاً بسبب طلبه إضافة على المقترح من الوزارة.
هذا ولعبت الظروف السياسية التي شهدتها البلاد دوراً بارزاً في تأثر العملية الدينامكية للمجالس البلدية، حيث أقحمت بعض المجالس عنوة بحسب الظاهر في التجاذبات السياسية وأسفر عن ذلك تراجع ملحوظ على صعيد العمل البلدي على رغم ترهله في الفترة ما قبل التطورات السياسية في البلاد بسبب شح الموازنات وتعطل الكثير من المشروعات وغيرها.
وبين كل ذلك، شهدت مجالس بلدية أخرى مشكلات مشابهة خلال هذه الدور، لكن الدور تطور إلى قيام بعضها بإسقاط عضوية أعضائها بسبب ادعاء مشاركتهم في مسيرات واحتجاجات مخالفة للقانون وتشويه سمعة البلاد وغيرها من لتهم. فالمحرق ذهب إلى إسقاط عضوية عضو الدائرة السادس محمد عباس، ووافق الوزير على ذلك، إلا أن المشكلات والخلافات الشخصية التي تظهر من حين لآخر بين الأعضاء والتي تطال حتى رئيس المجلس عبدالناصر المحميد بدت طاغية على سير العمل بالمجلس، وهو ما نفاه المجلس رسمياً مراراً بعد أن تطرقت إليه الصحافة المحلية في إطار الانتقاد، فضلاً عن حالات الشد والجذب المتكررة لدى الأعضاء أنفسهم وبعض الموظفين بالبلدية وأمانة السر لم تكن لصالح العمل البلدي نهائياً بقدر ما كانت خلافات شخصية. وهي الصورة النمطية التي تكونت على بلدي المحرق خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ انتخابات رئاسة المجلس.
وفيما يتعلق بمجلس بلدي الوسطى، فلم يكن وضعه مختلفاً تماماً عن المجالس الأخرى، فهو أيضاً سيقفل هذا الدور وسط إيقاف أمين السر جعفر الهدي عن العمل وكذلك عدد كبير من الموظفين بأمانة السر، بالإضافة إلى تعطل بعض المشروعات بسبب الظروف العامة والأخرى المتكررة لدى وزارات محددة مثل الإسكان تحديداً. لكن الحدث الأكبر على صعيد هذا المجلس، هو إسقاط عضوية 4 من أعضائه على خلفية الأحداث الأخير وللأسباب نفسها التي طرحها بلدي المحرق حين صوت لإسقاط عضوية ممثل الدائرة السادسة هناك، إلا أن بلدي الوسطى قرر إسقاط عضوية حتى نائب رئيس المجلس عادل الستري، ليكمل المجلس مسيرتها منذ شهرين تقريباً حتى الآن بنصف أعضائه، وهو ما ساهم في تأثر عمل المجلس بصورة كبيرة على رغم النفي الرسمي لذلك من جانب رئيس المجلس عبدالرزاق الحطاب.
وأما مجلس بلدي الجنوبية، فقد كان بعيداً عن كل ذلك، ويعد من المجالس الأقل تأثراً مقارنة بالمجالس الأربعة الأخرى، إذ لم يواجه إيقاف موظفي أمانة سره ولا عدم اعتماد موازنته. وسعى إلى تمرير مشروعاته ومتابعاته بصورة هادئة على رغم بعض الشوائب الواردة بينه والجهاز التنفيذي وغيرها.
«الشمالية» الأكثر تضرراً
وعلى صعيد مجلس بلدي الشمالية، تحدث نائب رئيس المجلس سيدأحمد العلوي موضحاً أن «العمل البلدي للدور الأول من الفصل التشريعي الثالث يعد من أقل الأدوار إنتاجية وعملية على صعيد المجالس البلدية الخمسة حتماً نظراً لظروف مختلفة»، مبيناً أن «بلدي الشمالية أعد خطة حتى العام 2014 للتنفيذ، لكن هذه الخطة بدت شبه معطلة ومعرقلة بسبب عدم إقرار الموازنة وتعطل تمرير وتنفيذ المشروعات من جانب الوزارات والمؤسسات اللاحقة».
وأضاف العلوي «كان من المفترض أن يكون هذا الدور واعداً بالإنجازات التي من المفترض أن تنطلق، لكن ومع رفض وزارة البلديات موازنة المجلس وقطع الاتصال والتنسيق المباشر لأغراض سياسية بعيدة تماماً عن الشأن البلدي، أنهى الدور بلا إنجاز حقيقي يذكر عدا بعض المشروعات التي تنفذها وزارة الأشغال طبقاً لبرنامج معتمد لديها»، مشيراً إلى أن «المجلس البلدي بدا مهمشاً بصورة غير رسمية من قبل الوزارة منذ الدورة الثانية».
وبين نائب رئيس بلدي الشمالية أن «المشروعات الإسكانية مازالت متأخرة من حيث التنفيذ على رغم وعود وزارة الإسكان بالبدء في تنفيذها مع مطلع العام 2011، فمشروع الوحدات الإسكانية بالمدينة الشمالية مثلاً وكذلك الآخر المعني بالدائرة الأول مازال مصيرهما مجهولاً على رغم ترسية المناقصات وتحديد الفترة الزمنية لبدء التنفيذ التي تم تخطيها بفترة طويلة. فضلاً عن بعض السواحل التي تم وضع حجر الأساس إليها لكن لم يتم تحريك ساكن فيها لحد الآن، وكذلك عدم وجود نوايا فعلية للبدء في تنفيذ عدد آخر من المنازل الآيلة للسقوط المدرجة على قوائم الانتظار منذ أعوام والاكتفاء الرسمي بالتعويل المشروع القائم حالياً المعني بتنفيذ الـ 1000 منزل حتى نهاية 2012. علماً بأن هناك تأخيراً كبيراً على مستوى مشروع الترميم لعدد كبير من الطلبات».
وذكر العلوي أن «كل هذه الأمور تجعل الأمور أكثر تعقيداً على صعيد العمل البلدي ممثلاً في المجلس، وكذلك على صعيد وزارة شئون البلديات، فمع تراكم الطلبات وتأخر المشروعات من حيث التنفيذ والسعي حثيثاً للتميز في اعتماد الموازنات وتخصيص أخرى للمشروعات الخدمية، يخلق التضارب بين الجناحين (المجلس البلدي ووزارة البلديات)، فضلاً عن تشكيل حزمة مؤجلة من المشروعات والطلبات المدرجة على قوائم الانتظار على صعيد مختلف المشروعات».
وألحق نائب رئيس بلدي الشمالية مبيناً أن «من ضمن الأسباب التي دفعت نحو تقيم متدنٍ للدور الأول على صعيد بلدي الشمالية، هو توقيف مدير عام البلدية عبدالكريم حسن عن العمل لفترة 3 أشهر على ما يبدو على خلفية الأحداث الأخيرة، وكذلك أمين سر المجلس زهير إبراهيم وكل موظفي أمانة السر الـ 44 الذين لم يفصل بعضهم نهائياً وتبقى منهم حالياً 6 فقط».
وواصل العلوي أن «التواصل الإيجابي مع وزارة البلديات والوزير تحديداً يعد معدوماً منذ الدور الثاني من الدورة الثانية للمجلس البلدي بسبب أمور مختلفة لم يتم التوافق عليها بين الطرفين، ثم تعزز ذلك ضمن أغراض سياسية باتت واضحة مؤخراً».
واختتم نائب رئيس بلدي الشمالية بأن «كل ذلك لا يعني عدم تحقق أمور إيجابية، أو أن المجلس بات معطلاً ولم يقم بتنفيذ أي من المهمات المنضوية تحت مظلته، بل وردت مشروعات وموضوعات مختلفة تصب في صالح المواطنين مباشرة، لكنها لم تكن بالمستوى والشكل المضمون الذي يطمح إليه المجلس البلدي».
«العاصمة» والإصرار
على الاستمرار
وأما فيما يتعلق بمجلس بلدي العاصمة، أفاد عضو المجلس عن الدائرة الثامنة صادق البصري، بأن «الدورة الأولى بالنسبة لبلدي العاصمة شهدت تأثراً سلبياً بشكل كبير، بينما سارت أخرى بصورة اعتيادية طبيعية».
وقال: «إن الأحداث التي مرت على البلاد تسببت في تأثر بعض الأمور على صعيد المجلس بشكل سلبي، لكن كانت في مقابلها أمور إيجابية تحققت بصورة طبيعية».
وذكر البصري مفصلاً «بالنسبة للمراسلات الرسمية التي تتم بين وزارة شئون البلديات والمجلس المتعلقة بمشروعات المنازل الآيلة للسقوط والتنمية الحضرية والترميم وغيرها، تمر بصورة طبيعية، والخطابات والردود من كلا الطرفين تمرر بصورة طبيعية». مشيراً إلى أن «الموازنة شكلت عبئاً على المجلس بسبب عدم إقرارها بناءً على رفضها من قبل الوزير بسبب محدودية الموارد بعد طلب المجلس إضافة على الأخرى المقترحة من قبل الوزارة، فاللجنة المالية والقانونية مازالت تناقش الموازنة في إطار التقشف المطلوب من المجلس، على أن يتم تقليص ما تمت إضافته إلى النصف، وكل ذلك يجري في الوقت الذي انتهت فيه نصف سنة مالية من دون موازنة معتمدة».
وأضاف العضو البلدي أن «الأحداث الأخيرة التي مرت على البلاد أثرت على العمل البلد بشكل كبير، ولا أحد بإمكانه نفي ذلك والادعاء بعكسه تماماً، فالفترة الحرجة خلال الأشهر الثلاثة الماضية أثرت بشكل كبير، لكن من خلال التواصل المستمر من جانب المجلس مع وزارة الأشغال وهيئة الكهرباء والماء على سبيل المثال، حسن الأمور ودفع نحو تنفيذ كل ما هو إيجابي لصالح الخدمات البلدية التي تمس المواطنين مباشرة». منوهاً إلى أن لدى «المجلس مشكلة باتت واضحة مع وزارة الإسكان التي فقد الاتصال معها، فهناك عدة مشروعات موقفة من قبل الوزارة على صعيد العاصمة من دون أي إخطار أو إعلام للمجلس، في الوقت الذي لم يتم الرد فيه على أي من خطابات المجلس الاستفسارية بشان ذلك»، منوهاً إلى أن «المجلس طلب عدة مرات لقاءات مع الوزير إلا أن ذلك لم يحدث بعد».
وتطرق البصري إلى ما يتعلق بتوقيف بعض الموظفين عن العمل بأمانة سر المجلس، وأوضح أن «أمين سر المجلس موقف عن العمل، وكذلك عدد كبير من الموظفين والمقررين، ولا أحد يستطيع أن ينكر مدى تأثير ذلك على سير العمل بالمجلس، إلا أن الأخير قام بتنفيذ عملية تعويضية على صعيد الموظفين بمختلف الأقسام والإدارات لتلافي حدوث شواغر، الأمر الذي شكل ضغطاً على الموظفين الموجودين حالياً».
واختتم البصري حديثه مبيناً أن «المشروعات المتعلقة بالحدائق والمشروعات الخدمية المقرة تتم الآن متابعة تنفيذها ضمن الإجراءات الإدارية والتنفيذية بشكل طبيعي، لكن لا نقول إنه لا يوجد تأثير بالمرة، لأن هناك علاقات تأُثرت بشكل كبير، فالمجلس كان يعمل على سبيل المثال بتناسق وتعاون أكثر مع الجهاز التنفيذي، وهو ما بدا مختلفاً مؤخراً». منبهاً إلى أن «إقحام المجالس البلدي في الشأن السياسي والتمييز فيما بينها على هذا الأساس لن يكون في مصلحة أحد، فالنتيجة واضحة حالياً بشأن عدم فاعلية وإيجابية المجلس للدور الأول بناءً على ما أشرت إليه آنفاً»
العدد 3213 - الجمعة 24 يونيو 2011م الموافق 22 رجب 1432هـ